عاشت الجزائر منذ بداية الشهر الجاري، على وقع أحداث متسارعة رسمتها أجندة قضائية باستدعاء وحبس كبار الجنرالات وساسة وأغنياء في البلاد، إلا أنه منذ بداية الأسبوع، تطورت الأمور بطريقة جد رهيبة، فمن استدعاء الوزيرين أحمد أويحيى ومحمد لوكال، إلى توقيف أغنى رجل في إفريقيا اسعد ربراب والإخوة كونيناف، مما حول سجن الحراش إلى أغنى سجن في العالم. البداية كانت من رجل الأعمال حداد والرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد الذي تم توقيفه بالحدود الجزائرية التونسية وبالضبط بمركز أم الطبول، يوم 2 أفريل الجاري، حيث تم تقديمه أمام قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس والذي أمر بدوره بإيداعه الحبس بعد أن وجهت له تهم امتلاك جوازات سفر مزورة، فضلا عن حيازة مبلغ من العملة الصعبة دون تصريح. هذه الإجراءات لم تكن مقنعة لا للحراك الشعبي ولا للمؤسسة العسكرية وهو ما دفع الفريق أحمد قايد صالح إلى إطلاق دعوته للعدالة لتسريع وتيرة فتح ملفات الفساد وتبديد الأموال العمومية، حيث إنه وبتاريخ 16 أفريل الجاري، اتخذ وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة جملة من الإجراءات في هذا المجال. يوم السبت الموافق ل20 أفريل، تم استدعاء الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية محمد لوكال، للتحقيق معهما بخصوص تبديد الأموال العمومية ومنح مزايا غير قانونية، وهي المرة الأولى في الجزائر التي يستدعي فيه القضاء وزيرا للمالية وهو في منصبه، ووزيرا أول سابقا، لم يمر على تنحيته من الحكومة إلا شهر ونصف. وبالإضافة إلى أويحيى ولوكال، أعادت العدالة في نفس اليوم فتح قضية تبديد الأموال العمومية لوزارة التضامن الوطني، وطلب مكتب النائب العام رفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء في مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي، وهما سعيد بركات وجمال ولد عباس. وفي صبيحة يوم الأحد 21 أفريل قامت فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الإقليمية لدرك الجزائر العاصمة بتوقيف رجل الأعمال أسعد ربراب قبل أن يتم تحويله أمام وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد ظهيرة نفس اليوم، ليتم إيداعه بقرار من قاضي التحقيق لذات المحكمة في حدود منتصف الليل الحبس المؤقت. وفي نفس اليوم، تم توقيف الإخوة رضا، وكريم، عبد القادر وطارق كوكنيناف المالكين لمجمع “كو جي سي” والتحقيق معهم في قضايا فساد، وتزامنا مع توقيف ربراب والإخوة الأربعة، قام أفراد فصيلة الأبحاث مرفوقة بعناصر من المفرزة الخاصة بتسليم استدعاء مباشر لكل من الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية محمد لوكال، للمثول أمام وكيل الجمهورية مقابل محاضر رسمية تم التوقيع عليها. وفي حدود الساعة الثامنة ليلا من يوم الأحد الماضي، أصدر قاضي التحقيق لمجلس الاستئناف العسكري بالبليدة أمرا يقضي بإيداع المدعو باي سعيد القائد السابق للناحية العسكرية الثانية، الحبس المؤقت وبالقبض على المدعو شنتوف حبيب القائد السابق للناحية العسكرية الأولى بتهم تبديد أسلحة وذخيرة حربية ومخالفة التعليمات العامة العسكرية. وفي يوم الاثنين 22 أفريل استيقظ الجزائريون على حدث إيداع رجل الأعمال اسعد ربراب، حيث تم تحويله إلى المؤسسة العقابية للحراش في حدود منتصف الليل و20 دقيقة، وفي ذات اليوم تم تقديم الإخوة كونيناف أمام وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد الذي أحالهم بدوره على قاضي التحقيق الذي استمع إليهم طيلة ليلة كاملة، قبل أن يقرر إيداعهم الحبس صبيحة الأربعاء 24 أفريل.