تعتبر مكافحة الفساد احدى اولويات الدولة التي سخرت كل الوسائل الضرورية لاستئصال هذه الآفة التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة وأضرت بالاقتصاد الوطني. ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير المنصرم، أبانت الدولة عن عزمها على الاستجابة لمطلب الشعب لا سيما مكافحة الفساد ومحاسبة كل من تورطوا فيه. كما يتعلق الامر كذلك بتطهير مؤسسات البلد من هذه الآفة التي استفحلت في الادارة وأضرت بالاقتصاد الوطني. وتجلت ارادة الدولة في القضاء على هذه الظاهرة في التغييرات التي طرأت على المستوى المؤسساتي كتعيين رئيس جديد على رأس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته السيد طارق كور خلفا للسيد سبايبي محمد. وتتولى الهيئة التي تعتبر سلطة ادارية “مستقلة” على وجه الخصوص مهمة “اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات والأموال العمومية والمساهمة في تطبيقها”. الهيئة التي رصدت لها الدولة كافة الامكانيات البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها مخولة ان تطلب من الادارات والمؤسسات والتنظيمات العمومية والخاصة واي شخص طبيعيا كان او معنويا أن توافيها بوثائق ومعلومات تراها مفيدة في التحقيق عن الفساد. وطال التغيير أيضا الديوان المركزي لقمع الفساد حيث عين على رأسه مدير عام جديد وهو السيد مختار لخضاري خلفا للسيد مختار رحماني. وكلف الديوان المركزي لقمع الفساد بالبحث والتحري في مجال مكافحة جرائم الفساد والجرائم المقترنة بها عند الاقتضاء مع تمكينه من التدخل ضمن اختصاص إقليمي موسع لكامل التراب الوطني. وقد أنشئ الديوان لتعزيز أدوات مكافحة الفساد ومختلف أشكال المساس بالاقتصاد الوطني والمال العام، ويضطلع بالمهام المرتبطة بإجراء تحريات وتحقيقات حول الجرائم المتعلقة بالفساد وكل الجرائم المرتبطة بها عند الاقتضاء وتقديم مرتكبيها أمام الهيئات القضائية المختصة. استمرار مكافحة الفساد بحزم قبل وبعد الرئاسيات واستجابة لمطالب الحراك الداعية لمحاسبة الفاسدين اسفرت حملة مكافحة الفساد عن ايداع الوزيرين الأولين السابقين احمد اويحيى وعبد المالك سلال والعديد من الوزراء السابقين ورجال الاعمال الحبس المؤقت وتحت الراقبة القضائية كونهم متهمين على وجه الخصوص ب”تبديد المال العام” و”اساءة استغلال الوظيفة”. وفي هذا السياق أكد وزير العدل حافظ الاختام، سليمان براهمي أن العدالة في بلادنا “هي اليوم أمام مسؤولية تاريخية هامة ومصيرية”، لكونها السند الذي لا محيص عنه في بناء الثقة “و تطبيق القانون على الجميع دون استثناء وبمسافة واحدة”. ونوه بدور السلطة القضائية في مكافحة الفساد وحماية المال العام واستعادة الأموال المنهوبة بغير وجه حق. وشدد وزير العدل على أن الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتها “تستوجب من النيابات العامة لدى المجالس القضائية الإدارة والإشراف المستمرين والدقيقين على التحقيقات الأولية للضبطية القضائية”، وذلك من خلال “تعميق التحريات بشأنها لكشف الجناة وحصر عائداتهم الإجرامية وتحديد مكان تواجدها وإحصائها”. وفي هذا الصدد، شدد وزير العدل على أن الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتها “تستوجب من النيابات العامة لدى المجالس القضائية الإدارة والإشراف المستمرين والدقيقين على التحقيقات الأولية للضبطية القضائية”، وذلك من خلال “تعميق التحريات بشأنها لكشف الجناة وحصر عائداتهم الإجرامية وتحديد مكان تواجدها وإحصائها”. من جهة أخرى، أكدت الأستاذة المحامية بالمحكمة العليا ومجلس الدولة، هند بن ميلود ان الجزائر تملك الاداة القانونية لاسترجاع الأموال المنهوبة والمحولة إلى الخارج، بناءً على القانون 01-06 المتعلق بمكافحة الفساد المستوحى +حَرْفِيًا+ من الاتفاقية الدولية في هذا المجال”. ومن جانبه، كشف الخبير المالي، محمد بوخاري أن الجزائر سجلت معدل تدفقات غير شرعية قدر ب11 مليار دولار في 2015 وفق تقرير أممي اعتبر أنها تصل إلى 8 مليار دولار مقابل 14 مليار دولار أمريكي حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، وبالاستناد إلى التسعير الناقص والمفرط في الفواتير المتعلقة بالتجارة الخارجية. ومن جانبه، كشف الخبير الاقتصادي، محمد بوخاري أن الجزائر قد سجلت، بخصوص التحويلات غير القانونية للأموال، معدلا قُدّر ب 11 مليار دولار خلال سنة 2015، تم احتسابها على أساس تقرير أممي كان قد قدّرها ب 8 مليار دولار مقابل 14 مليار دولار بالنسبة لصندوق النقد الدولي، وذلك استنادا إلى تضخيم وتقليص الفواتير المتعلقة بالتجارة الخارجية. كما أضاف أن الجزائر سجلت عام 2017 ما لا يقل عن 1.239 تصريح بالشبهة صادر عن بنوك وطنية بالإضافة إلى 180 تقرير سري صادر عن بعض الإدارات خاصة الجمارك. وبالنسبة له، فإن امكانية استرجاع الجزائر لأموالها المهربة نحو الخارج مرهون”بوجود هياكل مؤهلة” للقيام بذلك، مشيرا إلى أنه “وجوب توفر أسباب معقولة لوضع الأشخاص خلف القضبان”. وللتذكير، فإن الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي كان قد شدد في عديد المرات على مواصلة عملية محاربة الفساد “بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها”. واستطرد يقول “لا أمل لبقاء الفساد في بلادنا، ولا أفق للمفسدين وستعرف بلادنا كيف تنطلق من جديد على أسس قوية يكون فيها القانون هو السيد وتكون فيها الشرعية الدستورية هي السائدة”. كما دعا رئيس الأركان الشعب الجزائري إلى أن يتحلى “بيقظة شديدة” وأن “يضع يده في يد جيشه وأن لا يسمح لأصحاب المخططات الخبيثة بالتسلل بين صفوفه مهما كانت الظروف والأحوال”. وأبرز أيضا “التحدي الكبير المتمثل في محاربة الفساد الذي أصبحت له امتدادات سياسية ومالية وإعلامية ولوبيهات متعددة متغلغلة في مؤسسات البلاد”. ويعتبر نائب وزير الدفاع أن “ما تلقاه العدالة في هذا الشأن من تضامن من الشعب الجزائري هو ضمانة أخرى وأساسية تكفل للعدالة مواصلة أداء دورها وإتمام واجبها الوطني ضمن هذا المسار التطهيري السليم، والتي تستحق منا اليوم كل الشكر والتقدير على الجهود المثابرة في معالجة ملفات الفساد الكثيرة والمتراكمة”. المصدر: وكالة الأنباء الجزائرية