تتحدث الإحصائيات عن ملايين الفتيات الجزائريات اللواتي لم يركبن قطار الزواج وأدخلن قهرا وقسرا في نفق العنوسة رغم أن هذه الأرقام نفسها تقر بأن اللواتي شملتهن هذه الإحصائيات فوق سن 25 عاما، بمعنى أن الفتيات دون الثلاثين معنيات بهذه الأزمة، والغريب أنه في وجود هذا العدد الكبير من المؤهلات للزواج إلا أن الكثير من الرجال المقبلين على الارتباط، يشتكون من عدم وجود العروس المناسبة، أو "بنت الفاميليا" التي بات البحث عنها يستغرق سنوات طويلة، وقد ينتهي الأمر بالشاب بعد أن يضنيه البحث إلى الارتباط بأي فتاة تقابله أو يختارها له أهله حتى إن كانت مواصفاتها بعيدة عن شروطه الكثيرة، بما فيها" الفاميليا" ليكتفى ب "بنت" ويغض الطرف عن ماضيها إذا كان فيه ما يعيب أو ما يثير الشكوك والمخاوف مقنعا نفسه بالقول "هذه هي السلعة" المتوفرة. وفي هذه الحالات التي اخترناها، يتضح أن الرجال الذين تعثروا في الوصول إلى المرأة المناسبة ليست لديهم مشكلة في الارتباط بفتاة في الثلاثين أو فوقه بقليل، فكيف يتواجد هذا العدد الكبير من الفتيات غير المرتبطات ولا يجد الرجل فرصة الزواج التي يتمناها؟!. تقول السيدة حورية عن ابنها، إنها لا تبالغ عندما تقول إنها بدأت تبحث له عن عروس وهو في سن ال 27 ولم تجدها حتى الآن وهو على مشارف الأربعين، عقد من الزمن أمضته في البحث عن امرأة تشعرهم بالاطمئنان، مضيفة أن الفتاة الجميلة موجودة ولكن السمعة الطيبة هي المشكلة الكبيرة التي باتت تقابلها كلما سعت إلى الخطبة، ولذلك صار أقاربها يبحثون معها على العروس المناسبة ولكنها لم تصل إليها حتى الآن. وحول هذا الموضوع أيضا، تقول نعيمة إن جارتها طلبت منها أن تساعدها على إيجاد فتاة تنتمي إلى أسرة محترمة وتكون جميلة الشكل ولا يهم إذا كان سنها قريب من الثلاثين، لأنها يئست وهي تبحث عنها لعدة سنوات لابنها الذي تعدى الثلاثين، وبعد أن أبلغت نعيمة قريبتها بهذا الأمر أخبرتها أنها تعرف فتاة جميلة من عائلة غنية ومحترمة ففرحت أم العريس فرحا شديدا واصطحبت ابنها لرؤيتها، ولكنها صدمت من جرأتها الزائدة وأسلوبها في الكلام، وما صدمها أكثر مظهرها واستعمالها "تاتو" الحواجب الذي جعلها تشك في أخلاقها، ورغم جمالها الصارخ إلا أنها قررت هي وابنها عدم العودة إليها، حيث أخبرت جارتها أنها لا تناسبهم من حيث الأخلاق والتربية. أما إيمان فتقول أن أخاها كلفهم بخطبة فتاة محترمة من عائلة محافظة، ولكنهم مازالوا في رحلة البحث عنها، وكلما وجدوا عروسا اكتشفوا أنها تفتقد إلى أحد الشرطين، إما الجمال أو "الفاميليا" ما كلفهم مصاريف كثيرة في شراء "التورتات" وسبب لهم الإحراج مع عائلات الفتيات. ولم تجد يسمينة سببا للتسرع الذي أبداه ابن أختها في خطبة زميلة له في الجامعة رغم أنه مازال في سن صغيرة، إلا عندما أخبرتها أختها أن ابنها أسر لها أن الفتاة تتمتع بأخلاق عالية وليس من السهل العثور عليها في هذا الزمن الذي انحرفت فيها أخلاق الفتيات وصرن يتزوجن بعد مغامرات عاطفية متعددة مع الشباب، بل إن بعضهن كما تقول، يبقين على علاقة معهم حتى بعد الزواج الأمر الذي تسبب في ارتفاع معدلات الطلاق. "بنت الفاميليا" هي الفتاة التي نشأت في عائلة ذات أصل طيب، وكبرت على الأخلاق الحميدة والتربية السليمة، ولكن الظاهر أن مجتمعنا اليوم لم يعد يلقي بالا للقيم والمبادئ وصار يربي أبناءه ذكورا وإناثا تربية "مادية" و"مصلحية"، وصارت الأم التي من المفترض أن تكون قدوة لابنتها تحرضها على ربط علاقات عاطفية مع الشباب واستغلالهم ماديا وإقناعهم للتقدم لخطبتها بالتلميح تارة وبالتصريح تارة أخرى، ولي الذراع عندما يستعصى عليها الأمر، ناهيك عن الأثر السيئ للتكنولوجيا والعولمة التي قضت على الكثير من القيم الأخلاقية التي بات ينظر إليها على أنها تخلف ورجعية، وهو ما الأمر الذي تسبب في هذه "الندرة " الحاصلة في بنات "الفاميليا". ومثلما نتحدث عن "بنت الفاميليا"، نتحدث أيضا على "ولد الفاميليا" الذي صار عملة نادرة تنتظره المرأة لسنوات طويلة وقد لا تحظى إلا برجل لا يشبهها في الأخلاق ولا تجد معه الأمان الذي كانت تتمناه، ولكن قطعا توجد بنات وأبناء "الفاميليا" في كل مكان، والله وحده القادر على أن يجمع بينهما حتى وإن بعدت بينهما المسافة.