ماذا يعني أن تقصي وزارة العمل 13 نقابة من قائمة النقابات التي تنشط في إطار القانون؟ وما المعايير التي اعتمدتها الوزارة في هذا التّصنيف الغريب الذي شطب نقابات معروفة بنشاطها الكثيف وتمثيلها الواسع في القطاعات التي تنشط فيها على غرار نقابات قطاع التربية؟ إذا أرادت الوزارة معاقبة نقابة "الكناباست" التي شنت إضرابا مفتوحا في بعض الولايات استمر أكثر من ثلاثة أشهر، وألحق أضرارا واضحة بالمؤسسات التربوية، فإن هذا العقاب لا يكون بإعدام هذا التنظيم كليا ومسح 12 نقابة معتمَدة معه، ومتى كان العقاب الجماعي حلا للمشاكل المطروحة؟ ومن الواضح أن وزارة العمل اختارت الوقت المناسب لتعلن إعدام النقابات المستقلة، وذلك بعد حالة التذمّر العام لدى الرأي العام الوطني من إضراب "الكناباست" الذي شل الدراسة في ولايتين كبيرتين دون تقديم مطالب واضحة، اللهم إلا بعض النقاط الواردة في محضر موقّع عام 2014 تقول النقابة إن مديريات التربية لم تلتزم بها، وعليه، فإن استغلال التذمر العامّ من الإضرابات لتصفية العمل النقابي أمرٌ لا يمكن السكوت عنه، لأنه ضربٌ لأحد المكتسبات الرئيسة في مجال العمل. لقد أثبتت الممارسة النقابية خلال السنوات الأخيرة أن الوصاية هي التي تتجاوز الإجراءات القانونية وتمارس التعسُّف في التعامل مع النقابات من خلال التعامل مع نقابات غير تمثيلية بعقد لقاءات رسمية معها لتكسير النقابات التي تتمتع بتمثيل واسع في المؤسسات التابعة إلى مختلف القطاعات، ولنأخذ الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين مثلا، وهو نقابة لها باع طويل في تأطير العمل النقابي والدفاع عن مصالح الموظفين وتقديم الحلول والمقترحات لمختلف القضايا المطروحة. ونفس الأمر يقال عن باقي النقابات الواردة في القائمة المعلنة من قبل وزارة العمل، التي وجدت نفسها خارج قائمة النقابات التي تنشط في إطار القانون، بينما أبقت وزارة العمل على نقابات لا وجود لها في الواقع، ولا تتمتع بتمثيل كبير في الأوساط العمالية، وهو اعتداءٌ واضح على الحق الدستوري في ممارسة العمل النقابي. لا حلَّ للأزمات الاجتماعية المتفجرة في مختلف القطاعات إلا بالحوار بين مختلف الفاعلين، وكسر النقابات المستقلة سيؤدي لا محالة إلى مزيد من الأزمات والاهتزازات، لأن إزالة الطرف الذي يمثل العمال والموظفين معناه أن الوصاية ستكون في مواجهة مباشرة مع مئات الآلاف من الموظفين وليس مع تنظيم نقابي أو أكثر يمثلهم.