سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حطاب حرمنا من تنظيم “أوسكار” عالمي بالجزائر.. تجاهل العرض بعد موافقته ولم يرد على اتصالاتي مراد مزار ينتقد وزير الشباب والرياضة ويؤكد في حوار ل"الشروق":
لم يخف مراد مزار، رئيس الاتحادية الدولية لمكافحة الفساد الرياضي، استياءه من العراقيل التي واجهها من طرف الجهات الوصية، خلال المسعى الذي قام به لتنظيم حفل كبير بالجزائر، وهذا بحضور شخصيات وطنية وعالمية في المجال الرياضي والسياسي والقضائي وغير ذلك، مضيفا بأن وزير الشباب والرياضة محمد حطاب، يتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية عدم احتضان الجزائر لهذا الأوسكار، الذي كان من المزمع أن يتم فيه تكريم رئيس الهلال السوداني الدكتور أشرف سيد أحمد الملقب ب"الكاردينال"، ورئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي أكد محاربته الرشوة في ملتقى أديس أبابا عام 2007، كما أكد مراد مزار بأنه كان مستعدا للمساهمة في تنظيم الجزائر لكأس إفريقيا 2019، موازاة مع تجريد الكاميرون، إلا أن عدم تحمس وزير الشباب والرياضة حرم الجزائر حسب السيد مازار من هذه المنافسة الكروية الهامة. قيل الكثير عن مساعيكم بخصوص تنظيم حفل كبير في الجزائر، لكن فشلتم في ذلك، فهل يمكن أن تشرح لنا بدايات هذا المسعى؟ لما رأيت أن الحدث عالمي مهم، ومن تنظيم الاتحادية الدولية لمكافحة الفساد الرياضي، أردت بعد إقناع أعضاء مكتبي تنظيمه في الجزائر، حيث تحدثت مع رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية مصطفى بيراف، الذي أكد لي بأن مثل هذه الأمور هي من صلاحيات وزير الشباب والرياضة، وعليه من الأفضل أن أتصل به، فالتقيت وزير الشباب والرياضة محمد حطاب، وشرحت له بالتدقيق أهمية هذا الحدث عالميا، والذي تبلغ تكلفته مليون أورو، لكن من دون أن تدفع الجزائر أي سنتيم، علما أن موعد الحفل كان يوم 29 جويلية الفارط. كيف كان رده؟ وافق على الفكرة، بل استحسنها كثيرا وقد التقطنا صورا للذكرى، وفي اليوم الموالي أرسلت له مراسلة رسمية وفق ما هو متفق عليه، وأبرزت فيها أهمية وقيمة هذا الحدث، كما أكدت بأن تغطية التكاليف ستكون على عاتق الاتحادية الدولية لمكافحة الفساد الرياضي. ما الغرض من تنظيم هذا الحدث في الجزائر؟ هذا الحدث يصب في خانة محاربة الرشوة، وقد أقيمت عام 2016 ندوة عالمية من طرف خبراء اغلبهم أساتذة جامعيين، وخرجوا بتوصيات تندد بالرشوة والمنشطات، وبحكم أن الجزائر لها مبادئ واضحة ضد الرشوة، وفي مقدمة ذلك رئيس الجمهورية، فقد وظفت جهودي حتى يتم إقامة هذا الحفل في الجزائر. كيف تمت الخطوات الأولى؟ قمنا بعدة ترتيبات منذ عهد الوزير السابق للرياضة الهادي ولد علي، حيث راسلنا مختلف البلدان بما فيهم الجزائر، ثم واصلنا المسيرة في عهد الوزير حطاب، الذي التقيت به ومنح الموافقة موازاة مع إرسال الوثائق اللازمة، كما تضمنت فكرتنا دعوة مختلف الشخصيات الفاعلة في النواحي الرياضية والقضائية والإعلامية والسياسية وغيرها، في إطار جدول الأعمال الذي يصب أساسا في محاربة الرشوة، والأكثر من هذا هناك شخصية مرموقة كنا نعتزم تكريمها، قامت بأشياء مهمة لتطوير الرياضة. ما هي هذه الشخصية؟ هو رئيس الهلال السوداني الدكتور أشرف سيد أحمد "الكاردينال". لماذا اعتزمتم تكريم رئيس الهلال السوداني بالذات؟ لأنه كرس تقاليد احترافية في مجال التسيير، حيث أنجز مركزا رياضيا مجهزا بفندق وملعب وجميع الضروريات، وكانت له مواقف ضد المكتب السابق للاتحادية السودانية، ولما اقترحنا عليه مكان تنظيم الحفل، فقد اختار الجزائر دون تردد، حيث قال لي في هذا الجانب: "هل فيها تفكير، الجزائر هي الأحق بتنظيم هذا الحفل الكبير"، وهو ذات الكلام الذي أثرى به الرسالة الرسمية التي أودعها في هذا الجانب. ما هي الخطوات التي قمتهم بها بعد ذلك؟ بحكم أنني لست مؤهلا لاتخاذ أي قرارات في الجزائر، فكان من اللازم الحصول على ترخيص، وعليه قام بإرسال نسخة لسفيرنا في السودان وسفيرهم في الجزائر، فضلت ألا أتدخل في مثل هذه المسائل، وقد قوبل هذا الطلب بارتياح كبير وسط السلطات السودانية. وما هي تفاصيل الحفل الذي كنتم تودون إقامته؟ بعد مشاورات، تم اقتراح تنظيم حفل عشاء على شرف ألف شخص، بتكلفة 15 ألف دينار للشخص الواحد، وهو ما يكلف مليارا ونصف مليار سنتيم، وفي الوقت فإن "الكاردينال" كان سيتنقل في طائرة من السودان بمرافقة 50 ضيفا من رفقائه، أغلبهم من الأثرياء ورجال الأعمال، تخيل أن الرئيس السوداني عمر البشير قام بتكريم رئيس الهلال السوداني بعد علمه بالإجراءات القائمة لتنظيم الأوسكار وتكريمه في الجزائر، كما تم حجز 135 غرفة، بعضها لمدة 15 إلى 20 يوما وجناح فيلات على شرف المدعوين، وعليه فإن جميع الإمكانات والظروف كانت مواتية لتنظيم هذا الأوسكار، كما أن الجماعة التي كانت في الخارج وضعت في الثقة للمساهمة في إنجاحه. هل التقيت مجددا وزير الشباب والرياضة؟ نعم، التقيت الوزير حطاب، وقلت له بأن هناك 500 دعوة خاصة بحفل العشاء، له حرية التصرف فيها، من خلال دعوة مختلف الوجوه والشخصيات السياسية والدبلوماسية والرياضية وغيرها. هل تواصل الأمر وفق ما كنتم تطمحون إليه؟ للأسف، مع اقتراب الموعد، لم أتلق أي اتصال، والأكثر من هذا فإن وزير الشباب والرياضة لم يرد علي، حدث هذا في الوقت الذي لم يتوان فيه سفير السودان في الاتصال بي من حين لآخر، حتى أنه قال لي: "لم أفهم الصمت الرهيب من طرف الجهات المعنية، فلا وزير الرياضة استفسر ولا وزير الثقافة استفسر"، وما حز في نفس السفير أنه أودع مراسلات إلى وزير الشباب والرياضة ووزير الثقافة دون أن يتلقى الرد، هذا الأمر لم يفهمه مثلما لم أفهمه، خصوصا وأن هناك شخصية مبرمجة ستحظى بالتكريم، حيث كنا ننتظر رد السلطات لتجسيد هذا المسعى، وبالمرة رد الجميل للشعب السوداني. ماذا تقصد؟ الذي لم أفهمه، هو انه حين واجه المنتخب الوطني نظيره المصري في أم درمان عام 2009، جميع السودانيين وقفوا مع الجزائر، جماهير وسلطات، لكن في الوقت الذي كنا نعتزم تكريم شخصية رياضية سودانية مرموقة، واختار الجزائر لاحتضان هذا التكريم، نلمس هذا الصمت الرهيب من وزيري الشباب والرياضة والثقافة. هل لمست بعد ذلك تداركا من الجهات الوصية؟ قبل أيام قليلة عن الموعد (19 جويلية)، بقيت الأمور على حالها، ما جعلني ابلغ رئاسة الجمهورية، وبعد 24 ساعة يتصل بي مسؤول بالوزارة قائلا لي: "لقد تلقينا رسالة من الرئاسة، فقلت له "راك تتمسخر معايا"، لقد ضبطت الأمور، وكنا نعتزم أن تحضر 500 شخصية من مختلف بلدان العالم، لكن لا أحد رد على اتصالاتي، لهذا قررنا إلغاء هذا الحفل لكن بتوابع ومخلفات". ما هي هذه المخلفات؟ طبعا هناك أشخاص تعبوا في فرنساوالجزائر لتحضير هذه المناسبة، واعتبرناها على أنها حدث جزائري، لكن في النهاية وزارة الشباب والرياضة تعاملت ببرودة مع المسألة، فكان لزاما أن نطالب هذه الهيئة بتعويضات، خاصة وأن الممولين تكبدوا خسائر كبيرة تحضيرا لهذه المناسبة، ناهيك عن تأثر الجميع نفسيا دون نسيان تأثير هذا التراجع على سمعة الجزائر، وقد طلب مني ذات المسؤول التدارك لربح الوقت وتنظيم الحفل، لكن قلت له بأنه ضاع الوقت، وضيعتم فرصة مهمة لتشريف الجزائر. من أي ناحية؟ كنا نعتزم أن يكون الحفل كبيرا، في إطار محاربة الرشوة، وعلاوة على تكريم الشخصية الرياضية السودانية، فإن رئيس الجمهورية كان أيضا مبرمجا للتكريم، ليس من باب المجاملة، لكن لأنه أول رئيس أدان العنصرية والفساد، وذلك عام 2007 في أديس أبابا، وكنت شاهدا على ذلك، وكنا نعتزم أن يكون هذا الأوسكار كل عام ويحمل بصمة رئيس الجمهورية، كما يحمل بصمة مقام الشهيد، حتى يكتسي صفة رمزية بحكم أن الانطلاقة كانت الجزائر بحضور شخصيات في القطاع الأمني والقضائي والرياضي يتولون تسليمه، لكن في النهاية كل هذا الطموح تبخر بسبب العراقيل الممارسة، فكيف لي أن امنح الأوسكار لرئيس الجمهورية في الوقت الذي حالت فيه العراقيل دون توجيه الدعوة للشخصيات المعنية والثقيلة، هناك من يريد تحطيم أي مبادرة جزائرية من طرف الجزائريين أنفسهم، لماذا هذه العراقيل التي تصب في خانة تثبيط العزيمة. متى كنتم تعتزمون تنظيم هذه المناسبة؟ يوم 19 جويلية المنصرم، لكن الغريب في الأمر هو أن سفير السودان في الجزائر غادر الجزائر يوم 29 جويلية دون أن يتلقى ردا واضحا، شيء آخر تأسفت له وهو أغلب الجزائريين الناشطين في هيئات دولية رفضوا الإمضاء على هذا الأوسكار من أجل رئيس الجمهورية، حدث ذلك رغم انهم كثيرا ما يتبجحون ويشيدون برئيس الجمهورية في المنابر الإعلامية، لكن في الميدان شيء آخر، وهنا استثني بعض الوجوه التي أبدت استعدادا لإنجاح هذه المبادرة. هل كان لك لقاء جديد مع وزير الشباب والرياضة؟ التقيت به خلال منافسة الألعاب الإفريقية، حيث قلت له ما حدث كارثة، وعبرت له عن تأسفي لتراجعه عن وعوده بعد الموافقة التي قدمها لي في وقت سابق، ناهيك عن تفاديه الرد على اتصالاتي ورسائلي. كيف كان رده؟ أراد أن يتجاهل الأمر، وقال لي: "لقد نظمتم هذه المناسبة"، فقلت له: كيف يتم تنظيمها دون حضورك "أنعل الشيطان"، والأدلة موجودة. ما هو القرار الذي اتخذتموه بعد كل هذا؟ لما رأى "الكاردينال" استحالة تنظيمه في الجزائر، اتصل بي وقال، هناك مباراة كبيرة بين قطبي الكرة السودانية المريخ والهلال تلعب بالإمارات، مضيفا بأنه سيعلم الهيئات الإماراتية لاحتضان هذه المباراة وتنظيم هذه المناسبة في الوقت نفسه، وفعلا كان ملعب زايد مسرحا لها وسط حضور 40 ألف متفرج، وجرت في ظروف رائعة، وبين عشية وضحاها انتشرت المعلومة وصنعت الحدث عالميا وإقليميا، هل رأيت من يحب الخير لبلاده. كم كلفتكم من خسائر دون أن يتم انجاز الحفل في الأخير؟ حوالي 120 ألف أورو خسائر ناجمة عن التحضيرات والحجز المسبق وغير ذلك من التكاليف، وقد واجهت مشاكل كبيرة، خاصة وأنني كنت مصرا على تنظيم الحفل في الجزائر، ما جعلنا ننتظر نهاية الشهر لاستعادة حقوقنا أو اللجوء إلى القضاء لتعويض هذه الخسائر، حيث قمنا بالإجراءات مطلع هذا الشهر، وفي هذا الجانب التقيت وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في الطائرة لما ذهبت إلى الإمارات العربية، وأقسم بأنه لم يستقبل الرسالة التي أرسلها سفير السودان بالجزائر. بعيدا عن ما حدث، ما تعليقك على قرار حرمان الكاميرون من شرف تنظيم "كان 2019″؟ كنت على دراية بذلك منذ مدة طويلة، لأنني علمت بإجراءات الكاف في حينه، وقلت للجهات المعنية بأن هناك تنافسا حادا بين المغرب ومصر على تنظيم "الكان"، وقلت حينها لوزير الشباب والرياضة حطاب إذا أرادت الجزائر تنظيم "كان 2019" فأنا سأوظف جميع الجهود لتنظيمها في الجزائر (نقدر نجيبها)، لأن تنظيم "الكان" أفضل بكثير من تنظيم "الشان" الذي يكلف الكثير ماديا دون أن نجني منه أي مقابل، لكن للأسف لم أتلق أي رد، على غرار ما حدث لي في مشروع الأوسكار حول محاربة الرشوة. تعد من أشد المعارضين للرئيس السابق ل"الفاف" محمد روراوة، لكن كيف تقيم بصمته وثقله على المستوى الوطني والإقليمي؟ فعلا، كنت من أشد المعارضين له، لكن هذا لا يقلل من قيمته، حيث قدم الكثير ولديه علاقات ونفوذ وبمقدوره أن يقدم الكثير للجزائر، الجزائري يبقى ابن الجزائر وقادر على إفادتها مهما كان موقعه. هل من إضافة في الأخير؟ أتأسف كثيرا على حجم العراقيل التي مارستها بعض الجهات، وفي مقدمة ذلك وزارة الشباب والرياضة التي حرمت الجزائر من تنظيم حفل كبير كان سيعطي صورة ايجابية عن الجزائر، كما أتأسف على عدم الاستثمار في الكفاءات الجزائرية الناشطة في الجزائر وخارج الوطن، أتمنى من الجهات الوصية أن تعي هذا الجانب حفاظا على مصالح ومستقبل وسمعة الجزائر والرياضة الجزائرية على الخصوص.