لا يختلف اثنان على أن الشاب الجزائري اختار العزوبية مكرها، بسبب كثرة العوائق التي تقف اليوم حجر عثرة في طريق الكثير منهم من أجل إكمال نصف دينه، ومن بين هذه العوائق غلاء المعيشة والمهور وارتفاع تكاليف الحياة، إضافة إلى فئة أخرى من الشباب الذين اختاروا العزوبية التي راو أنها ملاذا أمنا وتهربا من المسؤوليات . ظاهرة العزوف عن الزواج من الظواهر المنتشرة في المجتمع الجزائري ،و تعتبر من أهم الأسباب في انتشار شبح العنوسة بين النساء ، فارتأت الاتحاد أن تسلط الضوء عليها فقامت بدردشة مع المواطنين في إحدى شوارع العاصمة لتستطلع آراءهم حول الموضوع. طموح فتاة اليوم الدراسة لا تكوين أسرة و إذا كانت الماديات من أبرز العوامل المؤدية إلى نفور هؤلاء الشبان من دخول القفص الذهبي فإن محمد من العاصمة ، له وجهة نظر مختلفة، فثقته في الفتيات الجزائريات تلاشت وانعدمت إذ يقول: "إن تطور الفتاة ومواكبتها للحياة العصرية جعلها تتخلى عن مبادئها خاصة بعد دخولها الحياة الجامعية حيث تلقاها تصاحب أكثر من صديق، فهي بين عشية وضحاها تغير أكثر من صديق"،و يواصل: "شخصيا لقد اخترت البقاء أعزب حتى لا أصاب بصدمة بعد الزواج". نفس الشيء لعمر من درارية، الذي يقول: " هم الفتاة الآن هو الدراسة ونيل أكبر عدد ممكن من الشهادات الجامعية لا تكوين أسرة، وإذا ما قررت الارتباط في يوم ما فسأكلف أمي بهذه المهمة وشرطي الوحيد في الزوجة أن تكون "بنت دار". رياض..شروط الزواج تعجيزية يقول رياض معلم من القبة ، وعمره ستة وثلاثون عاما: " لقد استبعدت من بالي فكرة الزواج أصلا رغم ضغوط والدتي المتواصلة، فمن أين لي بتأمين متطلبات الزواج؟؟ فعائلة العروس تفرض شروطا تعجيزية والعروس ذاتها متطلبة كذلك لقد خطبت مرتين وفسخت الخطوبة للأسباب ذاتها، ورغم أني أتقاضى مرتبا يتعدى ثلاثين ألف دينار، إلا أنه لا يكفي، المعيشة صعبة وتوفير الحاجيات الأساسية للعيش هو همي الآن"، ثم أجاب بحسرة، "الله يكون في عوننا نحن الشباب؟؟"، " السكن المريح، السيارة الفاخرة والزوج السخي" ذاك ثالوث مواصفات فتى أحلام الفتاة الجزائرية.هكذا تحدث لنا منير 32 سنة الذي يعمل في مقهى صغير في أحد شوارع العاصمة، مضيفا أنه إذا كانت الفتاة متعلمة و"بنت جامعة" فتلك الطامة الكبرى، فهي لا تتوانى عن إملاء شروطها التعجيزية وكأنها ملاك، ناسية أو متناسية أن هناك طابورا عريضا من الفتيات وحاملات للشهادات أيضاً على قائمة الانتظار بعد أن ركبن قطار العنوسة. وللجنس اللطيف أراء حول الموضوع لقد أصبح الطموح العلمي للفتاة من العوامل الرئيسية التي أدت لتفشي ظاهرة العنوسة وسط الجزائريات، حيث ترفض المرأة الزواج ممن يتقدم إليها حتى تحصل على الماجستير والدكتوراه وتبقى على هذه الحال حتى يفوتها قطار الزواج وتجد نفسها في الأخير عانساً، فالكثير من النساء من هذه الفئة اخترن طواعية أن يكن عوانس لأنهن يرفضن الزواج بمفهومه الحالي، أي وسيلة لتسلط الرجل على المرأة وإحكام سيطرته عليها وعلى ممتلكاتها حسب الكثير ممن التقينا بهم،عفاف، فتاة جميلة ومتخلقة ومن عائلة محافظة، تقدم لها عشرات من الشبان من ذوي المستوى العالي لكن رغبتها في إتمام شهادة الماجستير جعلتها ترفض كل من يطلب يدها بل وتعتبره عائقا أمام طموحاتها، لكنها الآن تقف نادمة ومتحسرة بعد أن فاتها قطار الزواج، وصارت على مشارف الأربعين، تؤكد عفاف" أنها مستعدة للزواج من أي شاب يطلب يدها حتى ولو كان جاهلا فالمهم لديها الآن هو "إنجاب طفل قبل سن اليأس"، حكاية مريم لا تبتعد كثيرا في تفاصيلها عن حكاية عفاف، وهي طبيبة مختصة في أمراض العيون وتستجيب لكل المواصفات التي يتمناها أي رجل، مشكلتها تكمن في أهلها الذين رفضوا الشاب الذي أحبته بحجة أن مستواه أقل بكثير من مستوى ابنتهم حيث تقول: "زميلي معلم، وضعيته الاجتماعية متوسطة وحين تقدم لخطبتي سمع ما يكره من والدتي، لذلك أنا الآن وحيدة في مجتمع لا يرحم، الأخلاق هي ذاتها السبب التي جعلت من شهرزاد تتردد في الارتباط لكنها تعكس الهجوم وتتهم الشبان الذين لا يفكرون جديا في الارتباط وبناء علاقة عاطفية. مختصون في علم الاجتماع يرى مختصون اجتماعيون أن الشباب مجبرون وليسوا مخيرين فعزوف الشباب الجزائري عن الزواج لا تجوز بالمعنى الصحيح حسبهم، نظرا لكون الشاب أو الفتاة ليس مخيرا دائما في اتخاذ قرار الزواج إذ تقف عدة عوامل حائلا لاتخاذ هكذا نوع من القرارات المصيرية، فهناك معوقات ابتدعها المجتمع من ناحية وفرضتها الحياة العصرية من ناحية ثانية، فارتفاع المستوى التعليمي والثقافي للفتيان والفتيات في الجزائر وكلفة الزواج ومسألة الحصول على سكن وسيارة، وتربية الأبناء، إلى غير ذلك من متطلبات الحياة الزوجية العصرية والتي لم تعد تقتصر على العمل والأكل والإنجاب فقط، بل تحتاج أيضا إلى التأقلم مع متطلبات الحياة وتحدي عصر التكنولوجيا والتعامل معها، ومع ارتفاع كل هذه المطالب ارتفع سن الزواج لدى الرجل والمرأة حتى أصبح من الطبيعي أن تتزوج الفتاة فوق الثلاثين، وفي المقابل فإن انفتاح الشباب الجزائري على الغرب أدى بدوره إلى بروز أشكال جديدة للإشباع العاطفي خارج أطر الزواج، بالتالي تراجعت قيمة الأسرة لحساب أولويات أخرى كالدراسة والرغبة في التحرر المادي والمعنوي، كما أن ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الجزائري خلق حذرا ورهبة لدى الشباب من مسألة الزواج، و أنه هناك اصطداما بين الجيل القديم الذي حدده في آبائنا والجيل الحاضر المتمثل في جيل الشباب، في نظرتهم للزواج، كما أكدوا أن معظم الشباب يمتنعون عن الزواج بالأقارب خوفا من المشاكل الصحية التي قد تضر بالمولود.