قرار تنصيب كاميرات مراقبة في البلديات، لكشف الاعتداءات والتصرفات غير اللائقة، بمكاتب وشبابيك الحالة المدنية، هو قرار جميل، لكن يا ريت يتمّ توسيعه أيضا إلى مكاتب الأميار وجميع المنتخبين والمسؤولين بالمجالس "المخلية"، وتنصيبها أو نصبها أيضا في قاعة الاجتماعات حيث تجرى المداولات وصراعات المير وأعضاء المجلس! دون التركيز على قضية بعينها، فإن هذه الكاميرات "الأمنية"، بوسعها أن تقضي على الكثير من الخروقات والتجاوزات، بهذه الإدارات، من طرف "ممثلي الشعب"، وتفضح التلاعب والصفقات المشبوهة والابتزاز وعمليات ليّ الذراع والغشّ والتدليس واستغلال المنصب والتعسّف في استعمال السلطة، لكن شريطة أن تكون هذه الكاميرا سرية وفق ما يسمح به القانون! لا يُمكن للكاميرات العلنية، إلاّ في حالات معزولة واستثنائية، أن "تكشف البازقا"، وتثبت الاتهامات والشبهات ضدّ المتورّطين والمتواطئين في الرشاوى والتزوير والنهب والنصب والاحتيال والكذب، والحصول على مزايا غير مستحقة، بطرق ملتوية ومقابل خدمات خارج القانون! الكاميرات التي كان هدف تثبيتها هو "الحراسة" وتجنب السرقات والاعتداءات، تحوّلت الآن، إلى دليل إدانة، يلاحق متهمين متورطين في عدّة قضايا، وهذه واحدة من الاختراعات التي أصبحت تضرّ أكثر ممّا تنفع المعنيين بالتجاوزات، التي لم يكن في سنوات غابرة، بالإمكان إثباتها، مثلما يحدث الآن، ولعلّ نشر هذه "الإثباتات" والقرائن والفضائح عبر الفايسبوك، أصبح بمثابة اللعنة التي تطارد المنغمسين في خرق القانون وضرب الأخلاق! قال أحد المواطنين مازحا، أن رفض نصب كاميرا مراقبة في بيته، بعد ما اقترح عليه أبناؤه الفكرة، لتجنب سرقة محتملة، فكان ردّه سلبيا، وعندما سألوه عن السبب بعد استغرابهم موقفه، ردّ ضاحكا: حتى لا تمسكني أمّكم متلبّسا مع سبق الإصرار والترصّد في يوم من الأيام! للأسف، ما يحدث وراء بعض المكاتب، في البلديات، أو غيرها من الإدارات، و"حاشا ألّي ما يستهلش"، ولا يجب هنا أيضا تعميم الحالة ووضع الجميع في سلّة واحدة، لكن بدأت الكاميرات والتسجيلات القانونية وغير المرخص بها، تكشف انحرافات وفساد ومساومات ومقايضات، تستدعي الضرب بيد من حيد، وبلا رحمة ولا شفقة! قد يلجأ المير أو حتى المواطن، إلى تنصيب كاميرا، لأغراض أمنية معروفة، لكن قد ينقلب السحر على الساحر، وتنتهي حكايته بتسجيلات موثقة بالصوت والصورة، بما يُسقط عنه فجأة الحصانة، ويزجّ به إلى تحقيقات لم تكن في الحسبان، وقبل ذلك في الفضيحة ستكون "بجلاجل" وسط الرأي العام، قبل أن يُفصل في أمره، إن كان مصيره السجن أو البراءة!