هل سينفع يا تُرى حجب الفايسبوك خلال الساعات الأولى من البكالوريا، في منع عمليات النشر والتسريب؟ هل تمّ استيراد هذا النموذج الاضطراري من فرنسا مثلا أو إيطاليا أو إسبانيا، التي قالت عنهم وزيرة التربية إنهم بلدان تستنسخ مناهج المدرسة الجزائرية في مدارسها؟ هل فعلا مرور أو انتقال أكثر من 96 بالمئة من تلاميذ "السانكيام" إلى الطور المتوسّط، هو مؤشر جميل يستدعي الرقص والغناء؟ هل العبرة بالأرقام الكبيرة والنسب العالية في تحديد مستوى المتمدرسين في الامتحانات ومختلف الشهادات الرسمية؟ فعلا، المسألة لا تتحمّلها وزارة التربية وحدها، فمديرو المؤسسات التربوية، والأساتذة، ومعهم الأولياء، وطبعا التلاميذ، ينتظرون كلّ نهاية موسم، الترتيب الوطني، ويريد الجميع أن يفتك المراتب الأولى، ويريد هؤلاء وأولئك نسب الانتقال العالية والمعدّلات المرتفعة! الفنتازيا والتنافس على المقدّمة، هو الذي أشاع الغشّ والتدليس ونشر المواضيع وتسريبها، فالمتورّطون والمتواطئون، كلّ حسب ما استطاع وما ملكت أيمانه، "داير رايو" تحت غطاء "الغاية تبرّر الوسيلة"، ولذلك لا عجب لو تورط في النشر أو التسريب أو حتى الغشّ، إطار بالوزارة، أو أستاذ بالمدرسة أو مديرها، أو موظف بديوان الامتحانات، أو حتى وليّ! أتذكّر أننا عندما كنا صغارا، في المدرسة، كنا نسمع كبارا يتناقلون إشاعات لم نتأكد من صدقها أو كذبها إلى اليوم، مفادها أن "هؤلاء" يشترون الأسئلة لأبنائهم، وطالما هناك من يشتري، إذن هناك من يبيع، إلى أن حدثت تسريبات البكالوريا بداية التسعينيات، وحتى إن رافقها بعض التأويل والتهويل والتقليل و"التمهبيل"، فإن استمرار هذه الخروقات إلى الآن يجعل في الأمر إن وأخواتها! هناك من يفسر ما حصل ويحصل، بالمؤامرة، ومنهم من قال إنها "سرقات" من البعض وتشويش ضد البعض الآخر من "الخصوم"، وهناك من يراها فعلا معزولا، وآخرون يعتقدون إنها "مخطط" له أهداف معلومة وأخرى مجهولة لا يعرفها إلاّ ناسجوها وليس منفذوها والمستفيدون منها! مهما كان شكل الموضوع ومضمونه، أهدافه ووسائله، محرّكوه وضحاياه، فإن نشر أو تسريب مواضيع وأسئلة البكالوريا ومختلف الامتحانات الأخرى، هي عملية ضد القانون والأخلاق، تضرب سمعة هذه الشهادات وتقوّض مصداقيتها ووزنها وهيبتها، وعندما يتطوّر الحال ويصل إلى غاية حجب مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا إن دلّ فإنما يدلّ أن الأمر جلل! عقلية النجاح بأيّ طريقة ومهما كان الثمن، هي التي رفعت نسب هذا النجاح أحيانا، وهي التي ضربت المستوى بالمدرسة والجامعة، وهي التي تُخرج "إطارات" لا يفرّقون بين الكفاءة والرداءة!