مرّت أيام الحجر الصحي وإعادة التلفزيون الجزائري لمباريات قديمة في صالح النجم العالمي رابح ماجر، خاصة بالنسبة لهواة الكرة الذين لم يعاصروا أسطورة الكرة الجزائرية رابح ماجر كلاعب، وعرفوه كمدرب لم ينجح في إيصال الخضر إلى برّ الأمان، وشهدوا الانتقادات الشديدة لرابح ماجر المدرب الذي كانت تجربته في عالم التدريب لا تشبه إطلاقا تجربته كلاعب موهوب، بل أحد أحسن اللاعبين في تاريخ الكرة الجزائرية إن لم يكن أحسنها على الإطلاق. التلفزيون الجزائري قدّم مباريات أندية مثل نهائي كأس الجزائر سنة 1979 التي فازت بها النصرية على شبيبة القبائل بهدف بقيادة رابح ماجر، وقدّم مباريات الخضر مثل نهائيات أمم إفريقيا سنة 1990 التي فازت بها الجزائر بأهداف وتمريرات وقيادة رابح ماجر، وهي فترة تساوي 11 سنة من التألق غير الطبيعي للجوهرة رابح ماجر كلاعب كبير أعطى طوال فترة تزيد عن عقد من الزمن أعلى مستوى وفاز بعدد كبير من الألقاب المحلية والوطنية من فردية وجماعية. الفوز التاريخي أمام نجيريا سنة 1981 في قسنطينة، والفوز الخرافي أما ألمانيا سنة 1982 والمباراة الكبيرة أمام البرازيل سنة 1986 والتتويج باللقب القاري سنة 1990 كلها مباريات تاريخية لا تنسى كان فيها العامل المشترك هو اسم رابح ماجر، ولم يكن تواجده من باب إكمال التشكيلة، وإنما الصانع الأول للانتصار، ففي مباراة تصفيات مونديال إسبانيا في قسنطينة عندما تعقدت المباراة وكانت تسير إلى تعادل مخيب للأنصار، التقط الصغير ماجر كرة من بلومي ورفعها فوق رأس المدافع ووجهها بيسارية قوية في الزاوية المستحيلة لحارس نيجيريا، وعيّش الجزائريين في يوم لا ينسى، وأمام ألمانيا عندما سارت المباراة نحو التعادل دكّ شباك شوماخر، وفي كل المباريات كان بطلا خارقا، وهو ما وقف عليه الذين عرفوا ماجر كمدرب منبوذ من طرف الجماهير، ولم يعرفوه كلاعب مدهش تتغنى به جماهير الكرة الجزائرية. شارك ماجر في كأسي عالم في إسبانيا والمكسيك ولعب ست مباريات في المونديالين، وكان في جميعها أساسيا، كما كان أهم لاعب في كان الجزائر 1990، فبالرغم من التشكيلة الفقيرة للخضر باستثناء جمال مناد، فإن قوة ماجر الهجومية جعلت لاعبي الوسط والدفاع ينشطون بسلام وأمان، فأخفى ماجر تواضع بعض اللاعبين وقاد الخضر للقب القاري وكان الأحسن من دون منازع، ومهما قيل عن رابح ماجر المدرب فإن صورته كنجم أفرح أنصار الخضر لا تتزعزع أبدا. وقاد ماجر غالبية الأندية التي لعب لها إلى التتويجات، فمنح النصرية الكأس الوحيدة التي فازت بها في تاريخها الطويل، وقاد نادي راسينغ باريس للصعود إلى القسم الأول الفرنسية، وهو آخر صعود لهذا النادي الباريسي العريق، وقاد نادي بورتو البرتغالي للفوز بأول لقب من رابطة أبطال أوربا وأول لقب لكأس القارات في تاريخه العريق، وفي كل هذه التتويجات كان هو صانع الفرح بامتياز، وسيبقى هدفه بالعقب في مرمى بايرن ميونيخ في ليلة حالمة في فيينا النمساوية في نهائي رابطة الأبطال محفورا في ذاكرة عشاق الكرة في العالم، وليس الجزائريين فقط. كرة ذهبية إفريقية وألقاب أحسن لاعب في مختلف الدوريات كانت تاجا على رأس رابح ماجر، الذي حرمته الإصابة من تقمص ألوان الإنتير، ولكنه لعب بألوان فالونسيا الإسباني وكان في مستوى هذا النادي الكبير، وسجل في موسم واحد في إسبانيا هدفين بالعقب، جعلاه لاعب العقب بامتياز، وصار كل هدف يسجل بالعقب يسمى باسم الأسطورة رابح ماجر، حتى ولو كان مسجل الهدف رونالدو أو ميسي. يبلغ رابح ماجر من العمر 62 سنة، وكان حلم حياته أن يقود المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم كمدرب في قطر 2022، في البلد الذي أنهى فيه مشواره كلاعب وبدأ فيه مشواره كمدرب، ولكن حلمه تبخر بسرعة البرق، ومع ذلك لن ينسى الجزائريون والعالم لاعبا من الطراز النادر، وسيبقى ما قدمه للمنتخب الجزائري ولجمال اللعبة راسخا في الأذهان، ولحسن الحظ أن كورونا وما فعلته في الناس من حجر في البيوت صبّ في صالح رابح ماجر الذي تعرّف عليه الناس كلاعب صانع للمتعة، حيث يلعب بالقدمين بنفس القوة، ولا يمكن لمشاهد أن يعرف إن كان ماجر يساري أو يميني، ويقدم تمريرات ساحرة، إضافة إلى رشاقته ولياقته البدنية التي تجعله ينهي المباراة على نفس ريتم بدايتها، وسيكون من الصعب إيجاد لاعب بنفس مواصفاته. ب.ع