صوّت نواب المجلس الشعبي الوطني، بالأغلبية على النائب معاذ بوشارب رئيسا للمجلس خلفا للسعيد بوحجة الذي أزيح من منصبه بعد رفض نواب الموالاة العمل معه، وبالمقابل قاطعت أحزاب المعارضة جلسة التصويت، واصفة ما يحدث تحت قبة زيغود يوسف ب"المهزلة". في سابقة تعد الأولى من نوعها، في تاريخ المؤسسة التشريعية بالبلاد، انتخب نواب البرلمان رئيسا جديدا للغرفة السفلى، بالتزامن مع تمسك بوحجة بمنصبه، رغم "اختفائه" من المجلس منذ نحو الأسبوع. شهدت الساعات الأولى من نهار أمس، حضورا قويا لممثلي الشعب، ووسائل الإعلام التي توافدت على مقر البرلمان الذي بقي "مهجورا" لأكثر من أسبوع وأبوابه مغلقة بالسلاسل و"الكادنة"، احتجاجا على تمسك بوحجة بمنصبه، ففي بهو المجلس حضرت الموالاة وغابت المعارضة، وسادت حالة من الترقب وسط تساؤلات: أين هو بوحجة ؟ وهل ستمر الجلسة بخير وسلام؟ ..وما هي إلا دقائق حتى أعلن النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني الحاج العايب بداية الجلسة باعتباره الأكبر سنا، حيث عرض تقرير لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات الذي تضمن إعلان حالة شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني الذي تولاه بوحجة في 24 ماي 2017، وصوت على هذا القرار 317 نائب. وعلى عكس ما كان مبرمجا من تنظيم جلستين، تم وبصفة مفاجئة تغيير البرنامج، لتجمع الجلستين في جلسة واحدة، الأمر الذي ترجمه الحاضرون على أنه درء لأي عارض أو طارئ قد يحدث ليعكر صفو الأجواء وسير الأمور كما كان مخططا لها، فالجلسة الثانية التي انطلقت بعد نصف ساعة، أي على الساعة 11.00، وافتتحها العايب بإعلان عن أسماء المرشحين، ليتأكد بعدها أن معاذ بوشارب هو المرشح الوحيد بالإجماع، حيث منح ما يقارب 320 نائب ينتمون لمختلف التشكيلات الحزبية أصواتهم للرئيس الجديد الذي حظي بتزكية كل من نواب حزب الآفلان، الارندي، تاج، الأمبيا، كتلة الأحرار، مع امتناع شخص واحد عن التصويت. معارضون يطالبون الرئيس بحل البرلمان وغير بعيد عن نواب الموالاة، فضل بعض وجه المعارضة تحت قبة زيغود يوسف، الحضور واستغلال تواجد وسائل الإعلام ليعبروا عن مواقفهم، ويحتجوا بطريقتهم على إزاحة بوحجة، وهو ما عبر عنه النائب عن اتحاد النهضة العدالة البناء لخضر بن خلاف، الذي دعا رئيس الجمهورية لحل البرلمان، ووقف ما وصفه بالمهزلة، قائلا: "الطريقة التي انتخب بها معاذ بوشارب غير قانونية، والمعارضة ترفض المشاركة في الجريمة، وهي التعدي على قوانين الجمهورية"، في حين غاب نواب العمال والأرسيدي والأفافاس وحمس عن الجلسة، احتجاجا على الطريقة التي تم بها إبعاد بوحجة وانتخاب رئيس جديد. بوشارب: أشكر الرئيس بوتفليقة على ثقته بالمقابل، تعهد الرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، ب"تكريس ثقافة الشراكة" داخل الغرفة السفلى للبرلمان، وكذا "ترسيخ قواعد التعاون مع الحكومة على قاعدة الفصل بين السلطات". ففي كلمة له، التزم بوشارب أمام النواب ب"تكريس ثقافة الشراكة والتوافق والبناء والتواصل الدائم مع الجميع"، مؤكدا أنه سيكون "متفتحا على كل الآراء والاقتراحات الكفيلة بتحسين أداء المجلس وجعله أقرب إلى المواطنين"، وأنه سيعتمد "منهجية التشاور مع مختلف مكونات المجلس سواء كانت أغلبية أو معارضة". واعتبر معاذ أن "تحمل مسؤولية رئاسة المجلس أمانة وتحد في الوقت نفسه، وهو ما يجعلنا أكثر عزما على تكريس مكانة البرلمان"، مشيرا أن "عملا كبيرا" ينتظر الغرفة السفلى للبرلمان، من خلال الدراسة المعمقة لعدة مشاريع قوانين وفي مقدمتها مشروع قانون المالية لسنة 2019. ووصف الرئيس الجديد للغرفة السفلى للبرلمان، انتخابه من طرف النواب، بأنه "نابع من وعي عميق بضرورة ضمان استمرارية المجلس الشعبي الوطني ومواصلة تعزيز الديمقراطية ومواجهة تحديات الراهن والمستقبل"، قائلا: "أتمنى أن تكون هذه التزكية "انطلاقة جديدة للمجلس تعزز الأداء البرلماني في ظل احترام ثقافة الحوار". ولم يفوت بوشارب الفرصة ليعبر عن شكره وامتنانه لرئيس الجمهورية على "الثقة" التي حظي بها من طرفه، متعهدا بأن يبذل قصارى جهده لأن يكون في مستوى هذه الثقة.