أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الإثنين، أن "قوة الأمة تقاس بمدى وفائها لماضيها وتراثها وتاريخيها بينما يكمن ضعفها في تنكرها لماضيها ونفورها من تراثها ونسيانها تاريخها والاستهتار بتعلمه". وفي رسالة بمناسبة افتتاح الأسبوع الوطني العشرين للقرآن الكريم المنظم بوهران، قال رئيس الجمهورية إن هوية الجزائر "مستمدة من ماضيها الأمازيغي التليد ومن تاريخها العربي العريق ومن تراثها العربي الإسلامي الأصيل والوفاء لهذه الثوابت هو وفاء للوطن ذاته". وحذّر الرئيس بوتفليقة من أن "نتسبب اليوم في انكفاء أبنائنا عن أسلافهم العلماء الذين أسسوا في هذا الوطن لمرجعية دينية قويمة تنهل من الكتاب والسنة وتقوم على مبدأ الوسطية والاعتدال وتتجدد بالاجتهاد". وأضاف الرئيس بأنّ "هذا الوضع سيجعل أبنائنا عرضة لفتك التيارات الفكرية الدخيلة والمذهبيات المنحرفة والحركات الاستغلالية والتي استعملت الإسلام لتمزيق المجتمعات وإضعاف الأوطان وبث الكراهية فيها والضغينة والبغضاء". وتحدث بوتفليقة عن ثمار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية قائلا: إن "هذا الميثاق الذي ولد من رحم الأزمة لا يعني تمزيق صفحة الماضي ولا نسيان المأساة وأسبابها، ولا يعني أننا أصبحنا في منأى عن الوقوع في المأساة ثانية بل الخطر ما زال داهما ما لم نكن أوفياء لأولئك الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحفاظ على وحدة الجزائر وجمع كلمتها وسد الطريق أمام خطاب الفتنة والكراهية والتمييز". وقال الرئيس بوتفليقة إن "الجزائر تنعم اليوم بثمار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي جعل منها الدستور مبدأ ثابتا، وقاعدة عمل في تعاملنا مع الوقائع والأحداث". وأشار إلى أن "الوفاء للوطن انتشل الجزائر ثانية من أتون الفتنة النكراء، التي كادت أن تعصف بميراث الشهداء وتقوض أسس الدولة الوطنية وكذا تنسف بمبادئ نوفمبر والميراث الحضاري للدولة لولا لطف الله وتضحيات المخلصين". وعبّر رئيس الدولة "عن امتنان الجزائر وإكبارها لكافة السادة الأئمة الذين لم يخلوا مناصبهم ولم يبرحوا مساجدهم ولم يسلموا منابرهم لدعاة الفتنة أيام المأساة الوطنية"، معتبرا بأن الوفاء لهذه النخبة المنتقاة لا يكون إلا "باستمرار الدولة في منع خطاب الكراهية وفي محاصرة محاولات التقسيم الطائفي والمذهبي وفي السعي إلى إحياء ميراث أسلافنا العلماء الذين كانت خطاباتهم ودروسهم بلسما شافيا للأدواء التي تطول المجتمع وتعيقه عن التقدم والرقي". وقال رئيس الجمهورية إن الوفاء منظومة أخلاقية متكاملة وترقى إلى مصاف القيم التي جاءت العقول السليمة بتوقيتها، مشيرا إلى أن قوة الأمة تقاس بمدى وفائها لماضيها وتراثها وتاريخها وحمايتها والحث عليها والذود عنها بالقوانين والتربية والتعليم، كما تتفاوت قوة الأمم فيما بينها بمدى إشعاع هذه القيمة وما يعاضدها منها، مضيفا أنه "لا يصح اليوم أن تتسبب النقاشات الجوفاء والتشكيك المنهج في نكران ابنائنا لتاريخهم وأسلافهم".