شرعت القيادات المؤسسة للتجمع الوطني الديمقراطي، في التحضير لمرحلة ما بعد أحمد أويحيي، بإعداد قائمة بالمرشحين لخلافته، وفي ظل إجماع حول شخص عبد القادر بن صالح كمرشح لتولي هذه المهمة، أرجع أعضاء مؤسسون انسحاب أويحيي وتقديم استقالته إلى يقينه أن الانقلاب المزمع ضده في دورة المجلس الوطني، كفيل بإنهاء عهده ،بعد أن انضمت أسماء من محيطه ورجالات ثقته في المكتب الوطني "للمؤامرة" وجميع التنظيمات الممثلة في الحزب. أكدت مصادر الشروق أن إعلان أويحيي استقالته وتنحيه من أمانة التجمع الوطني الديمقراطي، أملته مجموعة من الظروف والمعطيات المماثلة للمعطيات التي أنهت زمن سابقه الطاهر بن بعيبش، وقالت مصادرنا أن تسارع الأحداث في الساعات الأخيرة جعلت أويحيي يتيقن أنه سيلقى نفس مصير بن بعيبش، وذلك بعد اطلاعه على عريضة سحب الثقة التي كانت قد أحصت 127 توقيع، من بينها أسماء من ديوانه ومكتبه الوطني مقربة جدا منه، لكن ليس بقدر قربها وولائها لمراكز صنع القرار. فالتحاق أسماء من المركزية النقابية كان آخرها عبد القادر مالكي الذي حرص دوما أن يكون ظل أويحيي بالمنشقين، ومباركة منظمتي الأسرة الثورية ممثلة في السعيد عبادو وخالفة مبارك لمسعى الإطاحة وباقي التنظيمات الستة التي تدور في فلك الأرندي إلى جانب تزكية الوزراء هذا المسعى، كلها عوامل أقنعت الوزير الأول المبعد أن هدف الحركة التصحيحية أكبر من أن يوكل إلى يحيي قيدوم أو الطيب زيتوني أو نورية حفصي، خاصة وأن حصيلة نشاط الحركة التقويمية للأرندي طيلة 8 أشهر، تحمل 3 بيانات فقط، مضامينها لم تتغير بتغير تواريخ صدورها، و3 اجتماعات جهوية، يبدو أنها لم تؤثر في حصائل الحزب بدليل نتائج الإنتخابات المحلية وانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة رغم انضمام أمين عام الرئاسة أيام اليامين زروال، عمار زڤرار، وما أشيع عن وقوف الجنرال المتقاعد بتشين وراء مسعى إسقاط أويحيي. أويحيي الذي قال يوما عندما عرفت السجون سلسلة من الحرائق وهو وزير للعدل "لست من الفارين"، فر هذه المرة، وهرب بجلده بعد أن تمكن من فك شفرة الحركة التصحيحية وتحديد هوية الفاعلين والناشطين الجدد ضمنها، متفاديا بذلك مصير بن بعيبش قبل ثلاثة أشهر من انعقاد مؤتمر الأرندي، وقبل سنة من إنطلاق سباق الرئاسيات، وبذلك يكون قد فضل المغادرة قويا برصيد دبلوماسي وتنفيذي وسياسي معروف لدى الجميع، على أن يغادر من الباب الضيق، ذلك، لأن الاستماتة التي أبداها أويحيي في المسؤوليات التنفيذية تختلف عن المسؤوليات السياسية. بعيدا عن الاستقالة التي قال المؤسسون أنها كانت متوقعة في ظل تسارع الأحداث، أبدى هؤلاء إجماعا حول اسم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، كمرشح لخلافة أويحيي وتولي قيادة الأرندي في المرحلة الانتقالية التي سيمر عبرها للمؤتمر، رغم تداول ثلاثة أسماء في بورصة المنافسة، ويتعلق الأمر بكل من وزير الصناعة الشريف رحماني، ووزير المجاهدين محمد الشريف عباس، ووزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد، فيما أكدت مصادرنا أن كاتب الدولة المكلف بالشباب بلقاسم ملاح أعلن نيته في الاحتفاظ بحظوظه كاملة للترشح لمنصب الأمانة في المؤتمر. ورجحت مصادرنا حظوظ بن صالح في تولي الأمانة بالنيابة، وقالت صراحة بضرورة توليه مهمة تسيير شؤون الأرندي في هذا التوقيت بالذات لعدة عوامل، منها درايته بالمنصب الذي سبق وأن تقلده، وكذا الإجماع الذي يحوزه داخل المجلس والثقة الموضوعة في شخصه من قبل دوائر السلطة، والرئيس بوتفليقة، مقارنة بمنافسه وزير الصناعة الشريف رحماني الذي يفتقد للإجماع حسب مصادرنا، كما لا تتوفر فيه شرط التوزنات الجهوية، شأنه في ذلك شأن وزير المجاهدين الشريف عباس ووزير التربية أبو بكر بن بوزيد اللذين يبقى اسميهما لا يمثلان ثقلا في الساحة السياسية. في انتظار تشكيل لجنة لتحضير المؤتمر المرتقب في أجال ثلاثة أشهر، يبقى الأكيد أن وزير الصحة الأسبق، ومنسق الحركة التقويمية يحيي قيدوم خارج دائرة المنافسة لقيادة الأرندي بالنيابة لدواع صحية دون استبعاد الضرورة السياسية.