وبعد أسبوع ترامب "الأسود"، واعترافات اثنين من معاونيه خلال التحقيق في التدخل الروسي الذي "تطارد ساحراته" البيت الأبيض، لم تعد نبوءة الأستاذ في الجامعة الأميركية في نيويورك، آلان فيشمان، غير قابلة للتصديق، هو الذي تعرّض للسخرية، حين كان أول من تحدث عن احتمال فوز رافع شعار "أميركا أولاً" بالرئاسة، ثم حقق كتابه "قضية لمحاكمة الرئيس" مبيعات خيالية، بعدما تنبأ مرة ثانية في افريل2017، بألا يقضي ترامب على كرسي الرئاسة أكثر من أعوام ثلاثة. لكن متابعي مجريات القضية الأولى التي تهجسُ بها أميركا اليوم، ومعها دولٌ كثيرة تراقب عن كثب نظريات ترامب في التجارة والسياسة والأمن والاقتصاد، وقراراته التي أطاح الكثير منها باحتمالات السلام، وانحيازه الأعمى للصهاينة، وغيرها من المواقف غير المتوازنة التي اتخذها الرئيس الأميركي الحالي، خصوصاً في المنطقة العربية والإسلامية، هؤلاء المتابعون يعرضون طريقاً طويلة وشاقة، قبل رؤية ترامب مُداناً في قضية التحقيق بالتدخل الروسي، وهي طريق قد لا تحقق مرادها في نهاية الأمر، إلا بعد مغادرة الأخير البيتَ الأبيض. وطرح موقع سلايت، عددا من الخيارات والسيناريوهات التي تنتظر دونالد جون ترامب، لعزله، وبحسب ذات المصدر، فإنه من غير المرجح بنسبة عالية أن يتعرض ترامب لأي محاكمة جنائية في المحكمة الفيدرالية خلال ولايته، استناداً إلى مذكرة لمكتب الاستشارية القانونية في وزارة العدل، الصادرة في العام 1973، والتي أعيد تأكيدها في العام 2000، وهي تخلصُ إلى أن الرئيس الأميركي ليس بالإمكان أن يكون عرضة للاتهام والمحاكمة خلال فترة حكمه. ويقول الموقع إن البعض وصف هذا الرأي للمكتب الاستشاري لوزارة العدل الأميركية، بأنه "سياسة عامة"، لكنه في الواقع "موقفه مما يسمح به الدستور وما يمنعه"، مضيفاً أن المكتب بإمكانه مراجعة هذا الموقف، ولكن ذلك بعيدٌ جداً من أن يحصل. لكن الموقع الأميركي يرى، في الوقت ذاته، أن قصة ترامب لم تنته هنا، بل هناك ثلاث طرق بديلة للسير بها في ما يتعلق بقضية التحقيق بالتدخل الروسي، اثنان منها تشملان عزل الرئيس ال45. في المسار القانوني، لا تمنع حصانة الرئيس الأميركي خلال وجوده في البيت الأبيض، من ملاحقته قضائياً بعد المغادرة. ولكن في هذه الحال، قد يحظى ترامب بإمكانية سقوط التهم عنه، التي قد تشملها صلاحية محددة بسنين معينة. وهنا، يرى الموقع أن إمكانية أخرى تلوح أمام مولر، وهي اتهام الرئيس وإبقائه سرياً، والحفاظ عليه إلى حين مغادرة الرئيس. هكذا لا يعود بإمكان الرئيس استغلال موقعه للهروب من المحاسبة، ولكن بإمكانه مزاولة مهامه، لكن المكتب التابع لوزارة العدل الأميركية لا يشرح كثيراً كيف أن هكذا قرار "قد يغامر بالمبادئ الدستورية الرئيسية"، بحسب الموقع. الطريق الثانية التي من الممكن أن يسلكها التحقيق، هي توجيه الاتهام الفيدرالي له، بأنه "مشارك في التآمر غير متهم"، وهي المقاربة التي اتخذها المدعي الخاص في قضية "ووترغيت". وبحسب الموقع، فإن هذه المقاربة لن يتمخض عنها إصدار عقوبة بحق الرئيس، ولكنها قد تقدم الدعم إذا ما مضى الكونغرس بشقيه في إجراءات المحاكمة والإدانة العزل، وهو ما حصل تماماً أيضاً في حالة نيكسون، ما دفعه لتقديم استقالته. أما المسار الثالث، فهو اتهام الولاية للرئيس خلال فترة رئاسته، من خلال اتخاذ مدعٍ عام تابع لولاية قراراً بتوجيه الاتهام لترامب، إذ إن توصية المكتب الاستشاري ل"العدل" ملزمة بالنسبة للسلطة التنفيذية، لكنها ليست كذلك بالنسبة للمدعين العامين للولايات. ويتساءل الموقع: "هل ستسمح المحاكم الفيدرالية للقضية بالمضي قدماً؟". يرى "سلايت" أنه "أمر يصعب التكهن به لاعتبارات عدة، منها تقييم المحكمة للمصلحة العامة". ويعرب الموقع عن تشاؤمه من إمكانية انطلاق الإجراءات لعزل دونالد ترامب في الكونغرس قبل الانتخابات النصفية، وقبل فوز الديمقراطيين في انتخابات مجلس السيناتوريين. لكن التخوف من عدم الذهاب في هكذا خيار أيضاً يبقى سائداً، إذا لم يتمكن الديمقراطيون من الحصول على أغلبية مريحة، لأنه يجب الحصول على أصوات ثلثي مجلس الشيوخ للإدانة. وفي تحليل سياسي له، يتساءل الموقع ماذا يفضل الديمقراطيون أكثر: أن يروا دونالد ترامب رئيساً مجروحاً ومكسّراً في الانتخابات الرئاسية المقبلة (2020)، أو أن يأتوا بمايك بنس إلى البيت الأبيض؟ قد يبدو الخيار الأول أنسب. ويختم الموقع تقريره قائلاً إن أي خطر محدق للعزل قد يدفع الرئيس الأميركي إلى الاستقالة… وإلا فإنه، إذا ما كان على ترامب أن يواجه عواقب أفعاله، فإن ذلك على الأرجح سيحصل في صناديق الاقتراع… في العام 2020!.