في خطاب وصف بالتاريخي، مباشرة بعد أدائه اليمين الدستورية، وتنصيبه أول رئيس مدني لمصر ما بعد الثورة، السبت، بدأ الرئيس محمد مرسي، من قاعة الإحتفالات بجامعة القاهرة، خطابه الرسمي الأول للأمة باعتذار لطلاب جامعة القاهرة الذي أجلت امتحاناتهم، قائلا "أرجوا أن يتقبلوا منى اعتذاري عن تأجيل امتحانهم"، واختتم معتذرا للشهداء ومصابي الثورة، وداعيا إلى العمل والاجتهاد. وعاود مرسى، اليمين الدستورية في قاعة الاحتفالات الرئيسية جامعة القاهرة للمرة الثانية، حيث كان قد ألقاه رسميا أمام المحكمة الدستورية، لتنصيبه رئيسا للجمهورية. وقال رئيس الجمهورية إن النظام السابق فرط في أمن مصر القومي، وأدى لتقزيم دورها الإقليمي والدولي، مضيفا أننا سنبنى مصر القوية بما يتفق مع قدرات مصر الصلبة والناعمة وثقلها الحقيقي في المنطقة العربية والإسلامية والإفريقية والدولية. وأكد، أننا نحمل رسالة سلام للعالم، وقبلها رسالة حق وعدل، ونؤكد على المعاهدات والاتفاقات الدولية، وقال "أعلن من هنا أن مصر الدولة والشعب والأمة والحكومة، ومؤسسة الرئاسة تقف مع الشعب الفلسطيني حتى يحصل على كامل حقوقه المشروعة، وسنعمل على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية صفا واحدا لاستعادة أرضه وسيادته". وأضاف أننا نحن لا نصدر الثورة، ولا نتدخل فى شؤون الشعوب أو الدول، ولا نسمح فى الوقت نفسه لأحد أن يتدخل فى شؤوننا، مشيرا إلى أنه إذا كنا نبنى مصرنا الجديدة، فإننا لا ننفك أبدا عن أمتنا العربية والإسلامية، ولا نعادى أحدا في العالم، ونعلن تأييدنا للشعوب لتعود لها سيادتها. وقال "مصر اليوم داعمة للشعب الفلسطيني وأيضا للشعب السورى، ويجب أن يتوقف نزيف الدم الذي يراق للشعب السوري، فالشعب الشقيق فى سوريا سنبذل كل الجهد فى المستقبل القريب إن شاء الله. وتابع، "مصر لن تعود إلى الوراء، ونحن نطوي صفحة بغيضة ونستفتح صفحة مضيئة إن شاء الله، نسطر معا بسواعد المصريين تاريخا يتصل بتاريخنا الشامخ منذ آلاف السنين، حيث عاشت أمتنا عصور ازدهار يفخر بها ملايين العرب والمسلمين، كما عانت أحيانا لحظات انكسار سنعمل بقوة على ألا يعود". وأضاف أنه قد أنجز الشعب المصري، إنجازات عظيمة سنحافظ عليها ولن نفرط فيها أبدا، لأنها ولدت من رحم المعاناة، مضيفا أنه فرض الشعب المصري إرادته وسيادته، ومارس لأول مرة في تاريخه الحديث، سلطته الكاملة فانتخب مجلسا للشعب ومجلسا للشورى، فى انتخابات حرة نزيهة، عكست تمثيلا حقيقيا لكافة أطياف المجتمع، واختار البرلمان المنتخب جمعية دستورية، وستستعين بكافة الخبراء فى كافة الاتجاهات ليأتي الدستور معبرا عن التوافق الوطنى، ومرسخا للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ومحافظا على قيم المجتمع، وحارسا للحريات الخاصة، وأشار إلى أنه سيقوم الدستور على الحق والقانون، مطلقا لحرية الفكر والتعبير والإبداع، وينقل مصر لمصاف الدول الحديثة التي يكون الحاكم فيها أجيرا للأمة عند الشعب. وقال "لقد وفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوعده وعهده الذي أخذه على نفسه، ألا يكون بديلا عن الإرادة الشعبية، وستعود المؤسسات المنتخبة لأداء دورها، ويعود الجيش المصري العظيم ليتفرغ لمهمته فى حماية أمن وحدود الوطن. وأضاف أنه ستعمل القوات المسلحة مع باقي مؤسسات الدولة، فى إطار الدستور والقانون" موجها التحية لهم على ما بذلوه من جهد، وما تحملوه من عنت وما تكبدوه من مشاق"، وأشار إلى أن مصر مسئوليتنا جميعا، ومصر فى حاجة ماسة لكل يد تبنى، والأمم لا يمكن أن تحقق نهضتها إلا بجهد كل أبنائها، وسنتفتح الآفاق لتمكين المجتمع بكل مكوناته وتوسيع دور المجتمع المدني. وقال "من موقعي أتعهد أن تقوم الدولة بكامل مسئولياتها تجاه المجتمع وأبناء مصر بالداخل والخارج، وأن تسهر على ما يخص أمنه واستقراره وسلامته، وأتعهد أن أبذل غاية وسعى لدعم وتفعيل مفهوم المواطنة بين المصريين جميعا"، وأضاف أننا بحاجة ماسة لإزالة الفوضى في كل المجالات وخاصة المجال الاقتصادي، ولابد أن نحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل ليتحقق الأمن للمصريين. وأكد أن الشعب المصري قادر على تقويم النظام الحاكم إذا حاد عن المسار، وأن الشعب الذي خرج في ميادين الشهداء والتحرير وكل ميادين مصر، واستطاع إسقاط السلطة الظالمة وتقويم مسار السلطة بشكل سلمى ضارباً بذلك أروع النماذج فى رقابة الشعب على السلطة الحاكمة. وقال "إن الشعب اختارني من أجل مسيرة حضارة الدولة المصرية، ودورها العظيم ولن يقبل الشعب الخروج عن هذه المسيرة، وأعاهد الله في أن أبذل الجهد والطاقة في الحفاظ على الدولة المصرية لتكون المؤسسات معبرة عن الشعب المصري في حماية مطالب الشعب المصري". وشدد على أنه من تمام المحافظة على سلامة الوطن وأراضيه الحفاظ على القوات المسلحة والسلطة والقضاء وأبناء الشعب، مضيفاً: "سوف أبذل كل جهدي لحماية حدود هذا الوطن، والحفاظ على الأمن القومي مع القوات المسلحة درع الوطن وسيفه.. درع الوطن وسيفه الذي يردع كل من تسول له نفسه المساس بمصر أو تهديد أمنه القومي". وقال "أعاهد الله تعالى أن أحافظ على المؤسسة العسكرية جندا وقيادات، وأن أدعمها لتكون أقوى مما كانت ولتستمر راسخة وليكون هذا الشعب معها في كل ما تملك، أعاهد الله أن يستكمل استقلال القضاء وأن يكون القانون هو الفيصل وأن يحصل كل مواطن على حقه". وأكد أننا سنعمل على تفعيل منظومة العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية واتفاقية الدفاع العربى المشترك والسوق العربية المشترك، مضيفا أن مصر إذا نهضت ينهض العرب جميعاً، وأن مصر في عهدها الجديد لن تقبل بأي انتهاك للأمن القومي العربي وستكون في صف السلام الشامل العادل وستقف قوية صلبة في وجهة التحديات التي تواجهها. وقال "سنعمل معاً على تشجيع الاستثمار في كل القطاعات واستعادة السياحة لدورها بما يعود بالخير على الاقتصاد المصري، سنرسم معاً مستقبلاً زهراً لأودنا وشبابنا مسلمين ومسحيين، لتعود مصر عزيزة قوة لتستكمل أهداف ثورتنا، ونحقق معاً الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، أعاهدكم الله ألا أخون الله فيكم.. لن أخون أهلي وسأكون عند ظنكم وإرادتكم والله". وكان على رأس الحضور في جامعة القاهرة، المشير حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، والدكتور أحمد زويل، كما حضر الدكتور محمد البرادعي، وعمر وموسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، ورئيس مجلس الشعب المنحل الدكتور محمد سعد الكتاتني.