بلغ عدد الراغبين في الترشح لرئاسيات ال12 ديسمبر القادم، 120 راغب في قيادة البلاد وحل أزمتها المتعددة الجوانب هذه المرة، وذلك قبل 25 يوما من انقضاء الآجال الرسمية وغلق باب الترشحات، وفي وقت تبقى حظوظ المترشحين من الأسماء الوازنة متساوية مازال الترقب والفتور يطبع الجو العام للحملة الانتخابية التي يفترض سياسيا أنها انطلقت تعبيدا لمسار الحملة القانونية. أرقام استثنائية وتحطيم لأرقام قياسية في عدد المعبرين عن رغبتهم في الترشح لرئاسيات ديسمبر القادم، تصنع الحدث في المشهد السياسي، ففي أقل من 20 يوما أحصت اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات 120 راغب في الترشح للرئاسيات أي بمعدل 6 أشخاص قصدوا نادي الصنوبر يوميا طيلة الفترة السابقة لسحب استمارات التوقيع للترشح لأعلى منصب في الدولة، هي أرقام استثنائية تتزامن مع تنظيم رئاسيات استثنائية في شكلها ومضمونها، ذلك لأنها تأتي بعد حراك اجتماعي دخل أمس، مسيرته ال33، قلب الطاولة على النظام السابق ولم يرغم الرئيس السابق على التخلي عن الترشح لعهدة خامسة فقط، بل الاستقالة قبل انقضاء عهدته الرئاسية. رئاسيات تأتي في عز مكاشفة لم يشهدها النظام الجزائري وعمليات محاسبة ومحاكمات لمسؤولين كبار في قضايا فساد كبرى، لم يسجلها سجل القضاء الجزائري من قبل، كما تأتي هذه الرئاسيات في ظل مناخ سياسي خاص فرض تسليم مهمة تنظيم العملية الانتخابية لهيئة وطنية مستقلة، تمتد سلطاتها عموديا من خلال منسقين ولائيين، كل هذه المعطيات بحسب المتابعين للشأن السياسي تملي الجدية في التعامل مع الموعد القادم، إلا أن المشهد السياسي الحالي يوحي بحالة من الترقب والتوجس بين المعلنين رغبتهم في الترشح والمعبرين عن رفضهم المشاركة والصامتين عنها، فرغم نزول المدرجين في خانة الأسماء الوازنة حلبة التسابق إلا أن التنافس مازال غائبا والفتور مازال سيد الموقف. وعدا السهم الذي صوبه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس في اتجاه الوزير الأول عبد المجيد تبون يوم إعلانه ترشحه للرئاسيات والذي تعفف تبون عن الرد عليه مخالفا بذلك تقاليد الحملات الانتخابية الحامية الوطيس بين المتنافسين، نجد أن الساحة السياسية لا تسجل في الوقت الراهن سوى أرقام عن سحب استثمارات الترشح وإبداء النوايا رغم أن المنافسة انطلقت رسميا وإشارة انطلاق المواجهة أعطيت باستدعاء رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر الماضي. وعوض أن تصنع تصريحات وبرامج ووعود المترشحين الحدث، مازالت السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات تشد إليها المتابعين للشأن السياسي، وهي التي أعلنت أمس قائمة منسقيها بالولايات، أي أن الجوانب التنظيمية مازالت تطغى على العملية السياسية التي تسجل هذه المرة أن أغلب الراغبين في الترشح للموعد الانتخابي القادم، من الأحرار أبرزهم الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون، والدكتور أحمد بن نعمان، سليمان بخليلي، إلى جانب ممثلي أحزاب من بينهم بلقاسم ساحلي عن التحالف الوطني الجمهوري، عز الدين ميهوبي الأمين العام للأرندي، علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات، عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل، وعيسى بلهادي رئيس جبهة الحكم الراشد، عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء، علي زغدود رئيس حزب التجمع الجزائري ومراد عروج رئيس حزب الجزائر للرفاه. وبعيدا عن الخرجات الباهتة لبعض المترشحين والفتور الذي يميز نشاطهم لدرجة أن بعضهم عينوا مديري حملاتهم الانتخابية، دون عناوين لمديرياتهم ومداوماتهم رغم أن العد التنازلي للرئاسيات بدأ، فغدا تنتهي الآجال القانونية لعملية تحيين القوائم الانتخابية لضبط تعداد الهيئة الناخبة، كما ستنقضي آجال سحب استثمارات الترشح للرئاسيات في 30 أكتوبر القادم، أي بعد ثلاثة أسابيع وسباق المتنافسين مع جمع التوقيعات انطلق ولم يتبق من 45 يوما المحددة لذلك سوى نصف المدة. ومعلوم أن القانون العضوي الجديد الخاص بنظام الانتخابات يلزم المترشحين للرئاسيات بتقديم 50.000 توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية، ويجب أن تجمع في 25 ولاية، ولا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة من كل ولاية 1200 توقيع، وعلى المترشح إيداع طلب تسجيل لدى رئيس هذه السلطة، حسب هذا القانون الذي يلزم المترشح بإرفاق ملفه الذي يودعه شخصيا لدى السلطة المستقلة بعدة وثائق من بينها شهادة جامعية أو شهادة معادلة لها وشهادة الجنسية الجزائرية الأصلية. فهل سيكون الراغبون في قيادة البلاد وإخراجها هذه المرة من أزمة متعددة الجوانب سياسية واقتصادية واجتماعية جاهزين؟ وهل تخفي الأيام القادمة أو الفترة المتبقية من زمن الترشحات أسماء وازنة بإمكانها “تسخين” الحملة الانتخابية وصنع أجواء التنافس وتعبئة المواطنين عبر الكيف لا الكم؟.