أمطر جزائريون وأطباء ومختصون في التغذية، الوزير الأسبق نور الدين بوكروح، بوابل من الانتقادات والتعليقات والشجب، جراء تصريحاته الأخيرة ضمن مقال له بعنوان "فيروس كورونا والحضارات"، زعم فيه أن المسلمين مجبرون على تعليق الصيام هذا العام، لأن خواء الجسم – حسبه – يزيد من قابليته لفتك الفيروس ويحفز انتشاره. وتساءل بوكروح باستفزاز: ما الذي يجب أن يمثل الأولوية؟ حياة عدد غير محدود من البشر أم فريضة دينية؟ وحسب بوكروح فإنه "إذا لم يتمكن "الكفار" (أتباع الحضارات-الأديان الأربعة الأخرى) من القضاء على كورونا في غضون 15 يومًا، فإن العلم الديني القديم "الصالح لكل زمان ومكان"، سيواجه إحراجا خطيرا – حسب وجهة نظره – بسب قدوم شهر رمضان. واعتبر جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي ان بوكروح لا يمتلك الصفة العلمية، ولا الدينية، وليس مؤهلا بالمطلق للخوض في مسائل فقهية طبية تفوقه، داعينه الى ترك الساحة لأهلها والمختصين فيها، ومنهم من قال إنه "نام لسنوات واستيقظ على خزعبلات". وتؤكد العديد من الآراء الطبية والدراسات الغربية، على أهمية الصوم في تجديد النظام المناعي للجسم، ومن آخرها دراسة أمريكية أكدت أن الصوم على مدار 3 ايام يجدد الجهاز المناعي للإنسان بشكل جيد جدا، وهذا حتى بالنسبة للاشخاص المسنين. من جهتها، أكدت المختصة في التغدية، زهرة بودين، أن كل المعلومات المتداولة بشأن تأثير الصوم على الجهاز المناعي للجسم مغلوطة، وعارية عن الصحة، فالصوم واستنادا إلى دراسات علمية سابقة وحديثة، يعزز الجهاز المناعي، وأثبتت انه محسن لآداء كافة وظائف الجسم، الذي يكون في أفضل حالاته. وبدوره، يؤكد البروفيسور الجزائري أومونا، المختص في علم المناعة وعلم الفيروسات، أن الجسم يجد راحة كبيرة اثناء الصوم، وهو يرمم نفسه خلال هذه الفترة، وأفضل الصيام المنصوح به هو صيام المسلمين الذي ينقطع فيه الفرد عن الاكل والشرب، حتى بات منصوحا به من قبل عيادات غربية كثيرة، على الاقل لثلاثة ايام على التوالي. ونصحت بودين الجزائريين بعدم الالتفاف وراء المغلومات الخاطئة وغير المؤسسة، ناصحة باتباع ارشادات الوقاية والنظام الغذائي الصحي والمتوازن، والابتعاد عن السكريات والعادات السلبية. الشيخ كمال أبوسنة الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين: لا يُفتي في مسألة الصيام إلا علماء الشرع والطب أفاد الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ كمال أبوسنة، في تصريح ل "الشروق"، الأحد، أنّ ما أصاب العالم كله، ومنه الجزائر، بسبب وباء فيروس كورونا من أشد الابتلاءات العالمية التي أودت بحياة الآلاف من البشر، لما له تداعيات على مستقبل سياسات واقتصاديات الدول، ومعاش أفرادها. واعتبر المتحدث أن الإفتاء بتعليق الصيام هذا العام بسبب وباء كورونا "مسألة لا يفتي فيها فرد، ولا يتحدث فيها إلا المتخصصون من علماء الشرع، والعلماء المتخصصين في الطب وعلم الأوبئة، ونحو ذلك، بناء على معطيات علمية وواقعية". وتتابع لجنة الفتوى بجمعية العلماء الأمورَ وتدرس النوازل، استنادا لتصريحات الشيخ بوسنة، الذي أكد إصدارها بعد يوم أو يومين، فتوى في هذا الشأن إن شاء الله. واستطرد المتحدث "صيام شهر رمضان، كما هو معلوم بالضرورة في ديننا الإسلامي الحنيف، من أركان الإسلام الخمسة، وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة، بدليل الكتاب والسنة والإجماع، ومن توفرت فيه الشروط الآتية صار صيام رمضان واجبا عليه، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والصحة، والإقامة، والطهارة من دم الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة. وعليه، فإن استمر انتشار وباء كورونا، ولم يُرفع عنَّا في شهر رمضان – لا قدر الله-، فالجهات الشرعية المعتمدة والمعتبرة في بلادنا هي التي تبين الحكم الشرعي في المسألة، وعلى الجزائريين عقد نية صيام شهر رمضان، وتجري على كل واحد من الجزائريين الأحكام الشرعية المعروفة في فقه الصيام بشكل فردي، فمن توفرت فيه شروط وجوب الصيام لزمه الصوم، ومن كان مريضا أو على سفر أو معذورا بعذر شرعي معتبر، جاز له الفِطر، ويلزمه قضاء ما أفطرَه في أيام أُخرَ، كما هو مقرر في أحكام الصيام، مصداقا لقولة تعالى "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". الدكتور محمد إيدير مشنان عضو لجنة الافتاء بوزارة الشؤون الدينية: فتاوى الصوم في زمن كورونا تراعي الحالات وفق معطيات الشرع والطب أكّد الدكتور محمد إيدير مشنان عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية، وأستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الجزائر، أنّ لجنة الفتوى ستجتمع قريبا لتقديم رأيها بخصوص عديد المسائل ذات الصلة بشهر رمضان الكريم، وتعكف اللجنة حاليا، حسب المتحدث، على دراسة ومناقشة كثير من الأمور والجوانب الاستعجالية، وستقدم في هذا السياق بيانا عاما للمواطنين ينور الرأي العام بخصوص أمور دينهم ودنياهم، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد. وعبر مشنان عن أمله ورجائه في الله، وأن تتحسن الظروف العامة، ويرفع الوباء ويتمكن الجزائريون من قضاء شهر رمضان، بما اعتادوا عليه. وقال مشنان إن باب الاجتهاد مفتوح في الدين الإسلامي، وأن النصوص القرآنية والنبوية تنظر الى المصلحة الدينية للأشخاص والأفراد، ولها مرونة كبيرة تراعي الحالات العامة والخاصة، كما أن أعضاء اللجنة لا ينفردون بفتاوى لهم، وإنما يتمسكون بالفتوى الجماعية التي يقرها كل أعضاء اللجنة أو أغلبهم. وبخصوص صيام شهر رمضان الكريم في ظل انتشار كورونا، أوضح عضو لجنة الإفتاء أن الأمر بالنسبة لأصحاب الأعذار معروف ومعلوم، وبإمكانهم الإفطار، إذ أن هنالك ضررا صحيا قد يلحق بهم، أما بالنسبة لعامة الناس، فإن اللجنة ستفصل في الأمر وفق معطيات علمية دقيقة، تصلها من قبل المختصين في الصحة العمومية.