رفع عرض "ف..الحيط" للمسرح سيدي بلعباس الجهوي، سقف المنافسة في فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف، بعد أنّ قدم عرضا متميزا أبهر الحضور الذي غص به المسرح الوطني محي الدين بشطارزي. وسط حضور شخصيات فنية مسرحية وممثلين سينمائيين وجمهور غفير ملأ الطوابق الثلاثة للمسرح الوطني، أمتع العرض الكوميدي "ف..الحيط" الذي صممه وأخرجه عبد القادر جريو الجمهور، منذ أول مشهد إلى غاية إسدال الستار على هذه المسرحية التي شهدت تألق بطل "باب الدشرة" عبد الله جلاّب على الخشبة. وقدم العمل الذي عرض سهرة الأربعاء، خطابا مباشرا ناقدا مستمدا من واقع الجزائريين وما يعيشونه على أصعدة كثيرة سياسية واجتماعية ودينية وحتى عاطفية، فكان هناك انتقاد لاذع لجملة من التصرفات التي يصنعها الساسة والإعلام والشعب. ووسط ديكور جميل وسينوغرافيا متحركة توحي إلى أشياء كثيرة من تصميم يوسف عابدي وموسيقى دغدغت مشاعر الجمهور في فترات مختلفة، دارت قصة "مول النية" طبيب يداوي بالأعشاب والخرافات، حيث يوهم المرضى الذين يزورونه بأنّ لديه القدرة على معالجة كل الأمراض المستعصية، والتي تعدّ من أمراض العصر وأرهقت العديد من الأشخاص منها مرض العقم، وبالمقابل لا يلتفت المرضى للطبيب الحقيقي الذي درس لسنوات طوال. ويبرز العمل بأسلوب ساخر وفرجوي من خلال أحداث تأثير الزاوية الدينية في المجتمع والتأثير القوي لوسائط التواصل الاجتماعي على حساب الإنسانية وبهدف حصد الشهرة و"اللايكات" ورفع نسب المشاهدة، بحيث ينتقد روادها والذين أصبح بعضهم من أهم الشخصيات في البلاد، كما ينتقد العمل النظام والذي شبهه ب"العقيم" من خلال شخصية "الدايم" (أدّى دوره عبد الله جلاّب) الذي يتأثر بكلام الطبيب الذي يداوي بالأعشاب ولا يملك علما، ويعارض كل ما يقوله الطبيب والعالم، في إشارة إلى سيطرة الجهل. وتستحضر المسرحية التي قدمت في قالب كوميدي هادف يعتمد على الصورة والإيقاع والموسيقى التراثية لمنطقة الغرب الجزائري (القصبة والبندير) محطات مهمة في تاريخ الجزائر ولعل أبرزها مشهد اغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف. ويشار أنّ العرض سجل مشاركة الممثلين عبد الله جلاّب، محمد قادري، عبد الله مربوح، أحمد بن خال، أحمد سهلي، أبوبكر بن عيسى، في حين وقّع الموسيقى بن حبيب محمد، رابح سيدهم وبلعمري قاضي، أمّا الموسيقى لصالح سامعي.