لجأ مرشحون يتقلدون مناصب سامية في حزب جبهة التحرير الوطني، إلى تفعيل نفوذهم داخل الحزب، تحسبا لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، المرتقب إجراؤها في ال29 من ديسمبر المقبل. وذكرت مصادر على علاقة بهذا الملف، أن بعض أعضاء المكتب السياسي، شرعوا في استغلال ما بيدهم من أوراق، من أجل ترغيب وترهيب منتخبي الحزب المحليين، أملا في تطويعهم ومن ثم ربح أصواتهم في انتخابات التجديد النصفي. وتطالب أوساط واسعة في الحزب العتيد، قيادة جبهة التحرير بضرورة وضع شرط النزاهة ونظافة اليد، إلى جانب الشروط المعهودة مثل الأقدمية في النضال، مقابل قبول ملفات الترشح لانتخابات التجديد النصفي. وجاء هذا المطلب بعد أن رُصِدت محاولات لبعض المترشحين استغلال نفوذهم بحكم تقلدهم مسؤوليات سامية في الحزب، مثل عضوية المكتب السياسي، ممن يعتزمون الترشح لانتخابات التجديد النصفي، وكذا الظرف الذي يمر به الحزب من أجل الضغط على المنتخبين المحليين ودفعهم للتوقيع على تزكيتهم، تحسبا لانتخابات مجلس الأمة. وكان ولد عباس قد تحدث في لقائه بمنتخبي حزبه في ولاية البويرة أمس، عمن وصفهم ب”المحاربين” في انتخابات التجديد النصفي، غير أنه لم يتطرق إلى الحديث عن الشروط التي يتعين توفرها في المترشح، حفاظا على حظوظ الحزب واستمرار بقائه متقدما على غيره من الأحزاب في الغرفة العليا للبرلمان. ومن بين ما كان يجب على ولد عباس الحديث عنه، برأي مراقبين، هو تقديمه ضمانات على نزاهة الترشح لهذا الاستحقاق، والعمل على توفير مناخ تنافسي يطبعه تكافؤ الفرص، فضلا عن تسليط ملفات المترشحين لدراسة دقيقة من قبل لجان سيدة ومستقلة، تسقط جميع ملفات المترشحين المشبوهين (…). بالإضافة إلى التدقيق في ماضي المترشحين وخاصة أولئك الذين تقلدوا مناصب سامية في الدولة، ممن ثبت في حقهم ارتكاب أخطاء في التسيير أو تلقي رشاوى، بما في ذلك أولئك الذين وُثقت ملفات فساد ضدهم، ما تزال قيد الدراسة على مستوى العدالة. وقد اعتاد الجزائريون أن يشهدوا تنافسا غير شريف في سباق الدخول إلى البرلمان بغرفتيه تستعمل فيه كل الوسائل المباحة وغير المباحة، لأن مثل هذه المواعيد تحولت إلى مشروع منفذ للهروب من العقاب بالنسبة لأولئك الذين تورطوا في المحظورات، نظرا لما يوفره الفوز بمقعد في إحدى الغرفتين، من حصانة برلمانية تبقي صاحبها بعيدا عن المتابعة القضائية، أول على الأقل تؤجل، هروبه من العدالة. ويأتي تحضير “جبهة التحرير” لموعد نهاية ديسمبر المقبل في ظروف خاصة هذه المرة، فالحزب يعيش أزمة جديدة بسبب تداعيات الصراع الدائر حول رئاسة المجلس الشعبي الوطني، وما خلفته من انقسامات بين مؤيد ومعارض لرئيسه السعيد بوحجة. وقد بيّنت التجارب السابقة، أن “جبهة التحرير” عانت أكثر من غيرها من التصويت العقابي في انتخابات من هذا القبيل، بسبب خروج التنافس عن حدوده المسموح بها، وهو المعطى الذي كثيرا ما استفاد منه غرماؤها من الأحزاب السياسية، وعلى رأسهم الغريم، التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما يحتم وضع شروط موضوعية للترشح يحتكم إليها الجميع عن قناعة.