بعض “الأصدقاء القدماء”، رفضوا تزكية أو انتخاب أو اختيار، سليمان شنين خلفا لمعاذ بوشارب، كرئيس للمجلس الشعبي الوطني- وهذا من حقهم- وحجتهم في هذه “المعارضة”، أن العملية لم تكن نتيجة “فعل ديمقراطي”، وكأن العملية لو كانت “ديمقراطية”، على حدّ وصفهم، سيتمكنون هم أو غيرهم من “الفوز” على مرشح الأغلبية البرلمانية، حتى وإن كان مطعونا في شرعيتها ومتهمة بالتزوير ! هذا النوع من السياسيين “المخضرمين”، يعرفون جيّدا أن السياسة هي “فنّ الممكن”، و”ديمقراطيا” ليس من الممكن أن تنتصر “الأقلية” على “الأغلبية” داخل البرلمان ولا خارجه، إلاّ إذا حدثت توافقات وتحالفات ومفاوضات، وتمّ الاتفاق على “مرشح توافقي”، وهذه أيضا ديمقراطية، لكن الظاهر أن “الديمقراطيين” لا يعترفون بأيّ ديمقراطية، عدا تلك التي توصلهم هم إلى المقعد، حتى وإن كانت وفق منطق “نربحو بلا ما نفوطيو” ! الغريب، أن بعض الإسلاميين، وليس كلهم، وقفوا ضد تزكية شنين، رغم أنه محسوب على التيار الإسلامي “القديم”، وعلى المعارضة وعلى الحراك نفسه، وهم بذلك كبعض “الديمخراطيين”، الذين يريدون الوصول إلى السلطة إمّا عن طريق “الكوطة” أو فوق ظهر الدبابة، أو خارج الصندوق والإرادة الشعبية وبلا انتخابات ! ألم يتحالف إسلاميون مع منتخبي الأرسيدي في البلديات، من أجل ترجيح الكفة في تعيين رئيس البلدية، رغم أن هذا التحالف عجيب وخارج المنطق؟ ألم يقف الأرندي ضدّ الأفلان، والعكس، في الكثير من التحالفات غير المفهومة خلال معارك اختيار رؤساء المجالس “المخلية” في العديد من المحليات السابقة؟ فلمَ يستغربون “فوز” إسلامي على “موالاة عددية” لم يعد لها وجود نوعي ولا قدرة على الإيعاز والتأثير؟ من المفروض، أن صعود رئيس برلماني من خارج دائرة “المغضوب عليهم” شعبيا، هو خطوة إيجابية، لا ينبغي معارضتها من أجل المعارضة، ولا مساندتها من أجل المساندة، ولكن على الأقلّ، بغرض البحث معا عن حلول توافقية تغيب عنها الأنانية والنرجسية ومنطق “الكمّ” على حساب “النوع”، ولعلّ عدم صعود رئيس من الأفلان والأرندي وأشقائهم في الموالاة والتحالف الرئاسي سابقا، بوسعه أن يكون خطوة في طريق التغيير ! قد يفشل شنين، مثل غيره، كرئيس للغرفة السفلى للهيئة التشريعية، لكن لا يُعقل التشكيك في كلّ شيء، واستهداف النوايا وضرب محاولات الحلحلة، والتحامل على كلّ من يمدّ يده للتفاوض والحوار والمشاركة في اختراع مخرج نجدة آمن ومؤمّن بوسعه فكّ العقدة من المنشار !