نسيم لكحل: [email protected] في الجزائر لا تظهر أهمية الأحزاب السياسية إلا في أوقات الإستحقاقات الإنتخابية دون سواها من الأوقات، وعندما تقرع طبول الانتخابات تصبح مقرات كل الأحزاب الصغيرة والكبيرة وحتى المجهرية وكأنها ورشات عمل بنظام الدوام ليلا ونهارا، تستقطب وفود الطامعين والطامحين في التقدم للمواعيد الإنتخابية للحصول على مغانم أو مقاعد أو مناصب وهذا لم يعد في الحقيقة مخفيا على أحد ولا هو بالأمر السري. فالرئيس بوتفليقة نفسه شاهد على ذلك، وقد قالها صراحة من منبر قصر الأمم بنادي الصنوبر رغم أنه هو شخصيا لا يلجأ إلى هذه الأحزاب إلا في هذه الأوقات والمواعيد الإنتخابية. ولهذا بقدر ما نستغرب قرار إبعاد حركة الإصلاح الوطني وشيخها عبد الله جاب الله من السباق الإنتخابي القادم وما يحمل ذلك من خلفيات سياسية أو حتى قانونية أو تنظيمية، فإننا نستغرب في الوقت نفسه تلقي قيادي هذه الحركة قرار وزارة الداخلية وكأنه نهاية العالم بالنسبة إليهم، وهنا بيت القصيد. هل تحولت الأحزاب السياسية مهما كان وزنها وإسمها إلى بوابة وحيدة لولوج مباني البرلمان أو المجالس الشعبية والولائية، في اعتقاد الكثير من الشخصيات التي تصنف نفسها في خانة الشخصيات الوطنية أو الأسماء الثقيلة التي تصنع المشهد السياسي والإعلامي والثقافي الجزائري، وهل هذه هي الورقة الرابحة الوحيدة في أيادي هؤلاء، أم أن الأمر يكشف عن حقيقة مرة لمكونات الطبقة السياسية الجزائرية. سمعنا كثيرا من التصريحات والخطب والخطابات التي تصدر عن بعض قيادات الأحزاب السياسية ورؤسائها وشيوخها وحتى أمرائها بأنهم هم أبناء الشعب وهم قادة الرأي، ويحدثوننا مرارا وتكرارا عن تقبل الأوساط الشعبية لهم ولبرامجهم ورصيدهم الإنتخابي وحجم قوتهم السياسية، لكنهم عندما يواجهون مثل هذه المواقف تجدهم في حالة الذين قامت عليهم القيامة أو سقطت السماء على رؤوسهم، وكأن العمل الحزبي مربوط بالإنتخابات فقط والوصول إلى مقاعد البرلمان أو المجالس الشعبية الولائية والبلدية لا يمر إلا عبر بوابة الأحزاب السياسية بتسلق رؤوس قوائمها الإنتخابية، على كل حال هذه حقيقة مرة دليلها أن عدد النواب الأحرار لا يكاد يذكر في كل عهدة برلمانية، بمعنى أن الأغلبية الساحقة من النواب ترشحوا في قوائم حزبية. وهؤلاء جميعا نطرح عليهم سؤالا واحدا. هل الإخوان المسلمون في مصر مثلا منعهم قرار الحظر الذي يشمل حركتهم السياسية من النجاح في الإنتخابات التشريعية الأخيرة ومن تكوين كتلة برلمانية قوية في العدة والعدد؟ أليس هذا هو الدليل على الحركات السياسية التي لها امتداد حقيقي في الأوساط الشعبية، وهل يمكن مثلا لحركة سياسية تدعي أنها القوة السياسية الثانية في البلاد أن تكرر هذه التجربة، أم أن الكثير من الأسماء التي تُصنف ضمن دائرة الشخصيات الوطنية والقيادات الحزبية عاجزة في الأصل حتى عن جمع التوقيعات التي تسمح لها بالترشح كأحرار في الإنتخابات القادمة، وإن كان الأمر كذلك، فهل يحق لها مستقبلا أن تتحدث باسم هؤلاء المواطنين أو أن تقول بأنها تستقطب إعجاب وثقة شريحة مهمة منهم؟. لسنا هنا بصدد الحكم على قرار وزارة الداخلية إن كان صائبا أو ظالما، لكن كل ما يمكن قوله حول هذا القرار هو أنه امتحان حقيقي لحركة الإصلاح وللشيخ جاب الله ولكل الأحزاب المطالبة الآن بأن تبرهن بأنها قادرة على دخول قبة البرلمان من أبواب متفرقة مادام أنها تدعي أنها تملك مئات الآلاف من المناضلين والمحبين والمتعاطفين. وموعدنا يوم 17 ماي.