فضّل الشيخ الأستاذ محمود بن أحمد الصغير عبد السلام، تسليط الضوء على تاريخ وجغرافية منطقة تكوت بباتنة، من خلال كتاب يتشكل من 300 صفحة، تحت عنوان “مدينة تكوت بباتنة ووليها الصالح سيدي عبد السلام”، حيث حاول نفض الغبار عن ماضي هذه المنطقة الواقعة على بعد 100 كيلومتر، جنوب ولاية باتنة، والتي تشتهر بعدة تظاهرات ثقافية واجتماعية، وفي مقدمة ذلك التظاهرة السنوية سوق عيد الخريف. حاول الشيخ الأستاذ محمود عبد السلام في هذا الكتاب التعريف بجغرافية وتاريخ مدينة تكوت منذ عصور ما قبل التاريخ إلى غاية نزول سيدي عبد السلام بن المعلا بها، وصولا إلى الحقبة الاستعمارية وفترة الاستقلال في ظل الدولة الجزائرية الحديثة، كما عرج على تاريخ قدماء سكان تكوت ومعتقداتهم، وكذا الحياة الطبيعية في المنطقة من جبال ووديان وغابات وتضاريس ومناخ، وتحدث عن مخطط تكوت القديمة ومعمارها والمواد الأولية التي بنيت بها، وعن أحيائها والطرق الموصلة إليها، وتركيبتها لاجتماعية وأصول سكانها القبلية والعرقية والتعريف بعاداتهم وتقاليدهم، وعن مؤسساتها الدينية والتعليمية ومرافقها الاجتماعية والاقتصادية ومعالمها التاريخية والأثرية، وتنظيمها الإداري والمشائخي أو العروشي والقضاء الشرعي، إضافة إلى تحليل نصين حول تكوت في عيون كاتبين فرنسيين، وكذا علماء مروا بتكوت، مثل الشيخ المولود الزريبي والطيب العقبي وعبد المجيد بن حبة وعبد اللطيف سلطاني وعمر دردور وغيرهم. وأكد الشيح محمود عبد السلام في مقدمة كتابه أنه أراد تقديم صورة عن قرية تكوت في عهدها القديم قبل أن تأتي على بنيانها معاول الهدم، وخاصة هيكلها العمراني العتيق الذي كانت تتجلى به تكوت عاصمة الأوراس الجنوبي لعدة قرون خلت، مشيرا أنه لم يبق من هيكل القرية العتيق سوى بعض المعالم والأطلال، حيث يوجد حي العرقوب في شرقها، وفي غربها يوجد تحت بعض المنازل بين العين والماجن وحي الزقاق بجوار مسجد الوالي الصالح سيدي عبد السلام. كما كشف عن مكانة منطقة تكوت، في ظل توسطها بين عدة قرى تابعة لها إداريا واجتماعيا، مثل شناورة وتيغزة والقصر وتادخت، ناهيك عن مركز قيادة عرش بني بوسليمان، في البرج الفخم الذي بني عند مدخل القرية يسارا، وقد تحول إلى أطلال غطته البنايات الحديثة. ونفض الغبار في الوقت نفسه عن بعض أعلام المنطقة، مثل المجاهد ورجل الأعمال الراحل الوردي شعباني، وأشار إلى تظاهرة سوق عيد الخريف السنوية، ووضعية التعليم في تكوت القديمة وبعض رجال التعليم والإمامة في ذات المنطقة قبل النصف الأول من القرن الماضي. وحسب الدكتور عبد الباسط دردور، فإن جل كتابات الشيخ محمود عبد السلام لم يتم طبعها لحد الآن، ما عدا كتاب “ملاح ثقافية في جنوب الأوراس” الذي صدر منذ 3 سنوات، ومن بين كتبه المخطوطة كتاب “جوانب من حياة المجتمع في منطقة الأوراس من 1934 إلى 1962″، كتاب “ملامح حول التعليم في جنوب الأوراس خلال النصف الأول من القرن العشرين”، وكتاب آخر حول دائرية دائرة آريس القديمة خلال الاحتلال الفرنسي (1844/1962)، ومخطوط عبارة عن مذكرات وسيرة ذاتية بعنوان “صراع مع الحياة”، ومسودة لكتاب ترجم فيها لأعلام عن منطقة الأوراس، وآخر حول الأمثال والحكم الشعبية في منطقة الأوراس. ويعد الشيخ الأستاذ محمود عبد السلام من مواليد 1926 بتكوت، وهو من طلبة المعهد الباديسي بقسنطينة، وخريج جامع الزيتونة بتونس، كما نال شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة بغداد سنة 1962، بعد الاستقلال فضل الاشتغال في التعليم، ليتفرغ بعد إحالته على التقاعد للقراءة والتأليف، حيث أنجز منذ 1987 عدة كتب تدور حول التركيبة الجغرافية والاجتماعية والثقافية والتاريخية لمنطقة الأوراس.