قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن على الولاياتالمتحدة أن تستقي العبرة من العراق وترحل عن سوريا وتعهد باستعادة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً عبر المفاوضات أو بالقوة. وقال الأسد في مقابلة بثتها قناة "روسيا اليوم"، الخميس، ونشر الإعلام السوري الرسمي نصها باللغة العربية، أنه بعد تحرير مناطق عدة في البلاد "باتت المشكلة الوحيدة المتبقية في سوريا هي قوات سوريا الديمقراطية" المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن. وتعد قوات سوريا الديمقراطية القوة العسكرية الثانية الأكثر نفوذاً بعد القوات الحكومية، إذ تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، وقد خاضت المعارك الأقسى ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عدد من هذه المناطق لا سيما الرقة، وتمكنت من طرده منها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية الذي يوفر الغطاء الجوي لعملياتها ويدعمها بالتدريب والسلاح. وقال الأسد: "سنتعامل معها عبر خيارين، الخيار الأول هو أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات لأن غالبية هذه القوات هي من السوريين.. إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة، ليس لدينا أي خيارات أخرى، بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم". وأثبتت قوات سوريا الديمقراطية التي تعد الوحدات الكردية عمودها الفقري فعالية في قتال تنظيم "داعش" خلال السنوات الأخيرة. وهي تنفذ حالياً هجوماً على الضفاف الشرقية لنهر الفرات ضد التنظيم لطرده من آخر الجيوب التي يتحصن فيها. ويتزامن ذلك مع هجوم مماثل تقوده القوات الحكومية بدعم روسي على الضفاف الغربية للفرات الذي يقسم محافظة دير الزور (شرق) إلى جزأين. وحققت القوات الحكومية خلال العامين الأخيرين تقدماً ميدانياً كبيراً وتمكنت منذ بدء روسيا تدخلها العسكري في سبتمبر 2015 من استعادة زمام المبادرة على جبهات كثيرة في البلاد على حساب التنظيمات الجهادية والفصائل المعارضة في آن معاً. وتمكن الجيش الشهر الماضي من السيطرة بشكل كامل على الغوطة الشرقية التي شكلت منذ العام 2012 أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق. كما استعاد السيطرة على أحياء في جنوبدمشق كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش" منذ العام 2015. "الأمريكيون سيغادرون" وكرر الرئيس السوري التأكيد على أنه "من المستحيل أن نتعمد ترك أي منطقة على التراب السوري خارج سيطرتنا كحكومة"، معتبراً أنه عند فشل تحقيق "المصالحات"، فإن "الطريقة الوحيدة التي يمكن اللجوء إليها هي استخدام القوة". وقال الأسد، إن على "الأمريكيين أن يغادروا (سوريا) وسيغادرون بشكل ما"، معتبراً أنه "بعد تحرير حلب وبعدها (مدينة) دير الزور وقبل ذلك حمص والآن دمشق، فإن الولاياتالمتحدة في الواقع تخسر أوراقها". على صعيد آخر، قال الأسد: "كنا قريبين من حدوث صراع مباشر بين القوات الروسية والقوات الأمريكية (في سوريا). ولحسن الحظ تم تحاشي ذلك الصراع.. بفضل حكمة القيادة الروسية لأنه ليس من مصلحة أحد في هذا العالم، وبالدرجة الأولى السوريين، حدوث مثل هذا الصراع". وشنت واشنطن مع باريس ولندن الشهر الماضي ضربات جوية على مواقع عسكرية في سوريا، على خلفية اتهام دمشق بتنفيذ هجوم كيماوي مفترض في الغوطة الشرقية قرب دمشق، نفى الأسد مسؤوليته عنه بالكامل. وأثار هذا التصعيد خشية من تصعيد مع روسيا، أبرز داعمي الأسد. ورداً على سؤال حول الهدف من إجلاء عشرات الآلاف من السوريين من مناطق سيطرت عليها القوات الحكومية إلى إدلب (شمال غرب)، قال الأسد: "نحن لم نرسل هؤلاء إلى إدلب، بل هم أرادوا الذهاب إليها لأن لديهم الحاضنة نفسها"، مضيفاً "هذا أفضل بالنسبة لنا من منظور عسكري". وشهدت سوريا عمليات إجلاء عدة، أبرزها من محيط دمشق، توجه خلالها معظم الخارجين من مناطق شهدت قتالاً وحصاراً، إلى إدلب التي باتت تستضيف مع مر السنين، عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين المعارضين. "لا قوات إيرانية"! واتهم الأسد سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي شنت مؤخراً سلسلة ضربات في سوريا ب"الكذب" لدى حديثها عن استهداف قواعد ومعسكرات إيرانية في سوريا. ونفى وجود قوات إيرانية في سوريا، متحدثاً عن "ضباط إيرانيين يساعدون الجيش السوري لكن ليست لديهم قوات". وأضاف "الحقيقة الأكثر وضوحاً التي تثبت كذبهم في هذه القضية، أي قضية الإيرانيين، هي أن الهجمات الأخيرة قبل بضعة أسابيع التي قالوا أنها استهدفت قواعد ومعسكرات إيرانية كما زعموا، أدت إلى استشهاد وجرح عشرات السوريين، ولم يكن هناك إيراني واحد". لكن مزاعم الأسد حول عدم وجود قتلى إيرانيين تتناقض مع تصريحات طهران التي أكدت مقتل سبعة على الأقل من قواتها في سوريا إثر الضربات الإسرائيلية الأخيرة. كما أن روسيا نفسها أجرت مشاورات بعد الضربات الإسرائيلية في سوريا مع طهران وتل أبيب ودعتهما إلى ضبط النفس ووقف التصعيد بينهما في سوريا، مما يؤكد وجود قواعد إيرانية في سوريا على خلاف ما قاله الأسد. وخلال الأسابيع الماضية، استهدف الجيش الإسرائيلي مرات عدة مواقع عسكرية في سوريا أبرزها ليلة التاسع والعاشر من ماي، عندما أعلنت قصف عشرات الأهداف الإيرانية رداً على هجوم صاروخي قالت إنه إيراني على الجولان المحتل. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان حينها مقتل 23 مقاتلاً على الأقل بينهم إيرانيون جراء تلك الضربات. وتشهد سوريا منذ أكثر من سبع سنوات نزاعاً دامياً، بدأ باحتجاجات سلمية قبل أن يتم قمعها بالقوة وتتحول إلى حرب مدمرة تشارك فيه أطراف داخلية وخارجية، ما تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتهجير أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. #UPDATE Syria's Assad threatens to take back areas controlled by US-backed Kurdish forces https://t.co/IcOk3Kun7Q pic.twitter.com/gsGZsIMfes — AFP news agency (@AFP) May 31, 2018