عبد الناصر منذ أزيد عن نصف قرن قال دافيد بن غوريون إن العرب لايقرؤون وإذا قرؤوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون... أما الآن فقد اتضح أن العرب لا يتقنون شيئا وكل الأحداث عندهم سيان، من هزيمة الذل في حرب الستة أيام عام 1967 إلى صمود الشرف في صائفة 2006. ومن المضحكات المبكيات أن بعض العرب يحتفل في كل أكتوبر بما يسميه انتصار العبور الذي أضاع بصفة رسمية الجولان والضفة والقدس ولا يحتفل بما تحقق على يد أبطال حزب الله خلال آخر عدوان.. ومن المضحكات المبكيات أيضا أن زعماء مختلف التيارات اللبنانية بدل الإجتماع على طاولة فرح في بنت جبيل أو مارون الراس للإنتشاء بنخب النصر، طاروا إلى باريس في احتفالية نشر الغسيل على قمة برج إيفيل ليتعاطوا حتى الثمالة من الكأس الغربية. منذ هزيمة 1948 عندما سقطت خمسة جيوش عربية بالضربة القاضية أمام عصبة من اليهود ومرورا بالعدوان الثلاثي عام 1956 وهزيمة العار عام 1967 والعبور نحو المجهول عام 1982، منذ تلك الهزائم والعالم يشهد أن إسرائيل كانت دوما كمشة من الجنود الذين يسحقون أمة من الدول والشعوب والجنود العربية، ومع ذلك صنعنا من تلك الهزائم انتصارات ومن قادتها رموزا أقمنا لهم التماثيل ومنحناهم النياشين... أما الآن وعندما تمكنت زمرة من أشبال حزب الله دون دعم حتى من الحكومة اللبنانية من كسر شوكة اسرائيل التي أصبحت الآن دولة كبيرة وبدعم من الأمريكان والغرب وحتى العرب، تجاهلنا ما تحقق وهو إن لم يكن انتصارا فهو بالتأكيد ليس هزيمة وإن لم يكن لإسرائيل هزيمة فهو بالتأكيد ليس انتصارا وذاك في حد ذاته معجزة نخشى أن لا تتكرر... المشكلة أننا انهزمنا منذ ستين عاما فكان عبد الوهاب وفريد وأم كلثوم يتغنون ب "النصر" و ب "صانعيه" والآن لا أحد يذكر حتى نسمات الصيف الماضي عندما استعملت إسرائيل كل ما تملكه ومايملك حلفاؤها لأجل تحقيق أهداف ظنتها هينة فعجزت وركعت تتوسل قرارا أمميا ينقذها من الكارثة.. أمة لا تتقن أخذ الدروس، لا تتقن الحزن ولا تتقن حتى الفرح حري بها أن تجيب عن سؤال طرحه الشاعر نزار قباني منذ سنوات "متى يعلنون وفاة العرب؟...