لجأت الأطراف الداعية إلى تغيير العطلة الأسبوعية في الجزائر، من يومي السبت والأحد، مثلما هو معمول به إلى غاية منتصف عشرية السبعينيات، بدل العطلة الحالية، الخميس والجمعة، إلى حل ثالث يقولون إنه يمثل المخرج الوسط ، كونه يأخذا في عين الاعتبار مطالب الرافضين لتحويل الجمعة إلى يوم عمل، نظرا لطبيعة هذا اليوم وخصوصيته في مدونة الشعب الجزائري. الطرح الجديد يتمثل في تبنى ما اصطلح عليه ب "العطلة المختلطة"، بمعنى أنه تأخذ يوما من "العطلة الأسبوعية الإسلامية"، ويوما آخر من "العطلة الأسبوعية الشائعة" غربيا، حتى وإن كان النمط الجديد هو الذي تتبناه الدولة اليهودية في فلسطين. وأول الداعين إليه، هو منتدى رؤساء المؤسسات الجزائرية، الذي لم يتردد في دعوة مسؤولي الشركات الخاصة، دون سابق إنذار، إلى تبني هذا النمط من العطلة الأسبوعية، لكن من دون إشارة إلى تبعات مثل هذا الإجراء من الناحية القانونية، وما يترتب عنها من أعباء تتعلق بالمستحقات الضريبية، ومستحقات العمال. وفي هذا السياق قال رضا حمياني رئيس منتدى المؤسسات الجزائرية الخاصة، " إنه يتعين على المؤسسات الخاصة، ترك عطلتها الحالية، والشروع في تبني يومي الجمعة والسبت كعطلة أسبوعية دون انتظار القرارات الرسمية"، وذلك في ندوة صحفية، بينما كان بصدد التعليق على قرار أكبر الشركات الجزائرية المتخصصة في صناعة الحديد والصلب (مركب الحجار سابقا)، التي اشتراها المتعامل الهندي "ميتال ستيل" في وقت سابق. قرار منتدى المؤسسات، حسب مسؤوله الأول، جاء بعد التشاور مع مسؤولي المؤسسات الخاصة الأعضاء في المنتدى، في اجتماع ضم جميع منتسبيه، فيما يبدو أنها محاولة لإضفاء الشرعية على هذا القرار الذي يعتبر الأول من نوعه منذ تغيير العطلة الأسبوعية في سنة 1976 بقرار سياسي من قبل الرئيس الراحل هواري بومدين. ويطرح مطلب تغيير العطلة الأسبوعية إشكالات تنظيمية بالأساس، لأن القوانين المعمول بها تحدد العطلة الأسبوعية يومي الخميس والجمعة، الأمر الذي يعني أنه لا بد من تعديل في المنظومة القانونية، ولا سيما تلك المتعلقة بالضرائب وتشريعات العمل، لأن تحويل المؤسسات الخاصة أياما تعتبر عطلا في المدونة القانونية المحلية إلى أيام عمل، يضعها تحت طائلة أعباء ضريبية قد لا تستطيع تحملها، علما أن نسبة المستحقات الضريبية في أيام العطل تتضاعف عنها في الأيام العادية، والحال كذلك بالنسبة لمستحقات العمال. ويبرر الداعون لتبني العطلة الأسبوعية المختلطة، بدل نمط العطلة الأسبوعية الحالي، بكون الأخير يفقد الجزائر ثلاث نقاط في نمو الناتج الداخلي الخام في السنة، بسبب ما قيل عن تعطيل العمليات المالية على مستوى البنوك خلال أيام العطلة الأسبوعية الحالية، وذلك بناء على تقديرات المؤسسة المالية الدولية "آس آف إي"، التي حاولت التأكيد على أن استمرار العمل بالعطلة الأسبوعية الحالية (الخميس والجمعة) يتسبب في خسارة الجزائر ما بين 500 و 750 مليون دولار سنويا، في حين يرى الطرف الجزائري أن الخسارة لا تتعدى حوالي 150 مليون دولار فقط. ولم تبد الحكومة إلى غاية اليوم موقفا رسميا صريحا بشأن هذه القضية التي مضى عليها الكثير من الوقت، غير أن قرار سابق اتخذ على مستوى سلطات ميناء الجزائر، قضى بتغييرات تتعلق بأوقات العمل على مستوى هذه المؤسسة، بعد نداءات متكررة بإعادة النظر في العطلة الأسبوعية، قابلها سكوت الحكومة، أعطى الانطباع بأن مسؤولي قصر الدكتور سعدان، مع الفكرة من حيث المبدأ، غير أن امتعاض الرأي العام الداخلي، يكون وراء التردد في تعميم نمط العطلة الأسبوعية المطالب به على مستوى بقية المؤسسات العمومية. محمد مسلم