أكدت مصادر دبلوماسية عودة سفير الجزائربفرنسا، صالح لبديوي، الى مزاولة عمله بباريس بعد أزيد من أسبوعين من مغادرته لها، بناء على استدعاء من وزارة الجزائرية، احتجاجا على إساءات فرنسية للجزائر. وكان بيان صادر عن الخارجية الجزائرية، في السابع عشر من الشهر الجاري، أعلن استدعاء السفير لبديوي الى اجل غير مسمى للتشاور، بسبب سلسلة من الإساءات التي قامت بها وسائل اعلام عمومية فرنسية تجاه الجزائر وبعض مؤسساتها. وقال المصدر ذاته ل "الشروق" ان السفير الجزائري عاد مطلع الأسبوع الجاري، وهي العودة التي كانت مسالة وقت فقط، بعد المكالمة التي جمعت الرئيس عبد المجيد تبون بنظيره الفرنسي في الثاني من الشهر الجاري، أبدى من خلالها ماكرون حسن النية لتصفية الأجواء. وتعني عودة السفير الجزائري الى باريس، زوال مبررات استدعائه، بمعنى انقشاع الضباب الذي خيم على العلاقات الثنائية منذ أزيد من سنة، بسبب الاشتباه في ضلوع السلطات الفرنسية في إرباك الوضع السياسي، من خلال محاولتها التأثير على الجبهة الداخلية وتوجيه الأحداث، في وقت كانت البلاد تعيش ظرفا خاصا في أعقاب اندلاع الحراك الشعبي. وقد سبق سحب سفير الجزائربباريس، استدعاء الخارجية للسفير الفرنسي، كسافيي دريانكور، وأبلغته انزعاج السلطات الجزائرية من استضافة قناة فرانس 24 التابعة للخارجية الفرنسية، فرانسيس غيلاس، احد المتطرفين الفرنسيين، وهو يهودي من أصل جزائري، اعتبر كلامه تزييفا لبعض الوقائع. وتعتبر حادثة استدعاء سفير الجزائربباريس، الأولى من نوعها منذ أزيد من عقدين من الزمن، لكن السؤال الذي يتعين طرحه هنا، هل يمكن للرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، ضمان تجسيد الوعود التي يكون قد اعطاها للرئيس تبون في المكالمة الهاتفية، في دولة كثيرا ما تحججت بوجود حرية تحول دون مراقبة ما يصدر عن الأوساط الإعلامية التي اعتادت الإساءة للجزائر ورموزها وتاريخها. عودة سفير الجزائربباريس لمزاولة عمله، كان منتظر بالنظر لتشابك العلاقات والمصالح الجزائرية الفرنسية، فهناك الملايين من الجزائريين يقيمون على التراب الفرنسي، كما ان لفرنسا امتيازات لا تحصى في الجزائر، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية والثقافية، التي تراهن فرنسا على الحفاظ عليها، خوفا من خسارة نفوذها الحيوي في مستعمرتها السابقة. وفي سياق ذي صلة، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن السفير الفرنسي بالجزائر، كسافيي دريانكور، يحضر لحزم أمتعته والعودة إلى بلاده قبل أن يتم شهر أوت المقبل، بعد أزيد من سنة قضاها في ظروف غير عادية، بسبب الضغط الذي سلط عليه من طرف السلطات الجزائرية، منذ تسرب إشاعات عن دور محتمل لباريس في زعزعة استقرار الجزائر. وخلال تلك الفترة تسربت معلومات عن طلب السفير الفرنسي، الذي قضى عهدتين في الجزائر، من رئيس بلاده إعفاءه من منصبه، بسبب عدم قدرته على أداء مهامه كما يجب، بسبب انقطاع حبل الثقة بينه وبين الخارجية الجزائرية، غير أن قصر الايليزي قرر الاحتفاظ به الى غاية شهر أوت المقبل، والذي يتزامن وموعد تقاعده.