إلى غاية مساء السبت، لا يوجد اسم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ضمن قائمة المهنئين للرئيس الجديد للجزائر، عبد المجيد تبون.. معطى يؤشر على أن العلاقات الجزائرية الفرنسية مرشحة للمزيد من التوتر. فقد هنأت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا الاتحادية وإسبانيا وإيطاليا، ودول أخرى عربية وإفريقية، الرئيس الجديد للجزائر، فيما تخلفت فرنسا، وهو الموقف الذي لم يسجل منذ أزيد من عقدين من الزمن، حيث كانت باريس من بين الأوائل الذين باركوا فوز الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، بالعهدات الأربع، غير أن الوضع اختلف هذه المرة. وكان التخلف الفرنسي عن تهنئة الرئيس الفائز في رئاسيات 12 / 12 منتظرا، ففي اليوم الذي أعلن فيه عن فوز تبون بالرئاسيات من قبل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، كان ماكرون يسدي نصائح في صورة أوامر للسلطات الجزائرية، بالحوار مع الشعب (…). نزيل قصر الإيليزي كان يعلم مسبقا أن مثل هذا التصريح يمكن أن يضيف متاعب إضافية للعلاقات الجزائرية الفرنسية المأزومة أصلا، ومع ذلك لم يتحاش السقوط في هذه المطبة، ليأتي بعد ذلك الرد الجزائري على لسان الرئيس المنتخب لتوه، حيث رفض التعليق على تصريح نظيره الفرنسي، لكن لغة الجسد في التعاطي مع السؤال أبانت عن انزعاج كبير من ذلك التصريح. وقد جاء التصريح “المزعج” للرئيس الفرنسي ليزيد من تعقيد أزمة العلاقات بين الجزائروباريس، والتي دخلت النفق في الأيام الأولى للحراك الشعبي، والسبب انخراط الطرف الفرنسي، في دعم أطراف داخلية كانت تستهدف تأزيم الوضع في البلاد، وذلك من خلال محاولة القفز على جهود المؤسسة العسكرية في البحث عن حلول للأزمة التي كانت تمر بها البلاد، وقد ألمح إلى ذلك نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح في أكثر من خطاب. مؤشر آخر يؤكد على أن العلاقات الجزائرية الفرنسية دخلت نفقا مظلما، هو الحملة الاعلامية المركزة التي شنتها قناة “فرانس 24″، يوم إعلان فوز تبون. وهذه القناة ليست عمومية أو خاصة، وإنما تابعة رأسا لوزارة الخارجية الفرنسية، ما يعني أن طريقة معالجة نتائج الانتخابات الرئاسية، كانت بتوجيهات وبمباركة من “الكيدورسي”. ويعتقد بعض المحللين في فرنسا أن الرئيس الجديد للجزائر، معاد للمصالح الفرنسية، ويستندون في بناء موقفهم هذا، إلى الإجراء الذي أقدم عليه تبون قبل أزيد من سنتين عندما كان وزيرا أول، حيث منع استيراد التفاح الفرنسي بسبب شبهات حول تضخيم فواتيره، وذلك بعد أن وقف على سعره في مصدره، وما يسوق به في الجزائر، الأمر الذي أحدث جلبة لدى الفلاحين في فرنسا، وتحالفا مشبوها في الداخل من قبل بعض رموز العصابة، أدى إلى إسقاطه من الوزارة الأولى. وبالمقابل ينظر الطرف الجزائري، إلى نظيره الفرنسي على أنه يقف خلف كل المشاكل التي تأتيه من الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، ولعل أهمها لائحة البرلمان الأوروبي المثيرة للجدل، والتي يقف خلفها، كما هو معلوم، النائب الفرنسي في هذه الهيئة، رفائيل غلوكسمان. وقبل ذلك، كانت تسريبات قد تحدثت عن طلب تقدم به السفير الفرنسي بالجزائر، كسافيي دريانكور، إلى الرئيس الفرنسي، طلب فيه إعفاءه من منصبه، وبررت تلك المصادر هذا الطلب، بالصعوبات التي أصبح يواجهها دريانكور، في أداء مهمته الدبلوماسية، بسبب الرقابة الشديدة التي سلطت عليه من قبل السلطات الجزائرية، بسبب شبهات حول لقاءات سرية جمعت بعض رموز العصابة وجهات فرنسية.