عمليا وميدانيا، “الحملة” و”الهملة” الانتخابية انطلقت باكرا ومبكرا، ويتوقع أن تشتدّ خلال الأيام المقبلة، مع ظهور مترشحين آخرين من الوجوه “الوازنة” أو المعروفة، علما أن مهلة سحب استمارات التوقيعات لرئاسيات 12 ديسمبر مازالت ممتدّة طوال 30 يوما، وهو ما يعني أن قائمة ال 90 راغبا ستتجاوز هذا الرقم بكثير، في انتظار امتحان التوقيعات طبعا! كثرة المترشحين والراغبين والمتزاحمين، ستخلط أوراق وعقول السياسيين والمحللين والناخبين، فمنهم من سيحلّل ويناقش حول ما يسمى ب “الأقلّ سوءا”، ومنهم من يتحدث عن “الأكثر حظا”، ومنهم من يغني ليلاه على “الأكثر شعبية”، ومنهم من يلتزم الصمت، مفسحا المجال والكلمة للصندوق الذي لا يُمكن لأيّ عرّاف أو “مشعوذ” أن يرى الآن ما بداخله من إرادة شعبية! الحقيقة، أن هذه المؤشرات تعطي الانطباع برأي مراقبين، أن الرئاسيات هذه المرة، ستكون فعلا وقولا وعملا، مفتوحة، وبكلّ حرية وديمقراطية وشفافية، لاختيار الرئيس الأنسب والأقدر، من بين العديد من الشخصيات الحزبية و”المستقلة”، القديمة منها والجديدة، التي قرّرت دخول غمار رئاسيات بطعم الحراك السلمي الذي حرّر أيضا الانتخابات من الأساليب المشبوهة! الظاهر أنه لا مكان في رئاسيات 2019، لتقنيات “العصابة” وألاعيب الحاشية وبطانة السوء، فكلّ التحوّلات الناجمة عن “ضغط” فخامة الشعب منذ 22 فيفري، بداية من تحييد حزب الإدارة وتجريده من حصانته وصلاحياته و”حقه الإلهي” في تزوير الانتخابات، مرورا بتشكيل سلطة مستقلة، ومراجعة قانون الانتخابات، وصولا إلى “رفع الحظر” عن المترشحين والراغبين في المنافسة النظيفة، كلّ ذلك يؤكد بداية التغيير! التنافس سيحتدم خلال الأيام المقبلة، بين الراغبين والمترشحين والحالمين والطامعين، وهذه ظاهرة صحية ستنتهي باختيار المرشح الأكثر حظا والأكثر توافقا والأكثر شعبية، وطبعا، فإن الفاصل بين هؤلاء وأولئك هو الصندوق، الذي يجب على الجميع بمن فيهم المشككون، حراسته وتقديم “مرشحهم” بدل التهديد والوعيد بعرقلة الانتخابات! كان بإمكان “المقاطعين” و”المحرّضين”، أن يقدّموا بديلهم ويثبتوا قوتهم السحرية فيقولوا للصندوق كن فيكون، لكن لأنهم يدركون أن الصندوق سيرد عليها بعبارة “لا سمعا ولا طاعة”، فإنهم يستمرّون في رفض خيار الانتخابات، بعدما “والفو” منطق الكوطة والتعيين بالهاتف، ويُريدون أن يكون هذا “الفيتو” إلى أبد الآبدين، فالصندوق بالنسبة إليهم لا يختلف عن “التابوت” الذي ينقلهم إلى مثواهم الأخير بلا صلاة ولا ترحّم ولا هم يحزنون!