أحدثت الدراسة الطبية المنشورة في مجلة "دي لانسيت" العلمية، جدلا واسعا على المستوى الدولي، خاصة بعد توصيات منظمة الصحة العالمية بالكف عن استعمال عقار هيدروكسي كلوروكين، ونجم عنها قرارات من طرف صناع القرار لبعض الدول الأوروبية بتجميد استعماله كدواء لفيروس كورونا، كما شكّك الباحث الفرنسي "ديديراؤولت" أكبر المدافعين عن الدواء المذكور في مصداقية الدراسة، مستنكرا قرار تعليق التجارب السريرية، معتبرا حسب تشخيصاته الميدانية في مستشفى مرسيليا "دواء الكلوركين" بأنه كان فعٌالا ضد فيروس كورونا كوفيد 19″. كما تشهد هذه الأيام جدلا واسعا في وسائل الإعلام العالمية، وذلك منذ نشر دراسة طبية، في مجلة "دي لانسيت" العلمية في 22 ماي المنصرم، ونتج عن هذه الدراسة إعلان منظمة الصحة العالمية توصية بالتخلي عن بروتوكول هيدروكسي كلوروكين معتمدة على نتائج المقالة، التي تزعم أن مضار الكلوروكين أكثر من منافعه بل ليس له أي تأثير فعلي على فيروس كورونا. وقد استندت الدراسة على بيانات من نحو 69 ألف مريض، أُدخِلوا إلى المستشفيات بين ديسمبر 2019 وأفريل 2020 في 671 مستشفى، وتقارن المقالة العلمية حالة الذين تلقوا العلاج بالكلوروكين، بحالة الذين لم يعط لهم، وتأتي هذه البيانات من شركة "سورجيسفير" التي تقدم نفسها على أنها شركة تحليل بيانات صحية ومقرها الولاياتالمتحدةالأمريكية، وخلصت الدراسة إلى أن دواء هيدروكسي كلوروكين لا يبدو مفيدا لمرضى كوفيد 19، بل قد يزيد من نسبة الوفيات، بحيث أشارت المقالة الأمريكية إلى أن أولئك الذين تناولوا الدواء زادت نسبة خطر الموت لديهم من 34 % إلى 45 %. وبعد مرور أكثر من أسبوع على عرض الدراسة، بدأت ردود أفعال حول مصداقية المقال، وذلك بعد ظهور العديد من الأخطاء في المقال الطبي، بحيث استاء البروفيسور المثير للجدل "ديدييراؤولت" الأخصائي في الأمراض المعدية في معهد مستشفى جامعة مرسيليا من قرار السلطات الفرنسية بتعليق التجارب السريرية بهيدروكسي كلوروكين لعلاج كوفيد 19، واعتبر دراسة مجلة دي لانسيت "لا قيمة له"، على عكس دراسته التي اعتبرها دراسة ميدانية بأرقام فعلية، مضيفا أن هيدروكسي كلوروكين مع المضاد الحيوي الأزيتروميسين ساهم بنسبة كبيرة في إنقاذ العديد من الأشخاص من أنياب فيروس كورونا، وفند تسبب الكلوروكين في وفاة أي الشخص، مضيفا أنه كطبيب مختص لديه الحق في أن يعطي أي دواء يراه مناسبا للحفاظ على الأرواح. وفي رسالة مفتوحة عبر العشرات من العلماء والباحثين من كافة أنحاء العالم، عن مخاوفهم بشأن منهجيات الدراسة المعادية للكلوروكين وسلامة معطياتها ووضعوا قائمة طويلة من النقاط المبهمة، منها التناقضات في الجرعات المعطاة في بعض الدول، وكذلك بشأن الوفيات التي نبت إلى مستشفى أسترالي، كان قد تم احتسابها على أنها في آسيا، حيث طالب العلماء الموقّعون على هذه الرسالة بالتحقق من مصداقية الدراسة، والتحقق من مجمل قاعدة البيانات، مطالبين منظمة الصحة العالمية بتشكيل مجموعة مكلفة بإجراء تحليل مستقل حول نتائج الدراسة في ظل رفض مُعِدّي الدراسة السماح بالاطلاع على البيانات. وفي نفس السياق، صرح البروفيسور "فرنسوا بالو" الأستاذ بكلية "يونيفيرسيتي كولدج" في لندن" قائلا: لدي شكوك جدية حول فوائد كوفيد 19 بهيدروكسي كلوروكين، وأنا أتطلع إلى هذه المسألة، لكنني أعتقد أنه لا يمكن التطرق إلى نزاهة البحث فقط عندما لا تسير مقالة ما في اتجاه يؤيد تصوراتنا المسبقة. وختم بالقول: لقد أضفت اسمي إلى الرسالة المفتوحة بقلب ملئه الأسى. وأعلنت السلطات الجزائرية منذ بداية هذا الجدل عدم تخليها عن بروتوكول هيدروكسي كلوركين، بسبب انعدام أي مبرر للتخلي عنه، مؤكدة على فعاليته، وذلك بعد انخفاض عدد حالات الوفيات التي تتراوح ما بين 6 و9 ضحايا يوميا، مقارنة بالأيام الأولى للجائحة، حين لم يُستخدم فيها البروتوكول بعد، حيث كان يتراوح عدد حالات الوفيات من15 إلى 20 ضحية يوميا.