عاش سكان قرية مقنيعة وسائر قرى دائرة افرحونان بأعالي ولاية تيزي وزو، ليلة رعب حقيقية، صنعتها ألسنة اللهب المعانقة لسماء المنطقة طيلة 48 ساعة، وازدادت خطورتها مساء أول أمس، حين شارفت على بلوغ المنازل، ودفعت بالعائلات للفرار والمبيت خارجا، خوفا من ألسنة اللهب التي أخمدت بشق الأنفس، وبدون خسائر بشرية. حوّل تحالف الطبيعة وتواطؤ البشر، يوميات سكان ولاية تيزي وزو، خصوصا المناطق الجبلية منها هذه الأيام، إلى جحيم حقيقي، صنعه كابوس فيروس كورونا المترصد بهم في كل مكان، وزادته حرائق الغابات تأزما، ناهيك عن العطش المرافق لموجة الحرارة القياسية التي تضرب الولاية منذ أيام، دون ذكر الكر والفر الذي تعرفه مراكز البريد. الحرائق التي سجلتها ولاية تيزي وزو، يوم أمس، وصف فيها حريق افرحونان بالأخطر، حيث التهمت النيران من يزيد عن 20 هكتارا من الغطاء الغابي خلال 48 ساعة كاملة، رغم تجند المواطنين، السلطات المحلية، رجال الإطفاء وأعوان محافظة الغابات لإخمادها، إلا أن قوتها المستمدة من كثافة الغطاء الغابي والرياح المساهمة في انتشارها بسرعة، جعلت من مهمة هؤلاء تصعب أكثر فأكثر، ما جعلها تشارف على بلوغ المنازل، وتطرد العائلات من مساكنها خوفا من الأسوأ، حيث قضى السكان ليلة بيضاء تحت أضواء ألسنة اللهب، ورغم التمكن بشق الأنفس من إنهاء الخطر، إلا أن الليلة المرعبة تبقى عالقة في أذهان سكان المنطقة. موجة الحرائق والحرارة القياسية، رافقتها موجة عطش حادة في أغلب مناطق الولاية على غرار بوزقان، ازفون، مكيرة وغيرها من القرى التي خرج سكانها للاحتجاج على ما أسموه تهاونا من قبل السلطات المعنية، مستنكرين ندرة المياه الصالحة للشرب في ظروف مماثلة، حيث يتعذر عليهم جلبه عبر الصهاريج أو حتى من الينابيع والآبار. المعاناة لم تتوقف عند الظروف الطبيعية القاهرة، حيث امتدت إلى معاناة المواطنين للحصول على أموالهم من مراكز البريد، وحتى البنوك، لقلة السيولة وانعدامها أحيانا، ما يرفع من عدد المصابين بفيروس كورونا في طوابير الانتظار التي لا تراعى فيها أدنى إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي، مقابل تشبع المستشفيات والمراكز الصحية المخصصة لاستقبال الحالات المؤكدة. . م