اختلفت آراء الشركاء الاجتماعيين بشأن قرار إلغاء ملاحظات "توبيخ" و"إنذار" من كشوف نقاط التلاميذ، فبينما رحّب الأولياء بالقرار المتخذ من قبل وزارة التربية الوطنية، لما له من تداعيات "إيجابية" على نفسية التلاميذ، ودفع لهم إلى بذل مجهودات في القسم وهو في "أريحية"، انتقدت بعض نقابات التربية الخطوة، معتبرة أنها "عملية غير بيداغوجية" ولا تخدم سياسة التعليم القائمة على "التثمين والعقاب"، متخوفين من القضاء على عملية التنافس العلمي بين التلاميذ في حال تساوى الجميع في الملاحظات. ستخلو كشوف نقاط التلاميذ مستقبلا، من ملاحظتي "إنذار وتوبيخ" التي تعوّد كثير من الأولياء على رؤيتها، وكانت سببا في إثارة غضبهم وقلقهم على مستقبل أطفالهم، كما كانت هاتان الملاحظتان سببا أحيانا في إخفاء المتمدرسين لكشوف نقاطهم عن العائلة أو هربهم من المنزل. وراسلت وزارة التربية الوطنية مديري المؤسسات التعليمية خاصة بالطور الثانوي، من أجل حذف ملاحظتي "إنذار وتوبيخ" من كشوف نقاط التلاميذ، وتغييرها بملاحظات "مناسبة" تدوّن في الكشوف، وغرض القرار حسب تبرير الوصاية هو "تحفيز المتمدرسين على تحسين مستواهم، وإنقاذهم من الإحباط والنفسية السلبية أمام زملائهم ". وقرار وزارة التربية ليس بجديد، حيث نوقشت منذ عام 2004، إمكانية حذف تقديري "إنذار وتوبيخ" الموجودتين في كشوف التلاميذ منذ الاستقلال، لأن الملاحظتين تؤثران في نفسية المتمدرسين، وتجعلهم "مسخرة أمام زملائهم"، خاصة أن بعض مؤسسات التعليم الثانوي تسجل نسبة 65 بالمائة من التلاميذ المتحصلين على هاتين الملاحظتين. وفي الموضوع، أشادت الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ بالقرار المتخذ، الذي وصفته ب "المناسب والإيجابي للمتمدرس"، وخاصة لتلاميذ الطور النهائي المقبلين على اجتياز امتحان مصيري، الذين هم في حاجة إلى "أجواء نفسية مريحة قبل اجتياز البكالوريا". تلاميذ يهربون من المنازل بسبب "إنذار وتوبيخ"… واعتبر رئيس الجمعية، أحمد خالد في اتصال مع "الشروق"، أن وزيرة التربية الوطنية فكرت بقرارها في مصلحة التلاميذ، حيث قال: "التلاميذ المتحصلون على ملاحظتي إنذار وتوبيخ في كشوف نقاطهم، سيعانون خلال مشوارهم الدراسي من فقدان للثقة في إمكانياتهم الدراسية، وقد يفكرون حتى في هجران مقاعد الدراسة لغياب أمل أو محفز لتحسنهم الدراسي، زيادة على العتاب واللوم الذي يتلقونه في المحيط الأسري والسخرية منهم بالمدرسة"، فكل هذه العوامل حسب محدثنا "تقضي على مستقبل التلاميذ أصحاب المستوى المتوسط والضعيف في الدراسة". ووزيرة التربية، حسب محدثنا "فكرت بمنحهم جرعة أمل وتحفيز لاستدراك ما ضيعوه، والتحاقهم بالتفوق الدراسي… إذ بإمكان كلمة أو ملاحظة طيبة أن تغير الكثير في نفسية تلميذ مراهق" على حد قوله. وعلى النقيض، استنكر مجلس أساتذة الثانويات الجزائرية "الكلا"، قرار حذف الملاحظتين من كشوف النقاط، لأنهما تعتبران عقابا للتلاميذ "المهملين للدراسة ودفعا لهم إلى تغيير أوضاعهم". وفي هذا الصدد، قال القيادي وعضو المجلس الوطني، زوبير روينة في اتصال مع "الشروق"، إن المنظومة التربوية الجزائرية دأبت منذ سنوات، على تدوين ملاحظات إيجابية وسلبية في كشوف النقاط "ولم نسجل أي تدهور على النفسية..!!" وقال: "في المدرسة لدينا الأجازات والعقوبات، وهذه الملاحظات جزء من العمل البيداغوجي المهم لتثمين مجهود التلميذ أو للفت انتباهه في حال تدهورت نتائجه"، كما أن الملاحظات على اختلافها، تساهم– حسب روينة– في خلق تنافس علمي بين التلاميذ. فالتلميذ المجتهد تفرحه الملاحظة الإيجابية والمتكاسل تنبهه الملاحظة السلبية لأخطائه. ويرى محدثنا أن وجود تقديري "إنذار وتوبيخ" في المدرسة، هو جزء من التربية الذي يتحمله القطاع التربوي لصالح التلميذ، كما أنها تعلم الأخير المسؤولية وتحمل العقاب، لأن سياسة اللاعقاب التي تريد الوزارة تطبيقها في المدرسة "تساهم في تدهور الأمور لا إصلاحها" على حد تعبير روينة. واستغرب عضو "الكلا " تبريرات الوزيرة بن غبريط بشأن قرارها، المتعلقة بالحفاظ على مشاعر التلميذ، حيث قال: "الحفاظ على مشاعر المتمدرسين أصله الدراسة في بيئة مناسبة وصحية، بعيدا عن المشاكل ونقص التجهيزات وتوفر الإطعام والنقل والكتب والتدفئة… وليس في وجود مصطلح أو اثنين". وأضاف، وحتى بعض التلاميذ خاصة في الطور الثانوي "ليس لهم مشاعر أصلا، فتجدهم يسلمون ورقة بيضاء في امتحان مصيري، ولا يتأثرون بعلامة الصفر في الامتحان، وحتى عائلاتهم لم تعد مهتمة بالملاحظات في كشوف النقاط، عكس عائلات زمان، التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها بمجرد حصول ابنهم على تقدير إنذار أو توبيخ".