كذّبت أمس، وزارة الشؤون الخارجية، ترخيص السلطات الجزائرية، للقاضي الفرنسي مارك ترفيديك، بدخول الجزائر خلال شهر مارس القادم أو غيره، مثلما صرّح به لوسائل إعلام فرنسية، من أجل ما أسماه التحقيق في ملف اغتيال سبعة من رهبان تبحيرين. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، عمّار بلاني، في تصريح ل"الشروق" أمس، أن ما أدلى به القاضي الفرنسي "ليس صحيحا جملة وتفصيلا"، وأن الجزائر لم تمنح الضوء الأخضر لمجيء المعني قصد التحقيق، مضيفا "أن القضية مازالت قيد الدراسة". وأبرز بلاني أن "طلب مواصلة التحقيق بالجزائر"، له قرابة السنة، نافيا وجود أيّ تاريخ أو أجندة متفق عليها، تقضي بزيارة ترفيديك إلى الجزائر خلال مارس أو غيره من أجل ما أسماه التحقيق في قضية اغتيال الرهبان السبعة بتبحيرين العام 1996. وأكد المتحدث باسم الخارجية الجزائرية، في ردّه على تصريحات القاضي الفرنسي، أنه لا توجد "أيّة قائمة بأسماء أشخاص" لهم صلة بالملف، مضيفا أن ما صرّح به المعني "غير صحيح ولا أساس له من الصحة"، مؤكدا في نفس السياق، أن السلطات القضائية لم تلتزم كما لم تحدّد أيّ تاريخ مع نظيرتها الفرنسية بخصوص ما يُعرف بملف رهبان تبحيرين. ردّ الجزائر، جاء مباشرة بعد معلومات نقلتها قناة فرانس 24 العمومية، تقول بأن السلطات الجزائرية منحت الضوء الأخضر للقاضي المختص في مكافحة الإرهاب، مارك ترفيديك، بغية زيارة الجزائر في مارس 2013، لمواصلة تحقيقاته في ملف اغتيال رهبان تبحيرين الذي يشرف عليه. وتواترت هذه التصريحات ساعات بعد توجيه محامي الدفاع المدني في قضية رهبان تبحيرين، رسالة إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قبيل زيارته إلى الجزائر، الأربعاء والخميس المقبلين، لدعوته إلى ممارسة الضغط على الجزائر قصد دفعها للتعاون مع المحققين الفرنسيين المكلفين بقضية الرهبان. وقال بعدها هولاند ببروكسل، بأنه سيتطرق إلى كل الملفات مع نظيره الجزائري. وكان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، كرد فعل على النقاش الذي أثارته دوائر فرنسية أنذاك بشأن ما أسمته "تسليط الضوء على الحقيقة"، قال أنه يجب رفع السر العسكري عن كل الوثائق التي تخص قضية اغتيال الرهبان، وقد تمكن القاضي منذ ذلك التصريح من الإطلاع على مئات الوثائق على مستوى وزاراتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين. وعادت أياما قبل زيارة هولاند إلى الجزائر، دوائر فرنسية إلى النبش في ملفّ تبحيرين، بما قرأه مراقبون أنه محاولة لابتزاز الجزائر، ودفعها إلى عدم طرح مطلب الاعتراف بجرائم الاستعمار على طاولة المفاوضات الرسمية، وقد اعتبر فاروق قسنطيني، رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن العملية هدفها التشويش على زيارة الرئيس الفرنسي، مؤكدا أن الجزائر لم ترخص للقاضي الفرنسي بزيارتها من أجل التحقيق، وأن العدالة الجزائرية أغلقت الملف. ومعلوم، أن الرهبان السبعة الذين كانوا يعيشون في دير تبحيرين بأعالي المدية، اختطفوا ذات ليلة من مارس 1996 من طرف التنظيم الإرهابي المسمى "الجماعية الإسلامية المسلحة" (الجيا) التي تبنّت عملية الاختطاف، وهو ما أكدته أيضا عدّة اعترافات لإرهابيين تائبين ومرافقين للرهبان، نقلت شهاداتهم وسائل الإعلام الفرنسية.