نسيم لكحل:[email protected] حتى وإن فقدت المؤسسة التشريعية الكثير من مصداقيتها في ظل الأداء الهزيل لنواب العهدة التشريعية السابقة، وحتى وإن أجمع المراقبون بعد الإنتخابات الأخيرة على أن البرلمان الجديد سيكون منقوص الشرعية ويرتقبون أداء هزيلا وأكثر كارثية، وحتى وإن أصبحت هذه المؤسسة لا تملك من الأمر شيئا حيث لم يعد في مقدورها حتى حل أبسط المشاكل التي يتخبط فيها المواطن. ورغم كل هذا إلا انه لم يكن أحدا ينتظر أن تكون انطلاقة النواب الجدد بإهانة من العيار الثقيل وهم لم يشرعوا بعد بصفة عملية في أداء وظيفتهم. عندما يكون تعديل قانون الإنتخابات هو أول مهمة سيضطلع بها النواب الجدد خلال الأسابيع القليلة القادمة فإن ذلك يحمل رسالة إهانة واضحة لهم لو كانوا يعقلون، وهم الذين صوت عليهم ثلث الناخبين الجزائريين على أساس هذا القانون الذي سيكون أول نص سيلعنونه في مجلسهم الموقر، فحتى ولو كان هذا القانون يمثل أولوية لدى بعض الجهات السياسية التي تسعى لتعديله قبل إجراء المواعيد الإنتخابية القادمة الحساسة على غرار انتخابات تعديل الدستور والإنتخابات البلدية ثم الإنتخابات الرئاسية، فإن النواب لو كان لهم حرص ولو قليل على مصداقيتهم أمام المواطنين الذين انتخبوهم فإن عليهم أن يرفضوا أن يكون قانون الإنتخابات هو أول من سيطعنون فيه بحجة التكيف مع المعطيات الجديدة في الساحة السياسية الجزائرية، لأن ذلك معناه الوحيد أنهم سيطعنون في مصداقيتهم منذ البداية حتى وإن كان هذا مضمون مع مرور الأيام وفي النهاية. يبدو أن الرئيس بوتفليقة محق في احتقاره للمؤسسة التشريعية التي لم يقم بزيارتها مرة واحدة منذ توليه الحكم عام 1999 إلا بعد توسلات ووساطات ومحاولات كثيرة في عهد عمار سعيداني، ولعل خروج الرئيس بوتفليقة في زياراته الميدانية مؤخرا إلى ولايات عنابة والبليدة والشلف هي رسالة واضحة للمؤسسة التشريعية وخطوة ذكية من الرئيس الذي لما عرف أن هناك نفور شعبي كبير من المؤسسة التشريعية خرج هو إلى الشارع ليثبت بالبرهان والدليل أن المواطنين الجزائريين مشكلتهم ليست مع الرئيس ومؤسسة الرئاسة بل مع المؤسسات الأخرى وبصفة خاصة البرلمان وحتى الحكومة.. وأمام هذا المأزق الكبير الذي توجد فيه المؤسسة التشريعية في البلاد، فإن النواب المحترمين سيكون عليهم المطالبة بتعديل الدستور والمطالبة خاصة بدستور يؤسس بشكل رسمي للنظام الرئاسي في الجزائر، وهذا هو المخرج الوحيد للمؤسسة التشريعية من المأزق السياسي والشعبي الذي توجد فيه والذي لا يخدم الإستقرار المؤسساتي، ويزيد في اتساع الهوة بين الشعب وممثليه ومسؤوليه، وإن عجز النواب عن هذا فإن الذين يحترمون أنفسهم منهم لم يبق أمامهم سوى بذل الكثير من الجهود خلال العهدة التشريعية الحالية لمحاولة إضفاء ولو جزء من المصداقية على هذا البرلمان الجديد، الذي لم يعد يحظى باهتمام على الأقل 65 بالمائة من الناخبين الجزائريين الذي قاطعوا انتخابات 17 مايو الأخير، في رسالة رفض واضحة لتحول مؤسسة بحجم وثقل البرلمان إلى مجرد غرفة تسجيل ؟!.