تميزت جلسة اليوم الثالث من المحاكمة في قضية على حداد بفضح وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد، لعدد من إطارات الدولة الذين طلبوا من رجل الأعمال والرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال "الأفسيو"، مزايا مقابل منحه صفقات وأراض عن طريق التراضي أو ما يعرف ب"قري قري"، على شاكلة مسكن بإقامة الدولة والحصول على هكتارات الأراضي، أو التوسط للالتحاق بمدارس دولية. وبعد إصدار الأحكام المتعلقة بقضية "سوفاك"، باشر القاضي عبد العزيز بوضياف جلسة اليوم الثالث من المحاكمة في قضية "علي حداد" ومن معه والتي استهلها باستجواب الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية والنقل عمار غول. أكد أنه لم يمض على أي مقرر ولم يمنح اي امتياز لحداد أو غيره غول يمسح "الموس" في بوتفليقة أكد الوزير السابق للنقل والأشغال العمومية عمار غول، بلغة الواثق جدا أنه غير معني بقضية الحال، كونه لم يوقع على أي قرار ولم يمنح أي امتياز سواء لحداد أو غيره، وقال مخاطبا هيئة المحكمة "ربي كما خلقتني.. فأنا لا أملك لا مؤسسة أو شركة خاصة"، مشددا على أن جميع القرارات صادرة عن مجلس الحكومة تحت إشراف وموافقة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. القاضي: أنت متهم بجنح منح عمدا امتيازات غير مبررة عند إبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية وإساءة استغلال الوظيفة عمدا من طرف موظف عمومي على نحو يخرق القوانين والتنظيمات وتبديد أموال عمومية وتعارض المصالح وفقا للقانون رقم 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. هل تعترف أم تنكرها؟ عمار غول: بسم الله الرحمان الرحيم. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء. سيدي الرئيس، أفند تفنيدا قاطعا هذه التهم.. ثانيا كل الملفات التي تخصني لم أخالف فيها القانون والتنظيم… فأنا قمت بتنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وقرارات الحكومة… ليس لي السلطة القانونية لأرفض تعليمات أو عدم تطبيق برنامج الرئيس، ومع هذا سيدي القاضي فأنا لم أوقع على أي قرار ولم أمنح أي امتياز لصالح مجمع حداد أو غيره، بل بالعكس، حافظت على المال العام ومصلحة بلادي ولا يوجد أي ضرر أصاب الخزينة، بل بالعكس، تم تحقيق أرباح كثيرة للخزينة. القاضي: بالنسبة للامتيازات المينائية الممنوحة… ومنها منح رخصة امتياز لمجمع حداد من أجل استغلال فضاء مينائي في ميناء جن جن بجيجل سنة 2014؟ غول: شغلت منصب وزير نقل لمدة 18 شهرا، وهذا الامتياز لم يمنح في فترة إشرافي على الوزارة، فأنا غادرت الوزارة 18 ماي 2015، والاتفاقية تم إمضاؤها في 30 ديسمبر 2018. القاضي: وماذا عن رخصة الامتياز لتحيين المساحة التي كان يشغلها مجمع حداد منذ 2004 بميناء عنابة؟ غول: تحيين المساحة تم كذلك بعد مغادرتي لوزارة النقل، ولعلمكم سيدي الرئيس "ليس لي السلطة القانونية لأرفض أو لا أطبق قرارات بوتفليقة". القاضي: ماذا بالنسبة لمشروع السكة الحديدية تلمسان العقيد عباس الذي تكفلت به شركة تركية لديها خبرة في إنجاز سكة أنقرة أسطنبول، لكن بعدها تم تغيير الشركة؟ غول: أنا تقلدت منصبي في وزارة النقل بعد انطلاق المشروع الذي كان منذ سنة 2009.. ولما علمت بعراقيل المشروع الخاص بالسكك الحديدية راسلت الوزير الأول لإيجاد حل وبدوره قال أنه لا يمكن إلغاء العقد، لأن ذلك سيتسبب في إشكالات مع الدولة وأمرني بالتنسيق مع وزارة المالية لمراعاة الحل الودي وفسخ العقد مع الشركة الأولى fcc وتعويضها بالشركة mapa وكان هناك مقترح لدخول مجمع حداد بنسبة 51 بالمائة في المشروع. القاضي: فيما يخص ملف الشبكة المتعددة القنوات على مستوى الطريق السيار شرق – غرب تم عن طريق التراضي البسيط؟ غول: هذا المشروع ذو أهمية كبرى وخاصة من أجل الربط بالألياف البصرية وعلى هذا الأساس رفعت الوزارة مقترحا للحكومة ليمر بالتراضي البسيط، خاصة أن الوكالة الوطنية للطرق السيارة في 2010 حضرت دفتر الشروط وتم رفعه للجنة الوطنية للصفقات، لكنه بقي معلقا مدة عام كامل، وفي 14 مارس 2012 أبرق رئيس الجمهورية بوتفليقة بتعليمة مستعجلة للإسراع في تنفيذ البرنامج الخماسي مع منحه رخصة الجوء للتراضي البسيط في الصفقات المتأخرة والتي تحمل طابع الأولوية الوطنية… القاضي: لكن لماذا هذه الشركة بالذات، اي بصريح العبارة مجمع حداد؟ غول: في البداية كان هناك تفاوض مع "كوسيدار"، لكنها منحت تكلفة كبيرة ومن أجل ذلك قدم مجمع حداد تكلفة أقل وهو ما أهلها للحصول على المشروع… سيدي الرئيس "أنا واحد من 40 وزيرا ليس لي الصلاحيات لاتخاذ القرارات". ويتابع غول وهو يرد بغضب على القاضي : "كل الطرق السريعة في الجزائر تم منحها بالتراضي للشركات الخاصة"، وأضاف "مجمع حداد هو عملاق في مجاله ولا غبار على المشاريع التي تحصل عليها". القاضي: وما ردك حول مشروع الطريق السيار شطر الأخضرية البويرة الذي تم منحه بالتراضي البسيط؟ غول: نفس الكلام سيدي الرئيس، تم اتباع تعليمات الرئيس الذي أمرنا بتشجيع القطاع الخاص للحصول على صفقات بالتراضي وأعلمنا اذا كانت تكلفة الصفقة أقل من 10 ملايير دينار يصادق عليها مجلس الحكومة، وإذا كانت أكبر من هذه القيمة تمر على مجلس الوزراء، وبالنسبة لمشروع الأخضرية البويرة، فإن الوزارة اقترحت على الوكالة الوطنية للطرق السريعة والتي أمرت بدورها بإنشاء لجنة خاصة لتقييم العروض والتفاوض وتم إخبار الأمين العام لرئاسة الحكومة بالنتائج، عن طريق مراسلة، وحينها قدمت كوسيدار مبلغا كبيرا بحوالي 11.1 مليار دينار، وهو أكبر من رخصة البرنامج وتم رفضها لتعيد تقديم تكلفة أخرى بقيمة 10.7 مليار دينار التي تم رفضها هي الأخرى لتخفض في الأخير إلى 9.8 مليار. لعلكم سيدي الرئيس، مشاريع الطرق السريعة انطلقت منذ 1990 ولم أكن حينها وزيرا للأشغال العمومية… سيدي القاضي على مدار 30 سنة تعاقب على الوزارة أكثر من 20 وزيرا، لماذا عمار غول بالذات..؟ وفي هذا الأثناء يتدخل وكيل الجمهورية ويسأل غول: "لماذا تقول إن رئيس الجمهورية كلفني بهذا المشروع بالذات وهي المشاريع التي تسير بمجرد تعليمة..؟ ليرد عليه قائلا "لأن هذا المشروع يخص تهيئة شبكة الطرق والأنابيب وإدخال الألياف البصرية وهو مشروع للمنفعة العامة"، ويقاطعه الوكيل "أنتم تدخلتم وراسلتم الوزير الأول من أجل مراسلة وزير المالية لمنح غلاف مالي جديد للمشروع الذي حصل عليه حداد؟ ولكن القانون يقول أنه ينبغي أن يمر الملحق على مجلس الوزراء، وأنت قلت أن الصفقة تمت في إطار القانون؟ ليجيب عليه غول "أنا لم أمض وليس لي دخل، ووزير المالية هو من لديه السلطة لاتخاذ قرار… والله ماعندي حتى دخل سيدي الرئيس". القاضي مجددا: بالنسبة لمشروع تهيئة المطار الدولي الجديد وربطه مع الطريق السريع، منحتم الصفقة بالتراضي وبررتم ذلك بالخطر الداهم الذي يهدد المشروع والمصلحة العامة؟ غول: "الاستعجال" أقرته الحكومة من خلال مجلس الوزراء المشترك المؤرخ في 30 ماي 2004 الذي قرر تسجيل العملية بصفة مستعجلة من أجل إنجاز فوري لهذا المشروع ومن دون تأخير، وهذا في إطار التحضير للقمة العربية… وقد تلقيت أمرا بصفتي وزير أشغال عمومية لإنجاز المشروع في أجل أقصاه 6 أشهر، كما أن اللجوء إلى التراضي البسيط جاء تطبيقا لقرار الحكومة. القاضي: وماذا عن مشروع السكك الحديدية الرابط بين تيزي وزو وواد عيسي..؟ غول: هذا المشروع يعود لسنة 1988 أي عنده أكثر من 30 سنة، أخطرت في 2014 بأن هناك مشكلا لمشروع معلق منذ 2008 وتم اتخاذ الإجراءات لحل المشكل… لم أكن وزيرا لما منحت لجنة الصفقات العمومية الإعفاء من غرامة التأخير سنة 2008… المجمع دفع التكلفة الشاملة لغرامة التأخير، ثم طلب التسوية والتعويض وبقي الملف معلقا لخمس سنوات، وتم اتخاذ قرار بالإجماع لحل المشكل الخاص بمجمع OZGUN /ETRHB.. لكن سيدي الرئيس لست من قدم الترخيص لوكالة "Anessrif" بإعفاء المجمع من دفع الغرامات والتي بلغت 37 مليار سنتيم. وزير الأشغال العمومية السابق عبد القادر قاضي: لا تيلفون… لا تعليمات… لا ضغط أنكر وزير الأشغال العمومية سابقا، عبد القادر قاضي، وزير الأشغال العمومية السابق التهم الموجهة إليه، وأكد أن كل ما قام به هو تنفيذ تعليمة الوزير الأول لتسوية الصفقات المتأخرة، نافيا أن يكون قد تلقى اتصالات هاتفية أو تعليمات أو تعرض للضغط أثناء تأدية مهامه. القاضي: أنت متهم بجنح منح امتيازات غير مبررة واستغلال الوظيفة وتبديد أموال عمومية؟ تفضل دافع عن نفسك؟ عبد القادر قاضي: أنكر هذه التهم جملة وتفصيلا. القاضي: بالنسبة لمشروع الطريق السيار الرابط بين واد الفضة بخميس مليانة على مسافة 75 كلم والذي تأخرت الأشغال فيه؟ عبد القادر قاضي: اتصلنا بوزارة المالية التي هي الآمر بالصرف… في 2010 انطلق المشروع… وأنا اتصلت بلجنة الصفقات العمومية لإنهاء الإشكال بعد توقف هذا الأخير لمدة أربع سنوات، وبعدها وصلتنا تعليمة من الوزير الأول لتسوية وضعية المشروع. القاضي: ألم تكن هناك تحفظات؟ عبد القادر قاضي: لا، لم تكن هناك أي تحفظات… لست معنيا بهذه الصفقة التي تسببت في ضياع مبلغ 4 ملايير، أما فيما يخص الصور تم التقاطها في 2019 و2020. القاضي: بالنسبة لمشروع طريق ميناء "جن – جن" بولاية جيجل والطريق السريع.. في شهادة مدير الوكالة الوطنية للطرق السيارة أثناء التحقيق يقول فيها أنك دفعت للشركة بالعملة الصعبة الأورو أو الدولار؟ عبد القادر قاضي: كيف أدفع بالعملة الصعبة..؟ الدفاع يسأل عبد القادر قاضي إن كان قد حصل على الإذن من الحكومة أو رئيس الجمهورية؟ أو تلقى أوامر بالهاتف؟ ليرد عليه "التعليمات صدرت من رئيس الجمهورية" ولا وجود لا ل"التيليفون".. ولا ل"التعليمات" ولا أي "ضغط". السكن في إقامة الدولة مقابل مشاريع الامتياز أوقع وكيل الجمهورية، الوالي السابق لولاية البيض عبد الله منصور عندما واجهه بمطالبة هذا الأخير من علي حداد التوسط له من أجل الحصول على سكن بإقامة الدولة بنادي الصنوبر، مقابل منح الامتياز له والمتمثل في قطعة أرض تقدر مساحتها ب50 ألف هكتار. وفي رده على أسئلة القاضي، أنكر الوالي السابق عبد الله منصور جميع التهم الموجهة له، وأكد أنه في إطار برنامج الحكومة المتعلق بمشاريع ذات المساحة الكبرى أكثر من 300 هكتار فإن مديرية الفلاحة هي المسؤولة على تنفيذ الأوامر، وقال "أنا منحت قطع الأراضي حسب محتوى المشروع وهذا الأخير الذي يبرر المساحة الممنوحة للمستثمر". ويتدخل القاضي ويسأله "هل توجد اتصالات هاتفية بينك وبين علي حداد، هل تعرفه معرفة شخصية"؟ ليرد عليه: "لا"، ويقاطعه الحديث وكيل الجمهورية "أنت طلبت منه أن يتدخل لك للسكن في نادي الصنوبر؟ ليجيب عليه لا علاقة لي بهذه بالقضية، قبل أن يختم ممثل الحق العام إستجوابه بسؤال مفتوح قائلا "يعني لا علاقة لهذا ب50 ألف هكتار التي أمضيت عليها..؟؟". ثانوية "أليكسندر" مقابل مشروع ملعب تيزي وزو وبالمقابل، فضح وكيل الجمهورية، مدير مديرية الشباب والرياضة لولاية تيزي وزو الطاش عبد الرحمان، الذي طلب من حداد التوسط من أجل إدخال أبنائه الثانوية الدولية "اليكسندر دوما" الواقعة بأعالي بن عكنون بالعاصمة، مقابل منحه مشروع بناء ملعب تيزي وزو. ونفى المتهم ألطاش التهم الموجهة إليه من طرف القاضي، الذي حاول معرفة العلاقة بينه كمدير لمديرية الشباب والرياضية لولاية تيزي وزو ومشروع بناء ملعب الولاية، الذي تحصل عليه مجمع حداد، إلا أن وكيل الجمهورية كشف ذلك من خلال مواجهة المتهم بالاتصالات الدائرة بينه وبين حداد، أين طلب منه التوسط له لإدخال أبنائه للثانوية الدولية ببن عكنون "اليكسندر دوما"؟ لكن المتهم ألطاش أنكر ذلك وقال "طلبت منه ذلك لأن أحد أعضاء "الأفسيو" كان عضوا أيضا في "الثانوية"، ليرد عليه وكيل الجمهورية "يعني هذا الطلب تصادف مع حصول حداد على المشروع؟"، ليجيبه "أنا مدير مديرية الشباب والرياضة ولا علاقة لي بمنح الصفقات وما أقوم به هو فقط الإمضاء على الملحق بعد منح لجنة الصفقات العمومية الموافقة، أما الطلب الذي قدمته لحداد لم يجبن عنه ولم أتحصل على أي خدمة منه".