لو نطقت الخنازير لقالت لا يوجد هناك مكان أفضل من الجزائر لتعيش فيه خاصة في الولاياتالشرقية، أين يتمتع هذا الحيوان بحرية تامة بعد ما ضمن الأمن والوئام وحتى المصالحة مع سكان القرى والمداشر. في السابق كان مشهد الخنزير وهو يقطع الطريق من المشاهد النادرة التي تكاد تكون حدثا يستحق التصوير، لكن اليوم، الأمر أصبح عاديا جدا، كما هو الشأن في سطيف وڤالمة وعنابة وسوق اهراس وتبسة والطارف وغيرها من الولايات، أين أضحى الخنزير يصول ويجول بكل حرية وينزل الى شوارع المدينة دون أن يواجه أي معارضة او مقاومة، حيث تبين ان الخنازير الجزائرية هي الأكثر أمنا في العالم بعد ما ضمنت العيش بسلام في الغابات والجبال والمداشر، وقد تكاثر الخنزير بشكل رهيب في السنوات الأخيرة وأصبح هذه المرة يزاحم الناس في الشوارع وأحيانا حتى في الأماكن العمومية. وحسب أحد القاطنين ببوطالب جنوب ولاية سطيف فإن المصلين القاصدين للمسجد إلى صلاتي الصبح والعشاء اعتادوا على التقاطع مع قوافل الخنزير، والمشهد أصبح عاديا لا يكترث له أحد، وأما إحدى العائلات السطايفية فقد كانت متواجدة بغابة شطايبي بولاية عنابة لتناول وجبة الغداء فإذا بها تفاجأ بقطيع من الخنازير يهجم عليها فأفسد عليها الجلسة وزرع الفزع وسط الجميع. ويؤكد لنا أحد المسافرين الى تونس انه شاهد بالمركز الحدودي قوافل من الخنازير التونسية راحلة من تونس الى الجزائر بعد ما أيقنت ان الأمن والأمان متوفران بلادنا وليس في بلد آخر، وحسب بعض الفلاحين الذين تحدثنا إليهم فإن الخنزير استأسد في الجزائر بعد ما تم حجز أسلحة الصيد وحظرها على سكان المشاتي والقرى وتزامن ذلك مع استرجاع الأسلحة التي كانت بحوزة قوات الدفاع الذاتي، كما أن بندقية الصيد أصبحت من العملات النادرة ولا يمكن تداولها بسهولة وبلغ سعر القطعة الواحدة 40 مليون سنتيم. كل هذه العوامل كانت في صالح الخنزير الذي لم يعد يمت سوى بالشيخوخة، وحتى هذا التكاثر لم يتم استغلاله لأغراض صناعية كما هو معمول به في بعض الدول، حيث يمكن أن يستغل شحم الخنزير في صناعة الصابون والشموع، وقد قام أحد المستثمرين بمساعي حثيثة لتجسيد هذا المشروع، لكنه وجد كل الأبواب موصدة في وجهه، مما يعني أن الخنزير سيبقى ملكا للغابة في بلادنا إلى أجل غير مسمى.