توعدت وزارة التجارة بالضرب بيد من حديد ضد كل من يثبت تورطه في الاتجار غير المشروع بمادة الإسمنت التي بلغت حدودها القصوى من الندرة وغلاء الأسعار في السوق الجزائرية، لدرجة شل معظم ورشات الانجاز بما فيها مشاريع عمومية كبرى بنسبة ركود قاربت ال 90 بالمائة. وقدرت وزارة التجارة على لسان المدير المركزي المكلف بمراقبة الجودة وقمع الغش عبد الحميد بوكحنون سعر الاسمنت المتداول حاليا في أسواق بالجزائر ب 700 دينار للكيس، ويتجاوز ذلك بقليل في بعض المناطق، مرجعا السبب الرئيسي إلى نقص العرض وتدخل عوامل أخرى تتعلق بالمضاربة. وأقر عبد الحميد بوكحنون في نقاش ضمن لقاء "وجه لوجه" للقناة الأولى للإذاعة الجزائرية ظهر الثلاثاء بوجود مضاربة قوية في السوق، وقال "إن المضاربة تتغذى على النذرة، ولذلك وجب التفكير أولا في رفع طاقة الإنتاج الوطني للإسمنت والتشجيع على الاستيراد، لتلبية حاجيات الجزائر المتزايدة بفعل برامج التنمية المسطرة." و أشار بوكحنون بأصابع الاتهام للمقاولين اللذين تؤول إليهم نسبة 80 بالمائة من كميات الاسمنت المنتجة في الجزائر، و أوضح أن عدد معتبر من المقاولين يقدمون ملفات مزورة وباسم شركات وهمية أحيانا، للحصول على الاسمنت مباشرة من المصانع ثم إعادة بيعه بأسعار مضاعفة في السوق الموازية، وقال "استنادا لأرقام الوزارة وتصريحات وزير القطاع مصطفى بن بادة فإن مستوى العجز الحاصل في سوق الاسمنت يقدر بنحو 3 ملايين طن، حيث تنتج الجزائر 18 مليون طن وتحتاج إلى ما لا يقل عن 23 مليون طن سنويا، بينما الاستيراد لا يتعدى 750 ألف طن." ودعا المتحدث باسم وزارة التجارة، لتفادي أعمال الصيانة لمختلف المصانع في الفترة الممتدة من شهر أفريل إلى غاية أكتوبر، باعتبارها فترة الذروة في الاستهلاك، وحث على الاستيراد معتبرا الكميات المستوردة حاليا ضئيلة مقارنة بوضعية السوق والتسهيلات الموجودة والمرتبطة –حسبه- فقط بحيازة سجل تجاري، دون الحاجة لرخصة خاصة. من جانبه سلمان عبد الكريم مدير الإدارة بالجمعية العامة للمقاولين الجزائريين ألقى بالمسؤولية على الجهات الرقابية، و أشار إلى تورط مكاتب دراسات في هذه الأزمة بالتوقيع على محاضر تتضمن كميات إسمنت مضاعفة للاحتياجات الحقيقية لأصحاب المشاريع، وهو الفائض الذي يؤخذ من المصانع ويوجه للسوق الموازية، وشاطره في هذا التشخيص للأزمة المتحدث باسم جمعيات حماية المستهلك. من ناحيته مدير مصنع الاسمنت بالشلف، بوطيبة محمد رفيق، نفى في تدخله خلال النقاش، وجود تواطؤ داخلي لمؤسسته مع شبكات المضاربين، موضحا بأن وحدته الإنتاجية تبدأ مهمتها باستلام ملفات الطلبات ودراستها، وتنتهي بعد الشحن والخروج من الوحدة. وأضاف أن المؤسسة غير مسؤولة وليس من صلاحيتها مراقبة الوثائق المزورة المقدمة في الملفات. وقال بوطيبة محمد أن وحدته الإنتاجية أوقفت تموين معيدي البيع (الموزعين) المقدر عددهم بنحو 771 ألف بائع، لتمويل حاجة ورشات انجاز 35 ألف مسكن ومشروع الجامع الكبير، وأكد استعداد المؤسسة لأي تحقيق فيما يخص توزيع المادة واتهام إدارتها بالتورط في المضاربة ومشاكل الأسعار والندرة.