دعت الجزائر إلى تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الخارجية لاتحاد المغرب العربي "في أقرب الآجال"، وهي الدعوة التي جاءت بعد "المناورة" التي أطلقها العاهل المغربي محمد السادس، والتي دعا من خلالها الجزائر إلى حوار ثنائي. وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، "أن الجزائر أخطرت الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش، بتنظيم اجتماع لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد وتوجيه هذا الطلب إلى وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد". المبادرة وفق المصدر ذاته "تندرج ضمن القناعة الراسخة للجزائر التي أعربت في عديد المرات عن ضرورة الدفع بمسار الصرح المغاربي وبعث مؤسساته، كما أنها تأتي امتداداً لتوصيات القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الإفريقي بإثيوبيا حول الإصلاح المؤسساتي ودور المجموعات الاقتصادية الإقليمية في مسار اندماج الدول الإفريقية". وكان العاهل المغربي قد أطلق في السادس من نوفمبر الجاري، مبادرة قال إنها بمثابة "آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور"، لتسوية النزاعات بين الجزائر والمغرب، وهي الدعوة التي لم تتفاعل معها الجزائر بالشكل المأمول، لكونها جاءت في ظرف مشبوه، إلى درجة أن الكثير من المراقبين ربطوها بالمفاوضات المقبلة بين المغرب وجبهة البوليزاريو، على بعد نحو أسبوعين بمدينة جنيف السويسرية، الأمر الذي اعتبره الطرف الجزائري محاولة من قبل المخزن، للتنصل من مسؤولياته ومسعى للتخفيف من الضغط الدولي الرامي إلى إنهاء الأزمة الصحراوية التي عمرت لأكثر من أربعة عقود. ويتضح من خلال فحوى المبادرتين، أن المغرب يسعى إلى إطلاق حوار ثنائي مع الجزائر لتسوية ملفات عالقة تهم المغرب بالدرجة الأولى، وعلى رأسها القضية الصحراوية التي باتت تضغط أكثر من أي وقت مضى على الأجندة الدبلوماسية للمخزن، حيث أصبحت تشكل عبئا ثقيلا صعبا على الرباط الاستمرار في حمله إلى ما لا نهاية. أما المسعى الجزائري فيقوم على تفعيل الحوار في الفضاء المغاربي، وذلك استنادا إلى المؤسسات المغاربية القائمة، والتي تعاني من حالة شلل شبه تام، جراء ربط المغرب تفعيل هذا الفضاء بموقف جزائري متساهل بخصوص القضية الصحراوية، وهو الأمر الذي رفضته الجزائر ولا تزال، كون الأمر يتعلق بقرار مبدئي، يقوم على تصفية الاستعمار، الذي عانت منه الجزائر أكثر من غيرها. وقد حاول العاهل المغربي من خلال مبادرته، وضع الجزائر في الزاوية عبر السعي إلى إظهارها رافضة للحوار كوسيلة لحل الخلافات الثنائية، مثل ما سبق له أن حملها مسؤولية تعطيل هيئات الاتحاد المغاربي، غير أن الواقع يقول غير ذلك، فالجزائر صادقت على 29 اتفاقية قطاعية من مجموع 36 اتفاقية تم إبرامها منذ إنشاء الاتحاد في عام 1989، في حين أن المغرب لم يوقع سوى على ثماني اتفاقيات فقط. وقد أراد الطرف الجزائري من وراء دعوته لاجتماع وزراء الخارجية للاتحاد المغرب العربي، التأكيد على أن الجزائر أكثر الدول المغاربية الخمس التزاما بالحوار وبالحفاظ على استمرار الفضاءات التي تجمع دول الاتحاد، بدليل توقيعها أكثر من غيرها من الدول الخمس الأعضاء (بعد ليبيا) في الاتحاد على الاتفاقيات المفعّلة لدور هذه الهيئة.