صدّقوا أو لا تصدقوا.. ناجحون وراسبون في البكالوريا، اتفقوا على الاحتجاج من أجل إعادة تصحيح أوراقهم، لأن النقاط لم تعجبهم، ولكم أن تتصوّروا مثل هذه الخرجة الفلكلورية والاستعراضية، حتى وإن كانت الانتفاضة مشروعة في شكلها ومرفوضة في مضمونها! النقاط التي لم تعجب راسبين وناجحين، هي تشكيك في عملية التصحيح، وفي كوكبة الأساتذة المخصصين للمهمة، وهو ضربة موجعة للوزارة وديوان الامتحانات والمسابقات، وحتى إن كان الطعن مرفوض قانونا، فإن مثل هذه الشطحات بوسعها أن تضرب سمعة البكالوريا ومصداقيتها، بعد ما شاع بأن "الغش" انتقل إلى عمليات التصحيح! الراسبون يعتقدون أنهم تعرّضوا ل"الحقرة"، حالهم حال بعض الناجحين الذين يظنون بأنهم "ضحية" تصحيح غير دقيق، أو مصحّحين غير عادلين، تسببوا في "سرقة" نقاط منهم في مواد معينة أو في كلّ المواد التي امتحنوا فيها، ممّا انتهى بهم المطاف إلى إضعاف معدلهم في البكالوريا! ليس خافيا أن "جيل الواي واي"، أصبح يريد بكالوريا بلا امتحانات، وامتحانات بلا حراسة، وغشّ بلا عقاب، وجعل التسريب إجباريا عبر الفايسبوك، بعد ما قضت العتبة "غير المربوحة" على ما تبقى من هيبة الشهادة قبل سنوات، في إطار استكمال مهمة التخريب التي بدأها في مراحل سابقة نظام "الإنقاذ" الذي علّم التلاميذ التكاسل والاتكال! من الواضح أن يتطوّر الأمر إلى الاحتجاج على النقاط والمطالبة بإعادة التصحيح، فلا تستغربوا، فقد طالب تلاميذ قبل هذا بتحديد الدروس التي منها يتم استخراج أسئلة ومواضيع البكالوريا المسكينة، كما خرج أيضا تلاميذ إلى الشارع في "مسيرات" من أجل العتبة والعطلة، وتصوّروا كيف يمكن النجاح في البكالوريا بهذا المنهج والاختراع؟ لن تعود البكالوريا مثلما كانت، إلاّ إذا عادت المدرسة إلى سالف العصر والأوان، وتغيّرت ذهنية التلاميذ، وعاد احترام المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، وتحرّرت المنظومة التربوية من التسييس والصراعات الإيديولوجية بين هؤلاء وأولئك من الذين يعلمون أن التحكّم في المدرسة، هو الفوز الكبير! مثلما تغيّر الأستاذ وتغيّر المعلم وتغيّرت المناهج وتغيّر وزراء التربية والتعليم، تغيّرت كذلك طرائق التصحيح، ولم يعد المصحّح مثلما كان قديما، يتعامل مع أوراق المترشحين وإجاباتهم بخوف وقلق وحراسة الضمير، لأنه يُدرك بأنه سيحدّد مصير جيل ومصير منظومة ومصير كفاءة، لكن لم نكن نسمع أبدا أن راسبا شكك في نقاطه، أو أن ناجحا بالحظ احتجّ وطالب بإعادة التصحيح من خلال "تجييح" البكالوريا!