أثقلت المرأة الجزائرية، سواء الماكثة في البيت أو العاملة، في السنوات الأخيرة، بمهام جديدة أوكلت إليها برضاها أو من دون رضاها، فبين القيام بأشغال البيت وتربية الأولاد، وظيفتها المهنية، أصبحت تمسك "القفة" وتتجوّل في الأسواق والمتاجر، مفضّلة توليها شراء ما يمكن شراؤه، وهي مسؤولية تخلى عنها أزواج وآباء وأشقاء، على اعتبار أن المرأة تحسن تدبير ميزانية العائلة!.. هذه المسؤولية الأخيرة، قد تفضلها جزائريات محبوسات في بيوت تهيمن عليها السطوة الذكورية، فهن "حاجبات" في مداشر أو مدن محافظة، لكنهن محرومات من متعة التسوّق.. اليوم وبمجرد نقرات بأصابعهن، يمكن للكثيرات منهن، أن تكون السوق أمام أنظارهن!.. ألبسة ومكياج ومجوهرات، وإكسسوارات، وأوان وأثاث، وأجهزة إلكترومنية وكهرومنزلية ومواد غذائية.. لهن ولرجالهن وأطفالهن!..إنه التسوّق الإلكتروني البديل الرائع الذي يعطي للجزائرية "المسجونة" في المنزل والعاملة فرصة شراء كل ما تريد من دون السفر أو السير مسافات أو صعود الطوابق والتنقل من مكان إلى آخر وسط الزحام.. أعراس ومواسم وأعياد.. والمرأة تائهة بين الوظيفة والمطبخ والتسوّق "في الحقيقة تعوّدت أن اصطحب صديقاتي لشراء ملابسي الصيفية، وفساتين الأعراس، أشعر معهن بالمتعة، كما أنهن يساعدنني على اختيار ما يناسبني من ألبسة وإكسسوارات.. لكن وجدت نفسي اليوم مرتبطة أشد الارتباط بوظيفتي في الوقت الذي أحتاج فيه إلى وقت لشراء لوازم العرس.. حفل زفافي اقترب.. الحمد الله وجدت في موقع واد كنيس الرقمي راحتي واشتريت "الكاراكو" و"الجبة" القبائلية، وحتى الفستان الأبيض"، هذا ما قالته موظفة في وكالة سياحية لجأت لأول مرة إلى السوق الإلكترونية كحل لربح الوقت وتسلم هذه اللوازم وهي في منزلها. شائعة جعفري، رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، رحبت بالسوق الإلكترونية الجزائرية لما تحمله من تسهيلات للمتسوّقات الجزائريات، وقالت إن تحرّر المرأة جعل الرجل يترك لها الكثير من المهام، فمنهن من توهتهن أعباء الحياة اليومية، خاصة مع المناسبات كالأعياد والدخول المدرسي والأعراس، وقد يجدن حسب السيدة جعفري، صعوبة للإلمام بكل مهامهن، فبين العمل خارج البيت وتربية الأولاد والمطبخ، قد تفوتهن فرصة شراء ما يلزمهن سواء لهن أو للمطبخ أو لأزواجهن وأبنائهن. ولكن الأسواق الافتراضية، وحسب جعفري، مفتوحة طوال اليوم، ودون عناء ومشقة يمكن للجزائريات أن يلجنها من أي مكان حتى وهن في المطبخ، وبمجرد نقرات بأصابعهن، يخترن السلعة أو المنتوج الذي يردنه، وسيجدنه أمامهن. وأوضحت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، أن الكثير من النساء في الصيف خاصة، يضطررن لشراء فستان لحضور حفل أو عرس، لكن الوقت يداهمهن، فالمتاجر الإلكترونية، أضحت حلاّ ملحا، خاصة مع توصيل المنتج إلى المنزل، وهي أسواق قد تخفّف من الأعباء التي أثقلت كاهل المرأة العصرية، وقالت "أعتقد أن الحلاّقات والخياطات وصانعات الحلويات، لديهن من الأسباب ما يجعلهن أكثر الزبونات للأسواق الرقمية، سيما مع موسم الأعراس والحفلات صيفا". أسواق جزائرية مئة من المائة وخدمة التوصيل إلى المنزل أكدت المديرة العامة لأول سوق إلكترونية للنساء الجزائريات يدعى "نور بوكس"، أن هذه السوق التجارية، تأتي في ظل الاختناقات المرورية وعرقلة سير السيارات وانشغال المرأة بأمور العمل وشؤون المنزل معا، ما يجعلها مرهقة وعاجزة على التسوق لشراء ما يمكن شراؤه، حيث يتيح موقع "نور بوكس"، للنساء شراء الألبسة والإكسسوارات والماكياج، من العلامات الدولية أو المحلية الرئيسية بأسعار السوق وتسليمها للزبونة في المنزل أو مقر العمل، وهي خدمة موجهة لزبونات 45 ولاية جزائرية. ومن هذا الموقع الرقمي يكفي للنساء نقر 3 نقرات، على هاتفهن النقال أو اللوح الإلكتروني أو الكومبيوتر، لاختيار منتجاتهن. وخلال هذه الصائفة، وفّرت كل من سوق واد كنيس وسوق "جوميا"، الرقميتين، المنتجات ذات الجودة العالمية وبأسعار مناسبة، ويمكن للجزائريات أيضا شراء كل ما يتعلق بالأعراس، والمناسبات ولوازم البحر، وحتى الأدوات المدرسية. كما أن موقع واد كنيس الإلكتروني يتيح للمقبلات على الزواج، فرصة شراء ألبسة تقليدية وعصرية تدخل ضمن "تصديرة" العروس، وما عليهن إلا فتح الموقع على الهاتف النقال أو الكمبيوتر والاطلاع على العروض واختيار ما يليق بهن، والاتصال برقم هاتف التاجر ليسلم لهن بالمنزل ما اخترنه من ملابس وسلع. وفّرت الأسواق الافتراضية للمرأة، كل شيء حتى ملابس الأطفال والرجال والألعاب، وخصّصت تخفيضات في الأسعار تصل إلى 50 من المائة في الأعياد والمناسبات، وهي أسواق تضم أيضا المنتجات ذات "ماركات" عالمية تتماشى مع "الموضة"، وتعطي أوقاتا لتسليم السلعة قد تصل إلى 10 أيام كما هو الحال مع موقع "نور بوكس". ويمكن للجزائريات اليوم شراء الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية من هذه الأسواق مثل سوق "زوالي كوم"، والأواني وبعض لوازم المطبخ التي تجدها في سوق "دي زاد بوم"، وحتى الخضر والفواكه، والمواد الغذائية والتوابل متوفرة في السوق الرقمية مثل سوق "اشريلي كوم"، وما على النساء إلا أن يطلبن بنقرة أصبع!.. ..وداعا لمشكل البطاقة الإلكترونية أكد الخبير في المعلوماتية، الدكتور عثمان عبد اللوش، أن البطاقة البنكية الإلكترونية، لا تزال تشكل عائقا يحول دون التعامل مع الأسواق الرقمية العالمية، لكن لحسن الحظ، حسبه، فتحت أسواق جزائرية موثوقة بمبادرة من شركات تكنولوجية الباب واسعا للتسوّق الرقمي، ويمكن للزبون أن يدفع "كاش" مباشرة عند استلام السلعة أو بالرصيد البريدي، حيث تصل المشتريات إلى منزله مجانا أو بدفع مبلغ رمزي بالنسبة لبعض المنتجات والملابس والتي يتم توصيلها إلى زبائن في ولايات بعيدة. وقال عبد اللوش، إن بعض المواقع التجارية الجزائرية، يزورها نحو 600 جزائري شهريا، 50 من المائة نساء، فموقع "جومبيا" مثلا، يتلقى 60 ألف طلب على الخط شهريا. تسوّق الجزائريات إلكترونيا يمكن أن يحقق أرباحا اقتصادية من جهته، أكد خبير الاقتصاد بشير مصيطفى، أن الأسواق الإكترونية الجزائرية ستسمح للعائلات بتحقيق خدمة التسوّق بأقل التكاليف والصعوبات، وللتجار بأرقام أعمال مهمة تصل في حالة الجزائر إلى متوسط 400 مليون دولار سنويا من البيع المباشر على الخط، موضحا أن البيع على المباشر أو البيع على الخط أو التسويق الإلكتروني، يتميز بانعدام الوسطاء، وسهولة التحرّر من الرسم على القيمة المضافة بالنسبة للزبون ومن الضريبة على الأرباح بالنسبة للمورد، ويساهم في تراجع تكاليف النقل إلى الصفر بالنسبة للخدمة إلى البيت، وإمكانية استبدال السلعة في غضون أسبوع أو 15 يوما حسب تشريعات كل بلد. وقال مصيطفى، إن هذه الميزات من شأنها خفض سعر السلعة ما يعني تحقيق ادخار ايجابي للعائلات. وفيما يتعلق بالمرأة الماكثة في البيت يتيح لها التسوّق الرقمي عدم الخروج، خاصة بالنسبة للعائلات المحافظة، وإذا كانت تقيم خارج المدن، فهذه السوق توفر لها السلعة في ظل غياب الأسواق خاصة خلال المواسم كالدخول المدرسي والأعياد والأعراس، وتجد المرأة العاملة أو الموظفة، في الأسواق الإلكترونية فرصة توفير الوقت والتبضع خارج أوقات فتح الأسواق لأنه عادة ما تقفل الأسواق مع خروج الموظفين وتفتح مع التحاقهم بالعمل.