فضّلت بعض الأندية الجزائرية تكسير القاعدة المألوفة بخصوص تسييرها من "أبناء الفريق"، حتى إنها وصفت في وقت سابق بالمقدس، أو الثابت الذي لا يقبل الجدل، ولجأت إلى خيار انتداب مسيرين ورؤساء يتولون شؤونها، في صورة عبد الحكيم سرار الذي قبل بمهمة رئيس لجنة مديرة مؤقتة لاتحاد العاصمة، خلفا لربوح حداد الذي تولى المهمة منذ امتلاك علي حداد أسهم فريق سوسطارة بدلا من سعيد عليق. هذا الأخير يخوض هذا العام تجربة تسييرية مع شباب بلوزداد، شأنه في ذلك شأن لحلو الذي تولى مهمة مناجير عام في اتحاد البليدة، في الوقت الذي سجلنا ظاهرة جديدة تتمثل في تجريب العنصر النسوي لحظه في تولي رئاسة أندية كرة قدم رجالية.. فتح بعض المسيرين ورؤساء أندية سابقين خيار خروج بعض الأندية الجزائرية من نطاق رئاسة وجوه يصطلح عليها بأبناء النادي، وبذلك تدخل مرحلة انتداب المسيرين والرؤساء، حيث تعرف البطولة الوطنية في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة تتمثل في استقدام مسيرين من أندية أخرى لتحقيق الأهداف المسطرة، سواء بلعب ورقة الصعود أم المراهنة على الألقاب، في الوقت الذي اقتصرت السنوات المنصرمة على انتداب اللاعبين والمدربين فقط، بدليل النماذج العديدة التي تعرفها البطولة الوطنية، من ذلك تولي عبد الحكيم سرار لمقاليد تسيير اتحاد الجزائر، وهو المحسوب على وفاق سطيف، والكلام ينطبق على الرئيس السابق لاتحاد الجزائر سعيد عليق الذي يشرف حاليا على شؤون شباب بلوزداد، وكذا الرئيس السابق لنصر حسين داي لحلو الذي فضل تغيير الوجهة نحو اتحاد البليدة، أملا في إنقاذ أبناء الورود من السقوط، وهذا بعد أن كلف بمهمة مناجير عام، هذه المهمة سبق لبعض اللاعبين والمسيرين أن تولوها في فرق غير فرقهم الأصلية، على غرار فضيل دوب مع جمعية وهران، والمهمة التسييرية التي يقوم بها كمال قاسي السعيد مع مولودية الجزائر وغيرها من الوجوه والأسماء، في الوقت الذي سجلنا قيام الأمين العام السابق لمولودية باتنة حسين بن فرحي بذات المهمة مع شباب عين فكرون، ولو بصفة مؤقتة، موازاة مع وجود السلاحف في الرابطة المحترفة الثانية. سرّار من الوفاق إلى بلعباس ثم سوسطارة صنع اللاعب الدولي السابق عبد الحكيم سرار الاستثناء بتوليه مختلف المهام والمسؤوليات في الشأن الكروي، فعلاوة عن حمله ألوان وفاق سطيف كلاعب لسنوات طويلة، وتتويجه بألقاب وطنية وقارية وإقليمية، إضافة إلى ترؤس إدارة النسر الأسود لعدة سنوات، وتدريبه لذات الفريق في بعض المناسبات، خاصة في مطلع التسعينيات، إضافة إلى اقتحامه عالم التحليل الرياضي من أوسع الأبواب، فإن سرار خاض أيضا تجربة التسيير بعيدا عن إدارة وفاق سطيف، حيث تولى منصب المدير الرياضي لاتحاد بلعباس في وقت سابق، وكانت له مساهمة في عودة أبناء "المكرة" إلى حظيرة الكبار، حدث ذلك رغم أنه لم يعمر طويلا في بلعباس، ليخوض تجربة أخرى جديدة، هذه المرة مع اتحاد الجزائر منذ منتصف الموسم المنصرم، بعدما كلف بمهمة رئاسة المكتب المسير لفريق سوسطارة، بتزكية من المسؤول الأول عن النادي حداد الذي فضّل سرار أن يكون خليفة لشقيقه ربوح حداد. عليق يتعلق ببلوزداد ولحلو لإنقاذ أحلام أبناء الورود والواضح أن عبد الحكيم سرار ليس الشخص الوحيد الذي يتولى مهمة تسييرية بعيدا عن فريقه الأصلي، حيث تشهد بطولة هذا الموسم نماذج أخرى، من ذلك توكيل مهمة إدارة شون شباب بلوزداد للرئيس السابق لاتحاد الجزائر سعيد عليق، حيث يعول أنصار العقيبة كثيرا على خبرة عليق الفنية والتسييرية لصنع الفارق، بغية إنقاذ فريقهم من السقوط، خاصة في ظل المشوار السلبي الذي عرفه في مرحلة الذهاب التي أنهاها في المرتبة الأخيرة، وكخطوة أولى استنجد بعليق بخدمات المدرب عمراني الذي قبل بفكرة الإشراف على بلوزداد موازاة مع انسحابه من شباب قسنطينة، حيث عرف عمراني إلى حد الآن كيف يضفي بصمته بصفة تدريجية، بدليل النتائج الفنية المسجلة في البطولة والكأس، ولو أن العبرة في ضمان البقاء مع نهاية الموسم، وقبل تولي عليق لزمام تسيير شباب بلوزداد فقد كان اسمه متداولا لمدة طويلة في محيط اتحاد الحراش، ما جعله مرشحا للإشراف على ممثل الكواسر، لكن الخطوة لم تجسد، قبل أن يحول الوجهة نحو شباب بلوزداد. في المقابل يخوض الرئيس السابق لنصر حسين داي لحلو خطوة مماثلة، من خلال توليه مهمة تسييرية مع اتحاد البليدة الذي يحتل المرتبة الأخيرة في الرابطة المحترفة الثانية، ويبدو أن الغرض الأساسي من انتداب لحلو هو إيجاد مخرج لأزمة التسيير التي تلاحق أبناء الورود لموسمين على التوالي، ما جعلهم يغادرون حظيرة الكبار في أول موسم لهم بعد صعودهم، في الوقت الذي يتجهون بخطى ثابتة نحو مغادرة الرابطة الثانية إذا لم تحدث ثورة في النتائج، ما يجعل أنصار النادي يعولون على خبرة لحلو لصنع الفارق، خاصة أن هذا الأخير ترك بصمته في وقت سابق مع نصر حسين داي، حيث ساهم في إنقاذه من السقوط عام 2006، كما كان له دور في احتراف حليش في أوروبا وغيرها من التجارب الناجحة التي تعكس حنكته في مجال التسيير. سعيد عليق: لو لم أجد دعم الأنصار لما قبلت الإشراف على تسيير بلوزداد أكد الرئيس السابق لاتحاد الجزائر سعيد عليق أن قبوله بفكرة تولي تسيير أمور شباب بلوزداد كان نزولا عند طلب أنصار العقيبة بالخصوص، وهو الأمر الذي حفزه على قبول المهمة لتسخير خبرته في خدمة النادي، خاصة في ظل الوضعية الصعبة التي يمر بها منذ بداية الموسم، وأكد سعيد عليق أن التحاقه بشباب بلوزداد لا يعد حسب قوله مفاجأة، مادامت العبرة في نظره تكمن في العمل والتحلي بروح المسؤولية، وقال في هذا الجانب: "لو لم أجد دعما من الأنصار لما التحقت بشباب بلوزداد، وإلى حد الآن لم أمض على أي عقد مع الفريق، وهو ما يؤكد أن نيتي تكمن في خدمة النادي والمساهمة في الخروج من الوضعية الصعبة التي يمر بها"، ولم يتوان عليق في انتقاد أطراف تتغنى بنعمة الولاء للفريق، إشارة إلى عدم اقتناعهم بفكرة تولي فريقهم من طرف مسيرين ينتمون إلى أندية أخرى، حيث أكد في هذا الجانب أن هناك من يدعي حب الفريق، لكن في الحقيقة أسماء هؤلاء صنعها لهم شباب بلوزداد، مضيفا أنه حين تولى المهمة لم يجد شباب بلوزداد إلا على الورق. قاسي السعيد يحظى بثقة في "العميد" ودوب ساهم في صعود "لازمو" يعد فريق اتحاد الجزائر من الأندية التي دشنت مرحلة الاحتراف برئيس جديد ليس من المحيط المقرب للنادي، متمثلا في رجل الأعمال علي حداد الذي وظف أمواله للاستثمار في فريق سوسطارة، ما أرغم الرئيس السابق سعيد عليق على الانسحاب، بعد مسيرة تسييرية دامت عشرية ونصفا من الزمن، حدث ذلك رغم الألقاب المحرزة وإعادة النادي إلى القسم الأول منتصف التسعينيات، وقبل توليه شؤون الاتحاد فقد كان علي حداد مرشحا لرئاسة شبيبة القبائل، إلا أن خلافه مع حناشي جعله يُحوّل الوجهة نحو سوسطارة. وفي السياق ذاته عرف الجار مولودية الجزائر تجربة مشابهة نسبيا، من خلال تكليف اللاعب الدولي السابق وابن رائد القبة كمال قاسي السعيد لتولي مهمة مناجير عام ل"العميد"، وهذا خلفا للمسير السابق عمر غريب، وهي ثاني مهمة يتولاها قاسي السعيد مع مولودية الجزائر، بعد تلك التي خاضها منذ 4 سنوات، حين ساهم في تتويج "العميد" بلقب كأس الجمهورية. من جانب آخر، خاض فضيل دوب مهمة مناجير عام لموسمين متتاليين في جمعية وهران، وترجم خبرته في مساعدة الإدارة والطاقم الفني، ما سمح بصعود "لازمو" إلى حظيرة الكبار نهاية موسم 2013-2014، قبل أن تعود مجددا إلى الدرجة الثانية بسبب نقص الخبرة وقلة الإمكانات. أيمن خير الدين صنع الحدث.. غلاب ومنادي ترأسا فريقين في وقت واحد ويذهب بعض المتتبعين إلى القول إنه من غير المستبعد أن تعرف سوق التحويلات موجة أخرى من تنقلات المسيرين إلى أندية أخرى توفر لهم المناخ المناسب للعمل والاستثمار في خبرتهم، حيث سبق لسعيد عليق أن تم اقتراحه لترؤس إدارة اتحاد الحراش، ليقرر هذا الموسم قبول مقترح الإشراف على إدارة شؤون شباب بلوزداد، فيما تلقى رئيس أمل مروانة رمضان ميدون في وقت سابق عرضا من مسيري مولودية باتنة للاستثمار في مجلس إدارة الشركة، إلا أن المقترح لم يجسد ميدانيا، في الوقت الذي يعد الرئيس السابق لاتحاد بسكرة أيمن خير الدين أول من تلقى عرضا من هذا النوع لتولي شؤون فريق مولودية الجزائر، حدث ذلك منذ عشرية من الزمن، إلا أن هذا المقترح بقي مجرد حبر على ورق بسبب غياب الإجماع في محيط العميد، فيما صنع عيسى منادي والحاج غلاب الاستثناء بإشراف كل منهما على فريقين في وقت واحد، فعيسى منادي ترأس ميطال الذرعان واتحاد عنابة، ثم تفرغ لأبناء بونة الذين مكنوه من الصعود إلى قبة البرلمان، أما الحاج غلاب فقد تولى شؤون مكارم ثليجان الذي صنع الحدث في نهاية التسعينيات، كما ترأس أيضا نجم الشريعة، قبل أن يدخل في متاعب قانونية، بسبب اتهامه باختلاس أموال من مركز البريد، ما كلفه السجن لعدة سنوات. نجاة مهري أول رئيسة فريق في الجزائر وزليخة زيتوني أرادت التألق في الكأس وبعيدا عن ظاهرة تنقل المسيرين والرؤساء من فريق إلى آخر، وفقا للتطورات التي عرفتها الخارطة الكروية الجزائرية، فإن الأمر لم يتوقف عند العنصر الرجالي، بل امتد أيضا إلى العنصر النسوي الذي دخل غمار تسيير ورئاسة أندية رجالية في الجلد المنفوخ، وكانت البداية خريف عام 2016، حين قررت نجاة مهري، ابنة الملياردير جيلالي مهري ترؤس نادي تضامن وادي سوف حين كان ينشط في بطولة ما بين الرابطات شرق، حيث كانت تطمح في السير على خطى رئيس شبيبة الساورة زرواطي للوصول بنادي تضامن سوف إلى الرابطة المحترفة الأولى، إضافة إلى القيام بتوأمة بين فريقها تضامن وادي سوف وأكاديمية أوروبية عريقة في كرة القدم. وفي السياق ذاته، برزت هذا الموسم سيدة أخرى تخوض غمار رئاسة ناد في كرة القدم، ويتعلق الأمر بالمغتربة زليخة زيتوني التي تشرف حاليا على نادي فتح بن عبد المالك رمضان الناشط في القسم الجهوي الأول لرابطة وهران، حيث حققت جزءا من أمنيتها وهو الوصول إلى الدور ال32 من منافسة السيدة الكأس، إلا أن عملية القرعة لم تنصفها حسب قولها، بحكم أنها تمنت مواجهة شبيبة القبائل، وهو الفريق الذي تناصره، وقد خرج فريقها من بوابة الدور ال32 أمام نجم مقرة، ما جعله يتفرغ حاليا لمشوار البطولة في القسم الجهوي لرابطة وهران. هل انتداب الرؤساء والمسيرين ظاهرة صحية أم مرضية؟! وعلى ضوء العينات التي ذكرناها في هذا الموضوع، فإن بعض المتتبعين لم يتوانوا في طرح عدة تساؤلات حول هذه الظاهرة التي لا تزال تثير الجدل، وأحدثت انقساما: هل هي صحية أم مرضية، حيث وفي الوقت الذي اعتبر الكثير أن تسيير الأندية يجب أن يكون من صلاحيات أبناء الفرق، سواء كانوا مسيرين أم لاعبين قدامى، ولا يتم حسب قولهم منحها لأي شخص غريب عن النادي، إلا أن البعض الآخر لا يجد حرجا في انتداب المسيرين ورؤساء الأندية، وبالمرة السير على إيقاع النغمة السائدة بخصوص انتداب اللاعبين والمسيرين، خصوصا أن الكرة الجزائرية حسب قولهم قد دخلت مرحلة الاحتراف، وعليه فإن العبرة تكمن في الكفاءة في التسيير وكيفية ضمان قنوات التمويل، بدلا من الحديث عن ثوابت أصبحت حسبهم لا تجدي نفعا في الوقت الحالي، بدليل أن عدة فرق عريقة عرفت تقهقرا في جميع المجالات، وكان أبناؤها السبب في تلك المآسي التسييرية والفنية، فيما دعا بعض العارفين والمتتبعين إلى الاستفادة من النماذج التي تعرفها مختلف البطولات الأوربية والعالمية، بدليل أن أندية أوروبية عريقة يتولى تسييرها رجال أعمال من مختلف الجنسيات، بمن في ذلك رجال أعمال عرب، على غرار ما يحدث في نادي باريس سان جرمان وأندية أخرى كثيرة.