أفاد بيان صدر عن البيت الابيض الأمريكي ليل الثلاثاء، أنّ الرئيس دونالد ترامب أقال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي ”أف بي آي” من منصبه. وذكر البيان أن ”إقالة مدير مكتب التحقيقات جاءت بناء على توصية من وزير العدل جيف سيشنز”. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر إنّ ”الرئيس قبل توصية المدعي العام ونائب المدعي العام بما يتعلق بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالية”. وأشار البيت الأبيض في بيان إلى أنّ البحث عن مدير جديد للإف بي آي سيبدأ ”فوراً”. لكن بيان الإدارة الأمريكية لم يوضح الأسباب التي تقف وراء القرار، واكتفى بالقول إن كومي لم يعد موضع ثقة كما لم يعد قادرا على القيادة. وكشفت صحيفة ”نيويورك تايمز” الأمريكية أن كومي علم بقرار إقالته من منصبه، من التلفزيون، عندما كان في زيارة رسمية لتفقد مكتبه الفرعي، في لوس أنجلس (ولاية كاليفورنيا).، وواصل زيارته ظنا منه أن الخبر مجرد إشاعة، حتى أعلمه أحد مساعديه بأن القرار رسمي وصادر عن البيت الأبيض، وأن المطلوب منه ملازمة أحد المكاتب في انتظار التعليمات. وجاء هذا القرار المفاجئ من المكتب البيضاوي بعد يومين من إدلاء كومي بمعلومات غير دقيقة للكونغرس عن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي وتدخله في مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهري جويلية وأكتوبر الماضيين. وكانت كلينتون ألقت باللائمة على مدير ”أف بي آي” وحملته مسؤولية خسارتها في انتخابات الرئاسة أمام ترامب، على خلفية قراره إرسال رسالة ثانية إلى الكونغرس قبل يومين من الاقتراع، أعلن فيها عن إعادة التحقيق بشأن إساءة استعمال بريدها الإلكتروني الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية (2009-2012). ونقلت المصادر عن كلينتون قولها إن ترامب انتهز الفرصة واستخدم الإعلانين اللذين صدرا عن كومي لمهاجمتها، لافتة إلى أنه بالرغم من أن الرسالة الثانية قد برأتها، إلا أن الضرر وقع بالفعل، حيث استغل ترامب ذلك ليقول لمناصريه إن النظام فاسد، وحثهم على الاحتشاد يوم الانتخابات. وفي السياق نشر موقع ”بيزفيد” الإخباري منذ أيام مجموعة من الوثائق السرية التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي تكشف عن تهديدات غامضة لشخص في نيويورك وجهت باسم دونالد ترامب عام 2009. وأكد كومي في وقت سابق، أن جنسية الشخص ليست مؤشرا يمكن الاستناد إليه في أنه يشكل خطرا إرهابيا على أمريكا، وذلك تعليقا على القرار التنفيذي الذي أصدره دونالد ترامب والقاضي بمنع حاملي جنسيات دول مسلمة من دخول الولاياتالمتحدة بحجة أنهم يشكلون خطرا إرهابيا. تصاعد المطالب بتحقيق مستقل في اختراق الانتخابات الأمريكية، وفي علاقة الكرملين بترامب وندد نواب الحزب الديمقراطي بالكونغرس بإقالة ترامب لجيمس كومي، وما قام به يثير أسئلة حول علاقة حملة ترامب الانتخابية بالمصالح الروسية. لكن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية نفوا أن تكون لإقالة كومي علاقة التحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، والتي يتولى مكتب التحقيقات الفدرالي المسؤولية عنها. وتسبّب قرار ترامب المفاجئ في تصاعد المطالب، بتعيين محقق مستقل أو لجنة للتحقيق في محاولات روسيا اختراق الانتخابات الأمريكية، وفي علاقة الكرملين بحملة ترامب الانتخابية. وكتبت ”نيويورك تايمز” أن المطالب التي أطلقت في السابق بتعيين محقق أو لجنة مستقلين كانت تكاد تقتصر على الديمقراطيين، ولكن إصرار كومي على الوصول إلى الحقيقة قلص من هذه الجهود. وبدأ جمهوريون في مجلس الشيوخ بالسعي في هذا الاتجاه. وقال النائب الجمهوري جون ماكين، إنّ أمله قد خاب بعد قرار ترامب”، مشدّدا على الحاجة الملحّة لتعيين لجنة تقص خاصة للكونغرس تحقق في تدخل روسيا في انتخابات 2016. وبحسب الصحيفة، فإن رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس، ريتشارد بار، وهو جمهوري من شمال كارولينا، قد أبدى دعمه لمقترح ماكين. وقال بار الذي يقود التحقيقات الأكثر فعالية ضد روسيا في الكونغرس، لوسائل الإعلام إنه ”قلق من توقيت وتبرير إنهاء مهام كومي وأن إقالته تزيد من البلبلة في التحقيق الصعب الذي تقوم به اللجنة، مشيرا إلى أن ”كومي كان أقرب من المعلومات من سابقيه”. وقال نائب رئيس الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، مارك وورنر من فرجينيا، للصحيفة، إن إقالة كومي تعني أن تحقيقات لجنة الاستخبارات التابعة للكونغرس يجب أن تضاعف جهودها، وأن تسرع جدول أعمالها. يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يقيل فيها ترامب مسؤولين كبارا في إدارته، حيث شهدت الإدارة الأمريكية منذ قدوم ترامب قبل مئة يوم حركة إقالات واستقالات لخصوم ترامب السياسيين، كان أوّلها وزيرة العدل بالوكالة سالي ييتس، في 30 يناير الماضي، بعد ما رفضت الدفاع عن قرار ترامب منع السفر على رعايا 7 دول ذات أغلبية مسلمة، تلاها مسؤول الهجرة والجمارك دانيال راغسديل وتعين توماس هومان، خلفا له لنفس الأسباب. تلتها استقالة مستشارالأمن القومي مايكل فلين، في فبراير الماضي، على خلفية اتصالاته مع الروس. وفي أفريل الماضي، عزل ترامب ستيف بانون صاحب موقع ”بريتبارت نيوز” اليميني، من مجلس الأمن القومي.