في هذا الحوار الذي خصّ به “الشروق” يتطرّق القيادي البارز في حركة حماس الدكتور محمود الزهار إلى موقف الحركة من صفقة القرن الأمريكية، وحقيقة التفاهمات غير المباشرة التي تجريها الحركة مع إسرائيل، ويُبدي الزهّار استياءه العميق من المواقف المخزية لبعض دول الخليج التي تحوّلت إلى عرّاب لصفقة القرن وتدفع أموالها لتسويق الاحتلال والتنازل عن أراض عربية، ويؤكّد أن حلّ القضية الفلسطينية ليس سياسيا، بل عسكري وعن طريق معركة “وعد الآخرة” التي ستُنهي الوجود الإسرائيلي في فلسطين إلى الأبد. تصرّ الإدارة الأمريكية على صفقة القرن باعتبارها الحل للقضية الفلسطينية معضلة الشرق الأوسط.. كيف تابعتم هذه المخططات؟ صفقة القرن هي حل المشكلة الإسرائيلية بعد 100 سنة من وعد بلفور، من خلال تهيئة المنطقة العربية والفلسطينية لقبول الكيان الصهيوني كجسم طبيعي، والاعتراف به والتعامل معه في كافة المجالات، وهي أمنية فرص نجاحها ضعيفة، لأن كل الخطوات السياسية التي قامت بها الادارة الامريكية غير قانونية سواء في فلسطين وسوريا ونقل السفارة للقدس.. هي اجراءات امريكية لم يعترف بها العرب ولا العالم، وتحاول تمريرها من خلال الاغراء بالمال الخليجي لفلسطين أو الأردن لبيع فلسطين ومقدَّساتها، الصفقة تؤكد خزي وعار بعض دول الخليج التي تدفع أموالها لتسوِّق للاحتلال والتنازل عن الأرض العربية والاسلامية وهي لحظة مهانة لمن يقبل بذلك. هل تتوقع نجاح الصفقة؟ لن تنجح لعدة أسباب منها أن القائمين في فريق الإدارة الأمريكية خصوصا “الولد كوشنير” لا يعرف المفاعيل المؤثرة في الشعوب، وأولها الدين وليس المال، والقدس جزء من دين المسلمين، أرض فلسطين المباركة ليست كأي أرض، وهنا مجموعة من الحقائق تجعلنا نقول ذلك منها: 1- القرارات الدولية التي تنص على حدود إسرائيل قبل حرب 67، ومنها القدس الشرقية والضفة لم تتغير. 2- الدول لم تتعامل مع قرارات ترامب بصورة جدية، حيث لم يزر أحد السفارة الأمريكية في القدس إلا دول غير فاعلة في المنظومة الدولية، وهناك معلومات أن اللقاءات مع السفير الأمريكي تتم في مقاه دون دخول السفارة في القدسالمحتلة. 3 – الدول المعوَّل عليها أن تكون بديلا لفلسطين رفضت الصفقة كالأردن. 4- المخيمات الفلسطينية ترفض توطين اللاجئين مثل لبنان وسوريا لأسباب حقوق الفلسطينيين، ومصالح الدول المستضيفة. 5- محمود عباس (الرئيس الفلسطيني) يرفض الصفقة ولا نعرف هل هو موقف حقيقي أم مناورة، لذلك لا يوجد طرف فلسطيني يشارك في الصفقة. 6- الخارجية الأمريكية ضد المشروع لرؤيتها مصالح أمريكا بشكل مختلف، وهناك أطرافٌ أمريكية معارِضة لن تمرر الصفقة وتعمل لإسقاط مشروع ترامب في الانتخابات المقبِلة. 7- اسرائيل تتخوف من الصفقة، لأن الإدارة الأمريكية لا تعرف البُعد الديني في القضية وهو بعد طاغ على البعد السياسي، وهو بُعدٌ محرك للشعوب ويجعل الدفاع عن القدس حربا مقدسة. ترامب غير واع سياسياً وغير مقدِّر لخطواته ولعبة المغامرات التي نجحت في بعض دول الخليج، لن تنجح في فلسطين، هناك عدة حقائق تؤكد أن الصفقة لن تتم وأمامها صعوبات كبيرة، ولا يستطيع المغامرون الاقتصاديون أن يحصلوا على المال ولا تغيير طبيعة الارض وأصالتها. كيف يمكن مواجهة إصرار تل أبيب وواشنطن على فرض وقائع جديدة مستقبلا؟ القوى الفاعلة في السياسة ممثلة في المقاومة لا تقبل الصفقة، أما (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن فيرفض، لكن لا نعول عليه، لأن عناصره في الإدارة والأمن يمكن أن تتفاعل مع أي شيء، حتى أبو مازن قبل بأسوأ من ذلك في مدريد وأوسلو: الحفاظ على التنسيق الأمني، نحن نعول على الشارع الفلسطيني وليس السلطة، ومن يحسم القضية هو الرفض الفلسطيني، وكذلك الدول المعارضة، ومصير ترامب السياسي محل شك. وبالنسبة لإسرائيل لقد فشلت في ائتلاف حكومي وأمامها انتخابات صعبة وخلافات شديدة، برغم أن الفترة ذهبية للاحتلال في ظل اعتراف دول عربية به علنا دون خجل وفي ظل إدارة أمريكية مندفعة ومتهورة وغبية، وكذلك تأثير الفكر الصهيوني المسيحي الذي يحرك 50 مليون ناخب أمريكي. التفاهمات بين المقاومة والاحتلال قيد مماطلة وتلكؤ.. ما موقفكم؟ أجواء الانتخابات تفرض على نتنياهو أن لا يعطي للمقاومة ما تم التفاهم عليه، ولذلك يقوم بجس النبض من خلال المماطلة، ولكن عندما تضغط المقاومة تتراجع حكومة الاحتلال في لعبة انتخابات مؤقتة. الاحتلال يربح الوقت من خلال المماطلة والتسويف؟ من يعتقد أنّ الاحتلال سيكف من عدوانه فهو مخطئ، وأي تسهيلات يقوم بها الاحتلال لا تعدُّ موقفا أخلاقيا، بل تتم تحت الضغط من خلال تصعيد المقاومة لإلزام الاحتلال، الاحتلال معروف بعدم الالتزام بالمعاهدات في كل زمان، وطبيعته نقض العهود، نحن نضغط على نقاط ضعف الاحتلال ومنها المستوطنون في محيط قطاع غزة بما أنّ لهم أصواتا في انتخابات ضاغطة على نتنياهو. هل أنتم واثقون في قدرة الوسطاء: الأممالمتحدة ومصر، وقدرة الضغط على الاحتلال لتنفيذ التفاهمات؟ ليس عندنا رفاهية في اختيار الوسطاء، ولا يوجد آخرون، نحن نتعامل مع الوضع الراهن بالدرجة التي تحقق الأهداف المطلوبة، وندرك أن اليهودي أينما كان طبعه نقض العهود، إذا قبلتَ بالنقض فرض واقعا جديدا، وإذا ضغطت يضطرّ للرجوع، خاصة الاحتلال في فلسطين ليس لديه عهد. كيف ستواجه حماس مخططات ضمّ الضفة؟ الاحتلال أقام كانتونات في الضفة بعد إقامة مستوطنات كبيرة وطرق في أماكن ذات أهمية، لتقسيم الضفة وجعلها أرضاً محاصرة، وما سيتركه الاحتلال سيحاول ضمّه للأردن، وإقامة ضباط إدارة مدنية تشرف على كل شيء، مهَّدت لها الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية من خلال التنسيق الأمني المدنس. لذلك القضية الفلسطينية لا تُحل سياسيا، بل عسكريا كما جاء في معركة وعد الآخرة واسترداد كامل الحقوق والقضاء على كل أشكال الاحتلال، لقد جرَّب الجميع كل محاولات التفاوض السلمي. كيف ستواجهون الهرولة نحو التطبيع؟ حماس ليس لها تأثيرٌ على الدول العربية، لكن هناك دولاً في المنطقة ترفض ذلك، بعض دول الخليج بغبائها تستعدي ايران وتلعب في اليمن وليبيا، وتحاول فرضَ واقع جديد، لكنهم يخسرون.. منشآتهم البترولية تُضرب والأمريكي يتفرَّج ويبيع السلاح. مشروع التراجع عن الثوابت العربية والإسلامية يخسر، لأن حلفاءهم أخذوا المال وتركوهم نهباً لغيرهم. هناك من يقول إن غزة منطقة نفوذ إيراني؟ لا توجد أي مكاتب أو حُسينيات في غزة، هذه اتهامات للتخويف وتبرير المواقف المخزية، طهران ساعدت فلسطين منذ سنوات ولم تحصل على شيء. الضغط على إسرائيل من خلال إطلاق الصواريخ يعدّ تحالفا؟ هذا ليس عيبا، من حق إيران اضعاف اسرائيل التي تهددها، واقامة تحالف مع من استطاع مواجهة اسرائيل، وهذا تحالف مشروع، واذا افترضنا أنه خطأ، هل تحالف السلطة مع إسرائيل حقق شيئا؟ وهل تحالف الخليج مع ترامب حقق لهم الأمن؟ بالعكس، اليوم أماكن حيوية مستهدَفة والسفن تُهدّد في مياه الخليج. وبما أن إسرائيل تحتل أراض عربية في فلسطينولبنان وسوريا، لا مانع من اقامة تحالف ضد عدو مشترك دون الدخول في لعبة الديمقراطية أو الديكتاتورية في هذه الدول.