تنفس سكان البليدة الصعداء، الجمعة، بعد قرار رفع الحجر الشامل الذي طوق الولاية لقرابة 40 يوما، قضاها المواطنون وكأنهم في شبه سجن كبير، فقد حرموا من التواصل مع عائلاتهم وأقاربهم ومعارفهم خارج الولاية، لتكون البشارة مع حلول شهر الرحمة، حيث نزل خبر رفع الحجر الشامل الذي أقره رئيس الجمهورية بردا وسلاما على مدينة الورود التي استعادت أمس روحها وجمالها وكانت محج الجزائريين من مختلف الولايات.. خاض سكان البليدة لأول مرة في تاريخ الجزائر أول تجربة صعبة للحجر الشامل، حيث ضرب البليديون أروع الأمثلة للتقيد بشروط الحجر الصحي العام وتغليب المصلحة العليا للبلاد على المصلحة الخاصة، وفي هذه المرحلة العصيبة كان تضامن الجزائريين وكرمهم يتهاطل على الولاية المحاصرة بالوباء من جميع ولايات الوطن، بحملات تضامنية واسعة عبرت على الروح التضامنية والهبة الإنسانية للمواطنين، ما خفف عناء الحجر الشامل على سكان البليدة الذين تنامى عندهم شعور الانتماء لهذا الوطن العزيز خاصة في الليلة الأولى لإعلان الحجر الشامل حيث انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات المؤازرة والتضامن مع سكان مدينة الورود وملأ الرقم 09 الفضاء الأزرق وتحوّلت البليدة إلى رمز للصمود والتضحية في مواجهة وباء كورونا الذي قلب حياة الجزائريين والعالم رأسا على عقب. مواطنون يزورون البليدة من مختلف الولايات كانت البليدة الجمعة قبلة للجزائريين من مختلف ولايات الوطن، فمنذ الساعات الأولى من الصباح شهدت مختلف مدن الولاية حركية كثيفة للسيارات بمناسبة رفع الحجر الشامل، الذي حول هذه المدن إلى مدن أشباح، فالجزائريون الذين طالما تضامنوا مع الولاية المحاصرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فضلوا أمس زيارتها لمواساة أهلها ومشاركتهم فرحة رفع الحجر الشامل، التي تعتبر أولى بوادر الانتصار على الوباء القاتل الذي منع الجزائريين من ممارسة حياتهم العادية وجعلهم حبيسي أسوار المنازل، فالكثير من سكان الولاية فرض عليهم الحجر الشامل مقاطعة عائلاتهم وأقاربهم ومعارفهم لقرابة 40 يوما لتكون أمس الجمعة بمثابة عيد للبليديين، الذين كان شهر رمضان عليهم بمثابة الفرج والانتصار والأنس لمزاولة حياتهم العادية بالرغم من استمرار الحجر الصحي الجزئي من الثانية زوالا إلى السابعة صباحا لتشهد البليدة أطول مرحلة جزئية للحجر الصحي حاليا بعد رفع الحجر الشامل. من بؤرة للخوف إلى رمز للانتصار بعدما كانت البليدة البؤرة الأولى لانتشار وباء كورونا بتسجيلها لحصة الأسد لعدد الوفيات والإصابات ولازالت لحد اليوم تحتل صدارة انتشار الفيروس، ما جعلها تتعرض لإجراءات قاسية أثرت سلبا على حياة الناس، تحوّلت مدينة الورود أمس إلى رمز للانتصار على هذا الوباء وبداية الفرج بعد قرار رفع الحجر الشامل، الذي يحمل دلالات ايجابية مطمئنة للجزائريين تسودها مشاعر التفاؤل والبشرى لبداية الخروج من النفق المظلم لهذا الوباء الذي طالما أرعب المواطنين وحرمهم لذة الحياة وجعلهم يعيشون كوابيس نهاية العالم وأخبار الوفيات وارتفاع الإصابات كان بمثابة الحرب النفسية التي خلفت عقدا وأمراضا يطول علاجها. مختصون يحذرون: ربحنا المعركة ولم نربح الحرب تزامنا مع رفع الحجر الشامل على ولاية البليدة وتقليص ساعات الحجر الجزئي على تسعة ولايات أخرى، شهد اليوم الأول من رمضان وحتى خلال الأيام التي سبقته حركة كثيفة للمواطنين، ما جعل عددا من المختصين يطلقون نداءات تحسيس وتوعية، محذرين من التساهل في مواجهة فيروس كورونا الذي لا زال موجودا ومنتشرا، والتساهل في إجراءات الوقاية حسبهم قد يرجعنا لنقطة الصفر، وفي هذا الإطار حذرت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك من استمرار سلوكيات اللهفة والتوافد الجنوني على المساحات التجارية والأسواق عشية رمضان وخلال اليوم الأول ما يساهم في انتشار الفيروس ورفع المنحنى التصاعدي للإصابات. وبدورهم دعا عدد من الأطباء على غرار الياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة العمومية والبروفسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" المواطنين إلى عدم مغادرة بيوتهم إلا للضرورة القصوى وعدم التسوق العشوائي واغتنام قرار رفع الحضر الشامل في ولاية البليدة وتقليص ساعات الحجر الصحي في عديد الولايات في اكتساح الشوارع والأسواق والتساهل في مواجهة هذا الوباء القاتل، لأن الجزائر لم تخرج بعد من مرحلة الخطر مؤكدين أننا ربحنا معركة التقليل من عدد الوفيات والإصابات غير أن الحرب في مواجهة الوباء لا زالت مستمرة ولم تنته بعد.