عندما يريد الفنان التغيير، فهو يعلن الثورة، كذلك شربل رحانا الذي خرج مثل طفرة وراثية في فن الموسيقى العربية، يحشد التجمعات حوله و هو يستظهر بطاقة هوية ليست بالغريبة عنا. نعرف أنك متأثر بقريبه مارسال خليفة و الرحبانيين، هل يمكن أن يصنف روحانا نفسه من صناع الثورة في الموسيقى العربية؟ * لقد حدثت ثورات عديدة في الوطن العربي لذلك اكتفي أحيانا بإعطاء إشارات فقط القيها هنا وهناك، للتعبير عن حاجتنا في الذهاب نحو أبعاد أخرى ليس ، فنحن نحس بعدم الاقتناع في كل مرة، وهذا يعود بمرحلة دراستي بالمعهد العالي للموسيقى، كانت هناك نقائص في برنامج العود الذي شرعت في كتابته، سنة 1995 حيث لم تكن هناك كتابات خاصة لشرح و حل المشاكل الموجودة في المقاطع الموسيقية القديمة حتى يتسنى أداءها بسهولة، و هو دور كل منهج ، في توجيه العازف للطريقة الأيسر في الأداء. بعد عشر سنوات تقريبا من تطبيق هذا المنهج ، آن الوقت لإعادة النظر فيه و ر بما سيتطلب ذلك وقتا معتبرا سنة بالتحديد لأتفرغ في إعادة مراجعة المنهج مع الطلبة و اقتراحه في شكل مبسط وممكن . تشتغل أكثر من أي وقت مضى على الممازجة بين الطبوع الموسيقية العربية القديمة و الطبوع الغربية ، من أي زاوية تتعاطى مع التراث الموسيقي العربي ؟ ليس كل ما أريد قوله أؤديه بالموسيقى ، لكن هذا الانسجام بين الطبوع هي إحدى اللغات التي أديناها، للقول أحيانا أن هناك لقاء في الموسيقى ، اهتم بالموسيقى التقليدية ، صحيح انه في بعض الأحيان أضيف على الموسيقى التقليدية الشعبية توزيعات و تنويعات موسيقية مختلفة مع الأصل و لا تتعارض معه انطلق من الموسيقى التقليدية المتماشية مع ذائقتي لكن بأسلوبي الخاص، و هذه الإضافة تهمني بقدر ما تهمني الموسيقى الأصلية، اعتقد انه من اللزوم على من يريد القيام بهذا العمل ، امتلاك الموسيقى الأساسية التي يحبه و ينطلق منها،و امتلاك رؤية فنية مختلفة وهو ليس بقرار بل حس يجب التمتع به، من هذه الزاوية أتعامل مع الموسيقى التراثية، و في بعض الأحيان أجاور خاصة بين مزيجين من الموسيقى و ذلك إبداعي ، تصوري مؤلفين في مقطوعة واحدة الأصلي في تلك المقطوعة هو أنا .في كل الظروف استعين بما سبق من تراث موسيقي ، من وقت لآخر اشحن به نفسي دون تقليد. كثير من انتقد هذا الأسلوب في المغامرة بالتراث؟ لن تستطيع إرضاء كل الأذواق مع العديد من المستمعين التقليديين الذين لا يريدون الاستماع إلى هكذا نوع من الموسيقى التي يختلط فيها عدة أمزجة فنية، اشتغل على أعمال تقليدية ، بالجو التخت العربي، مع احترام البيئة و الموروث قدر الإمكان من خلال العمل على التوزيعات و في بعض الأحيان أتعامل مع الآلات الغربية مثل البيانو، الفيولنسال، الكمان و الساكسفون بأساليب فيها نوع من الجرأة و إدخالها في الموسيقى التي اكتب، اعتقد أن مانقوم به هو نوع من التجارب الضرورية لكونها تعكس رغبة حقيقية في تخطي ماهو موجود والتخطي لا يعني الذهاب نحو الأحسن بالضرورة ، أتخطى نفسي وأعمالي، و قد يحدث ذلك نحو الاسوء أو نحو الأحسن ، المهم كل عمل يحمل في طياته أفكار مختلفة عما سبق حتى في ألبومي الأخير "خطيرة" أحدثت المفاجأة لدى المستمعين ، كانت سلبية أو ايجابية، و بعضهم لم يتحملوا فكرة عازف موسيقي يتعاطى مع الأغنية ،مع أني أجدها طبيعية للغاية ، مايهمني هي الإضافة التي يمكن أن أقدمها و إلا أفضل البقاء صامتا للغناء . حتى على الصعيد الشخصي ابحث عن نفحة جديدة و الأسلوب بيتغير. ففي نهاية المطاف لا أقدم سوى بطاقة هوية و أسعى دائما لتأكيدها بجدية و احترام ، أنا اصمت إن لم يكن لي شيء أقوله. ظهورك المفاجئ بالبوم " خطيرة" عكس خطابا مبسطا في الكلمة والأداء لتطال جمهورا عريضا ، وكان الكلمة تنجح حيث تفشل الموسيقى... *بعد اغتيال الرئيس الحريري كان هناك إحساس بمشروع حرب ، اغنية" لشو التغيير" تطال كل المجالات في المجتمع اللبناني ، سواء الفني السياسي أو العاطفي، أريد أن أقول أن هناك سأم و عدم ثقة في المستقبل ، لا شيء بتيغير ، الطائفية تلعب دورها الوسخ في تفريق المجتمع ، السياسيون يتحدثون نفس اللغة و نفس الكلام ، النساء لا يكترثن إلا بعمليات التجميل ، كل شيء يتحول إلى رتيب ، لماذا التغيير إذن؟ لأني أريد التغيير، هناك صدق و حزن في التعبير عن الواقع اللبناني و العربي كذلك الذي يتقاسم نفس الانشغالات، "الفيزا"، هي معاناة أي إنسان عربي للحصول على تأشيرة، أصور فيها هذا التمادي في التعامل مع الثقافة العربية باستخفاف و كأن الغرب هو الدواء السحري لكل عقدنا النفسية المتراكمة.ربما ما ينقذ بيروت من الهبوط إلى القاع لتعود للصعود مجددا هو هذا الدفاع الشبه يومي ، نعيش بين الحين و الآخر حالة هدوء نسبي ، اشتقنا للحصول على يوم عادي ، كل يوم نصبح على مشاكل جديدة ، توترات، لا توجد أية رتيبة و لكن كثرة الحركات و التطورات الأمنية و السياسية تتعب، و قرارات تعلق حياة الإنسان و تلغيها، لم نهنأ منذ فترة بالاستقرار ، كل شيء مهدد بالانقطاع في يوم من الأيام ، و في ذلك تأثير الحياة العامة في بيروت لكل ذلك، مازلنا نعبر عن انعدام الاستقرار في أعمالنا الفنية. ومن أي زاوية من المشهد الفني يتكلم روحانا ؟ ببساطة مطلقة بأنني لا أحب التقليد و من هنا يمكن أن نفهم ما كتبت من موسيقى و غناء و حتى في منهج العود، في حياتي الشخصية، لا أحب تكرر نفس الشيء كل يوم، يمكن نفس المضمون لكن في نبقى في الجديد، من المبكر التكلم عن موقعي ، أفضل ترك الأمور للزمن، لأني مازلت اكتشف نفسي... أجرى الحوار: فاطمة بارودي.