فتحت محكمة الجنايات بالدار البيضاء في العاصمة، الأربعاء، ملف "الجاسوس" المدعو "ب.أ"، ويتعلق الأمر بنائب برلماني سابق، قام بتزويد دول أجنبية بمعلومات سرية عن الجزائر، من بينها مخطط لهيكلة مؤسسات سيادية، وتسليمهم تقارير دورية ومفصلة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية، مقابل تلقيه مبالغ مالية بالعملة الصعبة تراوحت بين 250 و500 أورو عن كل تقرير. تفاصيل الملف حسب جلسة محاكمة المتهم، والذي تقلد عدة مناصب مهمة، منها ملحق ومستشار ونائب برلماني، وكذا إطار بوزارة الشباب والرياضة، انطلقت من بلاغ تقدمت به زوجته لدى أجهزة الأمن شهر مارس 2017، بعد عثورها على عدة تقارير مسجلة داخل جهاز الحاسوب الخاص به، تضمنت أخبارا ومعلومات مفصلة عن الأوضاع في الجزائر، إلى جانب ملاحظاته للعلاقة المشبوهة بينه وبين إطارات في السفارة الاسبانية، ومراسلته الدائمة لهم عبر حسابه الالكتروني وكذا عبر تقنية "الواتساب" و"الفايسبوك". واستغلالا للمعلومات التي وردت بمحضر التبليغ، باشرت مصالح الأمن تحرياتها حول المتهم وترصد تحركاته، ليتم ضبطه متلبسا بعقد لقاءات رفقة مستشار بالسفارة الاسبانية واثنين من مساعديه عدة مرات داخل مقاه العاصمة. وبتوسيع رقعة التحري، تحصلت الشرطة على أمر بالتفتيش صادر عن وكيل الجمهورية المختص إقليميا لمنزل المتهم الكائن بوسط العاصمة، أسفر عن حجز مبالغ مالية بعملة أجنبية ذات فئة 50 أورو وحامل معلومات "فلاش ديسك" يحتوي على عدة تقارير تخص الوضع الاقتصادي والسياسي بالجزائر، وتفاصيل عن مؤسسات وهيئات رسمية، كل ذلك كانت تتلقاها الجهات الأجنبية عبر تقنية "الواتساب" من رقم هاتف المتهم. كما اتضح من خلال التحقيقات في الملف أن هذا الأخير استعمل حاسوب زوجته ومقاهي الانترنت لنسخ وإعداد جزء من هذه التقارير، وتجهيزها في أظرفة، ثم تسليمها للأسبان خلال لقاءاته بهم، غير أن مصالح الأمن أطاحت به في 22 أفريل 2017. وأثناء استجواب المتهم الأربعاء من قبل قاضي الجنايات، تراجع عن اعترافاته السابقة خلال التحقيق أمام الضبطية القضائية، وصرح انه تعرف على مستشار في السفارة الاسبانية في الخارج وتوطدت العلاقة بينهما، ليقوم بإرسال تقارير عن الجزائر له بحسن نية من أجل مناقشتها لا أكثر، وأنّ الرسائل المسترجعة من حسابه الخاص قام بإرسالها عن طريق الخطأ، كما اتهم زوجته السابقة بالانتقام منه بسبب خلافهما العائلي ولا صلة تربطه بتهمة التجسس لصالح دول أجنبية. وردا على تصريحاته، تم سماع طليقته كشاهدة في الملف، حيث أكدت أن علاقتها بزوجها كانت طيبة ومستقرة، غير أن عثورها على رسائل وتقارير تمس بأمن الجزائر، جعلها تفكر في الانفصال عنه وتبليغ مصالح الأمن. وأمام المعطيات التي ناقشتها المحكمة، التمس النائب العام عقوبة المؤبد في حق المتهم، قبل أن تدينه المحكمة ب5 سنوات سجنا نافذا.