يتحدث يوسف جواني في هذا الحوار القصير عن بداياته مع الخشبة إلى مسار الاحتراف وكذا الأعمال التي شارك فيها. كما يتوقف الفنان جواني عند فنّ المونولوج ودوره في التعبير عن قدرات المبدع. وفي ظل انتشار وطغيان دور مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد المتحدث أهمية تكييف الفن مع هذه المتغيرات واستغلالها لصالح الإبداع والمبدع. من هو يوسف جواني وكيف كانت بدايات علاقتك بالمسرح؟ يوسف جواني ممثل مسرحي محترف، بداياتي كانت كغالبية المنتمين للمجال الفني بشكل عام، فمن النشاط الثقافي المدرسي انتقلت بعدها إلى عالم النشاط الثقافي الجمعوي ودور الثقافة، أما عن دخولي لعالم الفن المسرحي الاحترافي فكان تحديدا سنة 2010 من خلال انضمامي لفريق العمل بالمسرح الجهوي بأم البواقي، فقدمت عدة عروض مسرحية وصل تعدادها لحد الآن سبعة عروض تنوعت بين الفكاهي والدرامي وكذا الجماعي والمونولوج، وآخر عمل قدمته هو مسرحية غوغول مع المخرج أحمد خوذي والتي شاركنا بها بمهرجان المسرح المحترف في نسخته الأخيرة، وهي مسرحية من الأدب العالمي، كما لم أقتصر في العروض التي قدمتها على لغة واحدة فقدمت باللغتين العربية الفصحى والأمازيغية وكذا بالدارجة الجزائرية؛ وإلى جانب ما ذكرت، فلدي مشاركات في نوع السيتكوم منها إنتاجان جديدان يحملان عنوان “أوسان أومعوش” و”إيمغار” على التوالي. شاركت في نوعين من العمل المسرحي الجماعي والمونولوج أين تجد ذاتك الفنية أكثر؟ فريق العمل بالضرورة يلعب دورا مهما في نجاح أي عمل فني مسرحي ابتداء من المخرج والكاتب والممثلين وغيرهم، ولكن في رأيي، المونولوج هو فرصة للتعبير عن ذات الفنان وما يريد ايصاله للجمهور، فهو في رأيي أكثر تحررا. في ظل المتغيرات الاجتماعية والسياسية المتسارعة والتي فرضت واقعا جديدا صار فيه تأثير مواقع التواصل الاجتماعي طاغيا ومسيطرا على توجيه الرأي العام وعلى كل المجالات بما فيها ميدان المسرح فهل ترى أنه لازال للمسرح قدم في مجال التوجيه والتأثير على الرأي العام؟ نعم، هناك ثورة تكنولوجية أفرزت واقعا جديدا وجب التعايش معه ومسايرته، وهذا يتوجب على الفنان والممثل المسرحي استيعابه وإيجاد الطريقة الصحيحة للحفاظ على مكانة “أبو الفنون” وسط هذا الزخم، فحتى وإن لم يكن للمسرح تأثير كما حال مواقع التواصل، إلا أنه يمكن استغلال نفس هذه المواقع للوصول إلى الجمهور، فبدل أن ينتقل الجمهور إلى المسرح لما لا ينتقل المسرح إلى الجمهور، كما أن المسرح يتميز بميزة التواصل المباشر مع الجمهور، والإحساس ليس هو ذاته بين المشاهدة عبر الشاشة والمشاهدة الحية المباشرة. بالضرورة هناك لكل فنان رسالة يريد إيصالها للجمهور المتلقي فإلى أي حدّ ترى أن رسالتك قد وصلت؟ قد لا أكون مبالغا حين أقول إن السلمية التي شاهدناها ونشاهدها عبر مسيرات الجزائر هي نتاج ولو بسيط مما أوصله عديد زملائي الفنانين لجمهورهم، من خلال أعمالهم الراقية التي تحدثوا فيها بلغة السلم والسلام، فخلقت جيلا واعيا متقبلا لثقافة الاختلاف لدى الآخر، عارفا بقوانين بلاده. بصفتك شاركت في عديد الأعمال المسرحية المقدمة بالأمازيغية في رأيك هل صار للمسرح الأمازيغي مكانة خارج منطقته الكلاسيكية المعروفة؟ بودي أولا أن أتحدث عن ذاك التأثير الرهيب الذي يقدمه المسرح الأمازيغي بولاية أم البواقي تحديدا، فمن خلال ما قدمته من أعمال باللغة الأمازيغية لاحظت أن الجمهور جد متفاعل مع العروض وهذا لأنه يراها منبثقة ومعبرة عن ثقافته وبيئته لدرجة تجعله يحس نفسه جزءا من العرض، هذا من جهة وبالعودة إلى السؤال، فالمسرح الأمازيغي خرج منذ مدة من خانة التراث والفلكلور إلى خانة الاحترافية والتغيير والانفتاح على ثقافات وعوالم أخرى، وهذا ما لاحظته شخصيا من خلال ذاك التفاعل الجميل للجمهور من خلال عرض لمسرحية “امتانت” التي قدمناها بمسرح وهران، ويبقى أن أجمل القول إن للمسرح لغته الخاصة فحتى إن لم تُفهم لغة اللسان فهناك لغته التي تجمع بين لغة الجسد والحركة، والتي نوصل من خلالها رسالة مفادها أن الجزائر كبيرة بمساحتها وكبيرة بتنوّعها الثقافي.