في الوقت الذي تطالب فيه وزارة الصحة الجزائريين، بالذهاب إلى المستشفيات العمومية لختان أبنائهم في أحسن الظروف، وهذا طبعا بعد إجراء التحاليل الطبية، لا تزال مصالح جراحة الأطفال والجراحة العامة في أغلب مستشفيات العاصمة ترفض استقبال العائلات التي ترغب في ختان أبنائها لدى القطاع العمومي. والغريب أن الواقع في هذه المستشفيات يؤكد عكس ما دعت إليه وزارة الصحة عبر بيانها الذي أرسلته إلى وسائل الإعلام!.. رحلة بحث عن رخصة قبول إجراء الختان في مصالح الجراحة العامة واستعجالات جراحة الأطفال، من مستشفى مصطفى باشا، إلى مستشفى لمين دباغين"مايو" بباب الوادي إلى مستشفى نفيسة حمود"بارني"، وأخيرا مستشفى بلفور بالحراش، وإن تستثني مستشفى لمين دباغين، أين كانت تستقبل مصلحة الجراحة العامة، عمليات الختان وبطريقة محتشمة وأغلبها تابعة لجمعيات خيرية، فإن باقي المستشفيات أغلقت أبوابها في وجه عمليات الختان المطلوبة من طرف المواطنين والحجة هي إضراب الأطباء المقيمين. البداية كانت من مستشفى مصطفى باشا، حيث تم توجيهنا إلى مصلحة الاستعجالات لجراحة الأطفال، بمجرد أن سألنا ممرضا عن إمكانية تسجيل عملية ختان في المصلحة، ردّ سريعا "إن المصلحة أوقفت إجراء الختان هذا رمضان"، لكننا لم نكتف بتصريح الممرض، خاصة وأن إحدى السيدات التي كانت تحمل بين يديها ابنها الذي خضع لعملية جراحية عن مرض ما، أكدت لنا أنها حضرت عملية ختان لطفل مريض كان قد أجريت له عملية جراحية. دخلنا بعدها إلى مكتب السكرتارية داخل المصلحة، فأكد لنا أحد الأطباء واثنين من العاملين معه، أن المصلحة لا تستقبل عمليات الختان، والسبب واضح وهو إضراب الأطباء المقيمين، إضافة إلى وجود عطب في الكهرباء في ناحية من المصلحة، ثم وجهونا إلى مصلحتي أمراض المسالك البولية، والجراحة العامة. ورغم أننا استبعدنا أن تتكفل مصلحة أمراض المسالك البولية، بعمليات الختان، إلى أننا ذهبنا إليها واستفسرنا عن ذلك، فقالوا لنا باستغراب "منذ متى تجرى عمليات الختان في هذه المصلحة ؟!". وبعد أن قصدنا مصلحة الجراحة العامة، تبين لنا أن الختان ب"المعريفة"، وأن الطبيب الجراح تطوع لإجراء عمليات محدودة وهي تتعلق بأبناء موظفي المصلحة بالدرجة الأولى، ثم القائمة التي قدمتها بلدية سيدي امحمد في إطار العمل الخيري، والتي تتعلق بالعائلات المعوزة. ففي البداية، قابلنا ممرض يعمل في المصلحة، أنكر علمه بعمليات الختان، وهل تستقبلها المصلحة أم لا، وسمعته سيدة كانت تجلس بالقرب منا، فصرخت قائلة "إن المصلحة هي من تقوم بعمليات الختان هذا العام، وإنها ستستقبل العائلات مع نهاية هذا الأسبوع"، لكن إحدى الممرضات قاطعت كلامها، وأكدت أن العمليات لا تعني إلا أبناء الموظفين في ذات المصلحة، وهو ما أكدته ممرضة أخرى. هذه الأخيرة، نصحتنا بالدخول إلى الطبيب الجراح والتقرب منه لعل وعسى يعطينا رخصة إجراء عملية الختان للطفل الذي ترغب في ختانه داخل المصلحة، ولكن بعد أن قابلنا سكرتيرة الطبيب أكدت أن عمليات الختان، لا تخص إلا أبناء الموظفين وقائمة أطفال أتت بها بلدية سيدي امحمد. بعدها توجهنا إلى مستشفى باب الوادي، لكن يبدو أن مصلحة الجراحة العامة، تستقبل بطريقة محتشمة عمليات الختان، عكس مصلحة استعجالات الأطفال بحسين داي، التي أوقفت حسب أطبائها، نهائيا عمليات الختان بسبب إضراب الأطباء المقيمين، وهو نفس قرار مصلحة الأطفال لمستشفى بلفور بالحراش. خياطي: وزارة الصحة تناقض نفسها استغرب رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، البروفسور مصطفى خياطي بيان وزارة الصحة الذي بعثته إلى وسائل الإعلام، والذي يطلب من العائلات التي ستقدم على ختان أبنائها في رمضان وخاصة ليلة ال27 من الشهر، أن يتوجهوا إلى المستشفيات العمومية، في حين أن الكثير منها رفضت استقبال عمليات الختان في كلا من مصلحة جراحة الأطفال والجراحة العامة. واعتبر خياطي، هذا البيان، تجاهل صارخ من طرف الوزارة الوصية، في الوقت الذي يؤكد الواقع في مستشفياتها عكس ذلك، وقال إن عدم مواجهة الوزارة القضية بواقعية وبالبحث عن حلول أخرى، هو بمثابة ذر للتراب في العيون. وأكد البروفسور خياطي، أن مصلحة جراحة الأطفال بمستشفى بلفور بالحراش، أوقفت نهائيا إجراء عمليات الختان للأطفال في هذا رمضان بحجة إضراب الأطباء المقيمين، موضحا أن المصلحة لم تجر لحد الساعة أي عملية ختان، حيث تفاديا لوقوع أي شيء من شأنه أن يمس بصحة الطفل، رفضت مثل هذه العمليات خلال شهر رمضان رغم أنها تقع وسط حي شعبي. الدكتور امحمد مبرك: لهذه الأسباب ألغي الختان في المستشفيات أكد الدكتور امحمد مبرك، أستاذ مساعد في جراحة الكلى والمسالك البولية بمستشفى باب الواد، أنّ عملية الختان تعتمد بشكل كبير على الأطباء المقيمين، الذين يقدمون يد المساعدة، وإضرابهم هو السبب الرئيسي في إلغاء كثير من المستشفيات على غرار باب الواد لمين دباغين لعملية ختان الأطفال، وأضاف أنه في مستشفى باب الواد الذي يعمل فيه، يوجد 8 أطباء في الجراحة العامة، لهذا السبب ألغيت عملية ختان الأطفال هذا العام، باعتبار أن العدد غير كاف. مستشفيات "مايو" و بارني" و"بلفور" ترفض استقبال طلبات الختان بعدها توجهنا إلى مستشفى "مايو"، بباب الوادي، حيث جمدت عمليات الختان بسبب العجز. وأكد الدكتور محمد مبرك، أستاذ مساعد في جراحة الكلى والمسالك البولية بمستشفى باب الوادي، أنّ عملية الختان تعتمد بشكل كبير على الأطباء المقيمين، الذين يقدمون يد المساعدة، وإضرابهم هو السبب الرئيس في إلغاء الكثير من المستشفيات، على غرار باب الوادي، لعملية ختان الأطفال. وأضاف أن في مستشفى باب الوادي، الذي يعمل فيه، 8 أطباء في الجراحة العامة، لهذا السبب ألغيت عملية ختان الأطفال هذا العام، باعتبار أن العدد غير كاف. مستشفى نفيسة حمود بدوره، أوقف عمليات الختان بسبب الضغط. ونفس الأمر لمستشفى "بلفور"، الذي جمد عمليات الختان نهائيا… لا ختان في مستشفى بني مسوس ففي جولة استطلاعية قادتنا صباح الأربعاء، إلى مستشفى بني مسوس بالعاصمة، تحت حجة حجز موعد لختان أحد أفراد العائلة، اسقبلتنا سكرتيرة مصلحة جراحة استعجالات الأطفال، المكلفة بتحديد مواعيد الختان ومختلف العمليات الجراحية الأخرى، حيث صرّحت أنهم لا يعطون مواعيد لختان الأطفال خلال الشهر الفضيل، ورغم أننا وجدنا جمعا غفيرا من العائلات التي كانت بصدد ختان أطفالها، إلاّ أن السكرتيرة أصرت على أنه لا توجد مواعيد خلال شهر رمضان بسبب إضراب الأطباء المقيمين، وأضافت أنّ تلك العائلات حجزت مواعيد خلال شهر جانفي، من أجل ختان أطفالها خلال شهر رمضان الجاري، وأكدت أنهم منذ انقضاء شهر جانفي المنصرم، لم يقدموا أي مواعيد لختان الأطفال، ورغم أننا طلبنا منها بإلحاح أن تحجز لنا موعدا قبل حلول عيد الفطر، وقدمنا لها العديد من الحجج، بأن الطفل مريض ولم نجد له مكانا آخر، إلا أن جميع محاولاتنا باءت بالفشل.. ضغط كبير في مستشفى بئر طرارية خرجنا من مستشفى بني مسوس بخيبة أمل كبيرة، متسائلين عن حال الأطفال والعائلات الميسورة الحال التي قررت ختان أبنائها خلال العشرة أيام الأخيرة من الشهر الفضيل، واتجهنا إلى مستشفى بئر طرارية بالأبيار، حيث وجدنا هناك أيضا كما هائلا من العائلات والأطفال الذين كانت تُجرى عملية ختانهم واحدا تلو الآخر، تقربنا من الإدارة فبعثوا بنا إلى قسم جراحة الأطفال، أين استقبلتنا السكرتيرة عزيزة، طلبنا منها موعدا الأسبوع المقبل من أجل ختان طفل، تساءلت عن التحاليل، ثم حجزت لنا موعدا في اليوم الذي اخترناه من دون أي نقاش، كما وقفنا هناك لأزيد من نصف ساعة، إذ ترقبنا كيف كانت تسير عملة الختان، حيث يدخلون الطفل إلى غرفة الجراحة رفقة والديه، وبعد ختانه تتكرر العملية مع طفل آخر.