"إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون".. حتى هذا الرد البائس الذي وُوجه به موسى في حربه مع بني اسرائيل من قبل بعض من قومه، لم يحققه حزب الله في أشرف معارك العرب مع اسرائيل على الإطلاق، إذ لم تكتف بعض الأنظمة العربية بالقعود والتفرج على الاقتتال فتخندقت في الصف المعادي الآخر وكشف أولمرت الفضيحة ولم يجد كشفه أي نفي أو انتقاد! عبد الناصر الذين ساعدوا صدام حسين ضد زحف الخميني بمئات الملايير من الدولارات لأجل أمريكا، ثم انقلبوا على صدام أيضا لأجل أمريكا فمنحوها المال والقواعد العسكرية، والذين ساعدوا المجاهدين الأفغان ضد زحف الشيوعية بالرجال والعتاد والأموال لأجل أمريكا، ثم انقلبوا على "الأفغان" أيضا من أجل أمريكا.. عندما شاهدوا هذه المرة قيادة أمريكية مباشرة للحرب ضد حزب الله وبقايا الصامدين في الوطنين العربي والإسلامي لم يجدوا حرجا في قذف حزب الله بتهمة "المغامر" وبضخ نصف مليار دولار لحكومة السنيورة حتى تكرر السنفونية التي وجدت من أجلها وهي "نزع سلاح حزب الله".. والسعودية هي من الدول النادرة التي أوقفت مساء الخميس مسيرة مناصرة لحزب الله في الوقت الذي سمحت إسرائيل بمسيرات منتقدة لسياسة أولمرت في قلب تل أبيب. السيد حسن نصر الله خرج لأول مرة من "حلمه" وهو يكشف لعبة مد الضوء الأخضر للمعتدين والمال "الزائل" للضحايا، وقال بالحرف الواحد "لبنان لا يريد مالا ولا غذاء.. لبنان يريد وقفة شرف في وجه أمريكا.. كونوا رجالا ليوم واحد واطلبوا من أمريكا وقف القتال!". وإذا كانت اسرائيل وأنجلترا وأمريكا قد أخذت خطاب السيد نصر الله مأخذ الجد، فإن الأنظمة العربية جمعاء واصلت سياسة "النعامة" موهمة نفسها بأنها غير مقصوة من صيحة "كونوا رجالا ليوم واحد فقط".. خاصة أن السيد حسن نصر الله تكلم عن العروش والكراسي المتواجدة على أرض زلزالية سوف تهتز مع ارتدادات الشرق الأوسط الجديد.. وكانت كلمة نصر الله فعلا استفزازية ومؤثرة إلى درجة أنها حركت شافيز في أقصى الدنيا فسحب سفيره من اسرائيل، ولم تحرك ساكنا الدول التي تضم سفارات في شكل ثكنات للكيان الاسرائيلي على أراضيها. "الشروق اليومي" زارت الأردن في مارس 2002 والقاهرة في سبتمبر 2002 وحاولنا تقصي مكان تواجد السفارة الإسرائيلية في هذين البلدين وأدركت استحالة رؤية المبنى فما بالك الاقتراب منه، مما يوحي أن مصر والأردن ينفقان ميزانية كاملة للمحافظة على سلامة هذه السفارة، وهي ميزانية تفوق بالتأكيد ما ينفق على سلامة الملك عبد الله والرئيس حسني مبارك. وإذا كان الثلاثي "الأردن والسعودية ومصر" قد عبّر عن مشاعره الحقيقية فإن "صمت" بقية الأنظمة جعلها أقرب للمتورط، وحتى ليبيا التي صنع زعيمها بعد مجزرة قانا 1996 عدة مهرجانات حيث انتقل عام 1997 إلى داكار وأقام صلاة جمعة خاصة بمجزرة قانا قام فيها بتوزيع صور ضحايا المجزرة مرسومة على ألبسة للأفارقة.. ليبيا التي كانت على الأقل "تتكلم" وذلك أضعف من أضعف الإيمان، صمتت هذه المرة بفعل خلافها مع حزب الله، خاصة أن حسن نصر الله اتهمها صراحة منذ عام باغتيال موسى الصدر الزعيم الشيعي الأسطوري الذي خرج من لبنان ولم يعد، حتى دول المغرب العربي البعيدة جغرافيا عن الصراع بكمت، وحملات التطوع وجمع المال والعتاد ووقفات الصمت والاعتصام لم يكن من جدوى منها ما دامت دول أوربية وغير معنية بالقضية فعلت أكثر من ذلك لأسباب إنسانية. هذا الجبن النعامي جعل اسما غير عربي لأول مرة في تاريخ الحروب مع إسرائيل يدخل معادلة الصراع، وهو إيران التي استفادت فعلا من الركوع الطوعي للقادة العرب وصلاتهم باتجاه قبلة البيت الأبيض، وما يقوله أحمدي نجاد منذ بداية الحرب أمام الملأ: »إسرائيل دولة لقيطة.. ويجب إزالتها من الوجود.. ولا مجال لتعايش الشرفاء مع اللقطاء« مثل هذا الكلام العلني لرئيس غير عربي لا يتجرأ أي زعيم عربي على قوله ولو في ما بينه وبين نفسه. أخجلتنا جميعا حسن نصر الله وأنت وحدك تقاتل العالم »وتقاتلنا« للأسبوع الرابع في معادلة هي أشبه بالمعجزة، فمنذ حوالي أربعين سنة في حرب 1967 عندما كانت إسرائيل وحيدة من دون أمريكا، أنهت حربها على كل العرب المدعمين بالاتحاد السوفياتي وبالمعسكر الشرقي في ستة أيام فقط، فحطمت 400 طائرة حربية مصرية و800 دبابة مصرية و110 دبابة أردنية وأغرقت ثلاث سفن بحرية في قصف دام 70 دقيقة فقط فقتلت 20 ألف مصري و6094 أردنيا و445 سوريا ولم تفقد من العتاد شيئا ما عدا مقتل 872 جنديا، وكانت النتيجة احتلال سيناء المصرية والضفة الأردنية والجولان السورية وكل فلسطين مع تهجيز 200 ألف فلسطيني نحو لبنان والأردن وسوريا، حدث هذا في ستة أيام عندما كانت الأنظمة تجتهد ولا تنال أجر النجاح والآن تخجل من »لا دولة ولا جيش« تُجبر على معركة تشنها دولا كبرى فتحقق أساطير وانتصارات أصبحت تثير حساسية أنظمة مازالت تنادي بالسلام بالرغم من أن إسرائيل تجيب صراحة في (قانا) وفي غيرها بأن الحلم يجب أن يكون دمويا. بن غوريون قال منذ نصف قرن إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يطبقون.. وأولمرت أدرك أنهم أصلا لا يقرؤون فما بالك بالفهم وبالتطبيق. حزب الله أطلق 2295 صاروخ على إسرائيل ذكرت مصادر إسرائيلية أنه قد سقط في إسرائيل منذ 12 جويلية 2295 صاروخ، أدت إلى مقتل 28 شخصا وإصابة 1771 بالإضافة إلى 1111 إصابات بالهلع. وقد قالت نفس المصادر إن كريات شمونه سقط فيها أكبر عدد من الصواريخ قدرت ب 485 صاروخا. وفي نهريا سقط بها 433 صاروخا، وفي عمونة سقط بها 423 وفي صفد 312 وفي كرمئيل 131 وفي طبريا 109 وفي حيفا 65 وفي عكا 68 وفي منطقة زبولون 61 وفي الجولان 54. وفي العفولة سقطت 9 صواريخ بعيدة المدى.