قطع المنتخب الوطني لكرة القدم مشوارا رائعا للغاية في كأس أمم إفريقيا 2019 التي اختتمت أول أمس الجمعة مصر، بتتويج مستحق ل”الخضر” الذين قدّموا أداء مميزا جدا بقيادة المدرب “الاستثنائي” جمال بلماضي الذي تطور معه المنتخب بشكل ملحوظ بسبب “الروح” الجديدة التي زرعها في نفوس اللاعبين، إذ نجح فيما فشل فيه سابقوه رغم أنهم كانوا يمتلكون نفس التعداد تقريبا الذي توج باللقب القاري للمرة الثانية في تاريخ الجزائر بعد سلسلة من الإخفاقات والأزمات في السنوات الأخيرة. وفي غمرة الطفرة التي يشهدها “الخضر” العائدين بقوة إلى الساحة الأفريقية بعد “قحط” استمر 5 سنوات كاملة منذ تألقهم اللافت في مونديال البرازيل 2014، حققت كتيبة بلماضي أرقاما وإحصائيات خارقة وعادلت عدة انجازات سابقة وتجاوزت أخرى سواء على الصعيدين الجماعي أو الفردي، وهي مؤشرات تدل على أحقية هذا المنتخب بوصف “البطل” باقتدار، على أمل العودة إلى الساحة الكروية العالمية من بوابة المونديال القادم في قطر عام 2022، بعد غيابه المفاجئ عن مونديال روسيا 2018. وحمل تتويج “الخضر” باللقب القاري الغالي العديد من الأرقام والإحصائيات التي جعلتهم يتفوقون على كل أقرانهم، فقد أنهوا المنافسة كأفضل فريق وأفضل خط هجوم وأحس خط دفاع بتسجيلهم 13 هدفا كاملا وتلقي شباكهم هدفين فقط رفقة السنغال، وفي المباراة النهائية، لم يخسر المنتخب الوطني في آخر 6 مباريات أمام السنغال في جميع البطولات (فاز 5 مرات وتعادل في مناسبة وحيدة) بعد أن كان قد خسر 3 مرات على التوالي قبل ذلك، وسجل المنتخب الوطني في جميع مبارياته ال 7 في دورة مصر 2019 (13 هدفاً) وعادل أفضل حصيلة له في نسخة واحدة من البطولة وكانت عام (1990)، وكانت آخر 6 أهداف تلقتها شباك المنتخب السنغالي في كأس الأمم الإفريقية ضد المنتخب الوطني (هدفين في 2015، هدفين في 2017 وهدفين في 2019)، كما يعد هدف اللاعب بغداد بونجاح أسرع هدف في دورة مصر وسجله بعد مرور دقيقة و20 ثانية. وقبلها، حقق المنتخب الوطني التأهل إلى الدور الثاني من دورة مصر مبكّرا، وتصدر مجموعته لأول مرة منذ دورة 1990 التي جرت بالجزائر، كما حطم رقما أخر وهو الفوز في 4 مباريات متتالية في البطولة والذي لم يتحقق منذ دورة 1990 أيضا. كما شهدت البطولة القارية في مصر تحقيق رقم جديد للخضر الذي لم ينهزم للمباراة ال13 على التوالي محققا الفوز في 5 مباريات متتالية، حيث تعود آخر هزيمة له لشهر أكتوبر الماضي أمام منتخب البنين (1/0) في تصفيات “كان2019″، قبل أن يبدأ المنتخب الوطني سلسلة انتصاراته بالفوز على الطوغو 3/1 والتعادل مع غامبيا 1/1 في التصفيات، ثم الفوز على تونسوقطر وديا، وبعدها تعادل مع بورندي وديا 1/1 ثم فاز على مالي وديا أيضا (3-2) في الدوحة قبل انطلاق المسابقة الإفريقية، قبل أن ينتصر في 4 مباريات تواليا في كأس أمم أفريقيا على كينيا (2/0) والسنغال (1-0)، وتنزانيا (3-0) في الدور الأول من “الكان”، ثم غينيا بنفس النتيجة في ثمن النهائي، ثم تعادل مع كوت ديفوار1/1 في ربع النهائي قبل أن يحسم المباراة بركلات الترجيح 4/3، ثم فاز على نيجيريا في نصف النهائي 2/1، لينهي المنافسة بالفوز على السنغال 1/0 في النهائي.وفي دورة مصر أيضا حقق المنتخب الوطني رقما رائعا وهو عدم تلقي مرماه أي هدف طيلة 422 دقيقة، وكان أول هدف تلقاه في ربع النهائي أمام كوت ديفوار. “كان 2019” أفضل دورة للخضر وسجلت كتيبة المدرب جمال بلماضي، رقما أخر في دورة مصر، لم يتحقق سوى مرتين فقط منذ دورة 1990، وهو تخطي الدور الثاني من المسابقة، ومنذ 1990 تخطى المنتخب الوطني مرة واحدة فقط الدور ربع نهائي مقابل أربع هزائم، وكان الفوز الوحيد على كوت ديفوار 3/2 في دورة 2010 بأنغولا في مباراة بطولية.وحقق “الخضر” نفس الانجاز في دورة مصر بالفوز على غينيا بثلاثية دون رد قبل أن يشق طريقه نحو النهائي ثم التتويج باللقب.ففي دورة 1992 خرجت الجزائر من الدور الأول، ثم غابت عن النسخة التالية في تونس عام 1994 بسبب خطأ إداري، وفي دورة 1996 بجنوب إفريقيا خرجت من الدور الثاني، كما غادرت دورة 1998 ببوركينافاسو من الدور الأول، وفي دورة 2000 أقصيت من الدور الثاني أمام الكاميرون، كما خرجت من الدور الأول في دورة 2002، وفي نسخة 2004 غادرت من الدور الثاني، ثم غابت عن دورتي 2006 و2008. وبعد بلوغها نصف النهائي في دورة 2010، غابت عن نسخة 2012 بالغابون، قبل أن تغادر طبعة 2013 بجنوب أفريقيا من الدور الأول، وخرجت من دورة 2015 بغينيا الاستوائية من الدور الثاني أمام كوت ديفوار، قبل أن تقصى من دور المجموعات في نسخة 2017 بالغابون. وفي دورة مصر أيضا، تصدّرت الجزائر ترتيب المنتخبات الأكثر فوزا بالمباريات بست مباريات وتعادل وحيد وأنهت الدور الأول بالعلامة الكاملة، كما نال المدرب جمال بلماضي لقب أفضل مدرب في الدور الأول، واللاعب اسماعيل بناصر جائزة أفضل لاعب في الدور الأول قبل أن يتبعها بجائزة أفضل لاعب في الدورة، ورايس وهاب مبولحي أفضل حارس مرمى. إنجازات فردية خارقة وعلى المستوى الشخصي، حقق “الخضر” في دورة مصر، عدة أرقام وإحصاءات شخصية، وأبرزهم نجم مانشستر سيتي الإنجليزي رياض محرز الذي عادل الرقم القياسي في صدارة هدافي المنتخب في “الكان” بست أهداف، والذي كان بحوزة أسطورة الكرة الجزائرية لخضر بلومي بمفرده كأفضل هداف ل”الخضر”.وسجل محرز هدفه السادس مع “الخضر” في نهائيات كأس إفريقيا في مباراة نيجيريا، حيث بات على بعد هدف واحد فقط لتجاوز رقم بلومي الذي يملك 6 أهداف.وحقق محرز هذا الموسم 5 ألقاب كاملة، فإضافة إلى لقب كاس أمم إفريقيا حقق رياض 4 ألقاب مع فريقه مانشستر سيتي الإنجليزي وهي كاس الدرع الخيرية، لقب كأس الرابطة الانجليزية، كأس الاتحاد الانجليزي وكذلك لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. كما شهدت دورة مصر إنجازا خارقا للاعب أدم أوناس الذي دوّن اسمه في تاريخ الجزائر في كأس أمم أفريقيا، حيث اقتحم قائمة الهدافين رغم أنه لاعب “احتياط”، إذ شارك في لقاء واحد في التشكيل الأساسي وفي لقاءين أخرين كلاعب بديل.وسجل أوناس هدفه الثالث خلال مباراة غينيا وقبلها سجل هدفين في مرمى تنزانيا في أول مشاركة قارية له.كما شهدت دورة مصر رفع هداف المنتخب إسلام سليماني ب28 هدفا، رصيده التهديفي في المنافسة القارية إلى 4 أهداف، بفضل هدفه في مرمى تنزانيا.وبفضل الأهداف ال13 التي سجلتها الجزائر في بطولة مصر، رفعت رصيدها الاجمالي من الأهداف في مختلف البطولات التي خاضتها إلى 93 هدفا في 74 مباراة منذ أول مشاركة لها في دورة 1968 بإثيوبيا.وعرفت دورة مصر، اقتحام حارس المرمى المخضرم رايس وهاب مبولحي قائمة عظماء المنتخب الجزائري على مر التاريخ، إذ شارك في مباراته ال68 أمام السنغال في النهائي ليدخل بذلك قائمة ال15 لاعبا الأكثر مشاركة مع المنتخب الوطني في المباريات الرسمية والودية.ورغم أن مبولحي لا يزال بعيدا عن الرقم القياسي الذي يملكه بلومي ب100 مباراة دولية، إلا أنه يحتل صدارة أكثر حراس المرمى مشاركة مع الجزائر في “الكان” ب15 مباراة، متقدما على الحارس السابق مهدي سرباح الذي شارك في 14 مباراة.