فجأة برزت مبادرة جديدة إلى الواجهة، لكن من دون معالم واضحة، قيل إن وراءها "حركة البناء الوطني"، التي يرأسها حاليا وزير السياحة الأسبق، عبد القادر بن قرينة، أحد المنشقين عن حركة مجتمع السلم. وبسرعة البرق، اتفق الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، على برمجة لقاء مع رئيس حركة البناء، اليوم. أما الهدف من هذا اللقاء فهو بحث إطلاق مبادرة جديدة، على حد ما جاء على لسان ولد عباس. اجتماع ولد عباس، مع بن قرينة، جاء بعد أقل من أسبوع على اللقاء الذي جمعه برئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، والذي تعرض فيه الطرفان إلى مناقشة مبادرة "التوافق الوطني"، التي طرحها مقري في وقت سابق، واجتمع بشأنها مع أحزاب موالية مثل الحركة الشعبية، علاوة على قيادة الحزب العتيد. كما يأتي لقاء ولد عباس برئيس حركة البناء في اليوم ذاته الذي يلتقي فيه رئيس حركة محتمع السلم، عبد الرزاق مقري، بالأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، بمقر هذا الأخير ببن عكنون بأعالي العاصمة، لبحث مبادرة التوافق. حرص الأمين العام للحزب العتيد على الترويج لمبادرة بن قرينة، والإصرار على الاجتماع بأصحابها في اليوم الذي تلتقي فيه قيادة حركة مجتمع السلم بقيادة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، تخفي حسابات أدرجها بعض المراقبين في خانة التشويش على مبادرة حركة "حمس". ومعلوم أن ولد عباس وعلى رغم الهجوم الحاد الذي شنه على مبادرة مقري بعد لقائه بحزب عمارة بن يونس، والذي وصل حد التهجم على المؤسس التاريخي ل"حمس"، الراحل محفوظ نحناح، واتهامه بابتزاز الرئيس بوتفليقة عند ترشحه في العهدة الأولى (العام 1999)، إلا أنه عاد واعتذر واستقبل مقري في مقر الحزب العتيد. غير أن هذا الاستقبال، لم يكن صكا على بيان لمبادرة مقري، وبدا وكأنه محاولة لتطييب خاطر أبناء الحركة الذين يكنون احتراما كبيرا لمؤسسها التاريخي، وقد يكون ذلك بتوجيهات من جهات ما في قمة الهرم، للعب على أصوات الحركة في الاستحقاق الرئاسي المقبل. فبعد الانتقادات التي وجهها ولد عباس للمبادرة في الندوة الصحفية التي أعقبت لقاءه مقري وبحضوره، عاد ليجدد تلك الانتقادات في لقائه بالطلبة في بومرداس الخميس المنصرم، وبشيء من الحدة، ما يعني أن أفلان ولد عباس لفظ مبادرة "حمس"، بعدما كان قد تحدث عن لقاءات مقبلة. كما أن مسارعة ولد عباس لاستقبال بن قرينة الذي يعتبر أحد غرماء مقري باعتباره من المنشقين عن "حمس" والترويج لمبادرته، إنما يمكن فهمه على أنه محاولة من ولد عباس لإغراق الساحة السياسية بمبادرة جديدة، ليس من هدف لها سوى ضرب مبادرة "حمس". الأمر الآخر الذي يمكن استشفافه من لقاء ولد عباس ببن قرينة اليوم، هو حرصه على عدم ترك الساحة الإعلامية مفتوحة على مصراعيها لمبادرة "حمس" بعد عرضها على "التجمع الديمقراطي"، لأن الصحافة الوطنية ستجعلها الحدث الأبرز، ولذلك يسعى ولد عباس إلى التقليل من وهج التركيز الإعلامي عليها، ومزاحمتها إعلاميا بمبادرة "حركة البناء".