تحقيق تعادل أمام منتخب لم يفز منذ خمس سنوات، لا يمكن أن يكون نتيجة مقبولة من منتخب شارك في المونديال أربع مرات، وواضح أن عقدة اللعب في الأراضي الإفريقية ستطارد المدرب الجديد جمال بلماضي كما طاردت كل المدربين على مدار عقود من دون فكّها، والمنتخب الذي يتعادل في غامبيا ويكاد أن يتجرع الهزيمة، سيكون من الجنون أن يعدنا طاقمه الفني بالعودة بالكأس في الصائفة القادمة عندما يتوجه إلى الكامرون للمشاركة في كأس أمم إفريقيا 2019. لم تكن ظروف اللعب سيئة في غامبيا إلى درجة الاستسلام للعب السلبي، فالحرارة لم تكن مرتفعة ومستحيلة، وأرضية الميدان لم تكن معيقة لحركة اللاعبين الذين لم يجتهدوا ولم يلعبوا الكرات العالية ولا القذائف بعيدة المدى، وكأنهم بحثوا عن تعادل مع منتخب لم يفز منذ خمس سنوات كاملة، أي ما قبل مشاركة المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل وبلوغه الدوري ثمن النهائي، وخروجه بصعوبة بعد الوقت الإضافي أمام حامل اللقب العالمي. الحكاية تتكرر باستمرار من عهد الراحل هدفي ميلود عندما كان الخضر يخسرون بالنتائج الثقيلة في قلب القارة السمراء، كما حدث في بداية سبعينيات القرن الماضي بخماسية مقابل واحد أمام غينيا، وحتى في عهد ماجر وبلومي، أمطر منتخب مالي شباك سرباح بثلاثية من دون رد في باماكو ضمن إقصائيات كأس أمم إفريقيا التي جرت في ليبيا سنة 1982، وفي تصفيات مونديال إسبانيا 1982، لم يفز الخضر إلا في مباراة واحدة خارج الديار أمام نيجيريا بهدفين لصفر، أما بقية المباريات فكان التعادل بهدفين في كل شبكة في فريتاون أمام سيراليون وهدف لمثله في الخرطوم أمام السودان، وخسارة في نيامي بهدف نظيف أمام منتخب النيجر المتواضع، وبرغم الخبرة التي اكتسبها رفقاء ماجر بعد مشاركتهم في كأس العالم، بقي شبح اللعب في إفريقيا يطاردهم، حيث تعادلوا في كوتونو أمام بينين وفي واغادوغو أمام فولتا العليا وفي نواقشط أمام موريتانيا. وتاريخيا، فإن أكبر الانتصارات الخارجية التي حققها الخضر خارج الديار تحققت أمام منتخبين من المغرب العربي، حيث سحق رفقاء بن ساولة المغرب في الدار البيضاء بخماسية مقابل واحد ضمن تصفيات الألعاب الأولمبية في موسكو 1980، وسحقوا تونس في ملعب المنزه برباعية مقابل واحد، ضمن تصفيات كأس العالم في المكسيك 1986. وإذا كان اللقب الإفريقي الوحيد لمنتخب الجزائر، قد تحقق في الجزائر سنة 1990، فإن كل المدربين الذين تعاقبوا على الخضر تمنوا لو تنظم الجزائر كأس أمم إفريقيا حتى يتنافسوا على اللقب على أرضهم وأمام جمهورهم، حيث تصبح المهمة ليست معقدة. المشكلة ليست في اللاعبين المحترفين للخضر، فقد عجز الجيل الذهبي مع عصاد وفرقاني وكان غالبية لاعبيه ينشطون في الجزائر عن تحقيق الفوز في قلب القارة السمراء، كما أن الأندية الجزائرية جميعها بالرغم من تتويجاتها كانت تخسر في الأراضي الإفريقية، وأحيانا تتلقى هزائم قاسية وكان آخرها ما حدث لوفاق سطيف في أول مواجهة له في دور المجموعات في رابطة أبطال إفريقيا الحالية، أمام مازمبي في عاصمة الكونغو الديمقراطية. وقد تحسنت بعض البلاد الإفريقية بملاعبها الجميلة وأحيانا طقسها الذي يشبه الطقس في الجزائر، ولكن النتائج ساءت كما حدث لجمال بلماضي في بلاد مسالمة لا يزيد عدد سكانها عن نصف عدد سكان الجزائر العاصمة، ولا تملك أي لاعب مشهور، ومع ذلك كان بلماضي مثل الذين سبقوه من مدربين، باستثناء الفرنسي كريستيان غوركوف الذي كان يفوز خارج الديار ويضمن أيضا اللعب الجيد باستثناء الظهور الشاحب أمام تانزانيا في دار السلام، إذ لولا إسلام سليماني الذي قلب الخسارة بهدفين نظيفين إلى تعادل لكانت المهزلة.